التلوث الدراماتيكي للبيئة يلقي بظلاله على يومها العالمي
كشفت صور الأقمار الاصطناعية المخصصة لمراقبة البيئة، عند وضعها جنبا إلى جنب مع صور التقطت العام الماضي, مدى خطورة الوضع البيئي الحالي. وقد أشار تقرير البرنامج البيئي، التابع للأمم المتحدة، بمناسبة يومها العالمي أن سكان المدن يتحملون بالدرجة الأولى مسؤولية التدهور البيئي والذي تظهر نتائجه خاصة في المناطق النائية أو الأقل كثافة سكانية. ويعود هذا التأثير السلبي على البيئة إلى اتساع ظاهرة التمدن المرتبطة بكثافة سكانية عالية، مما يتسبب في استنزاف الإحتياطات المائية والموارد الطبيعية. وإضافة إلى ذلك تشكل مشكلة النفايات عبئا إضافيا يساهم في تفاقم هذه الأزمة. وفي هذا الصدد ناشد مدير البرنامج البيئي خلال عرض لصور الأقمار الاصطناعية سكان العالم، وخصوصا سكان الدول الصناعية, بحسن استغلال الموارد الطبيعية بما يضمن حماية البيئة المحلية والعالمية.
تحذير من مخاطر التلوث
أظهرت الصور الفضائية التي قدمها كلا من مركز الجيولوجيا ومؤسسة الفضاء العالمية "النازا" في الولايات المتحدة الأمريكية مدى خطورة الوضع بالنسبة لبعض كبريات العواصم العالمية، إذ أصبحت تواجه كارثة بيئية حقيقية. فقد تم الكشف عن تحولات دراماتيكية في محيط كل من بكين، وداكا، ودلهي ومدينة سانتيغو في الشيلي. كما أبرزت الصور الأضرار التي لحقت بالأراضي الزراعية والارتفاع في نسبة تلوث الأنهار المحاذية لهذه المدن. ولكن الأخطر من ذلك يبقى، حسب رأي الخبراء، هو النقص الحاد في إحتياطات المياه الجوفية ومما قد يترتب عنه من كوارث طبيعية وإنسانية خلال العقود القادمة يصعب التنبؤ بحجمها. ولهذا السبب يرجح بعضهم أنه من الصعب تجنب انعكاسات التدهور البيئي في ظل استمرار التلوث وغياب القناعات السياسية اللازمة لدى صناع القرار السياسي في غالبية الدول الصناعية. ويساهم توسع المجال الحضاري واكتظاظ كبريات المدن بالسكان نظراً لتزايد الهجرة القروية في تفاقم التلوث البيئي واستنزاف الموارد الطبيعية والمائية. وفي هذا الإطار دعى العديد من المراقبين والنشطاء في مجال حماية البيئة إلى اتخاذ خطوات حازمة لمزيد من "التحسيس" بمشاكل البيئة. كما يميل البعض إلى مطالبة حكومات الدول الصناعية بإعادة النظر في تعاملاتها مع الشركات والدول التي لا تحترم معاهدة كيوطو لحماية البيئة.
تحولات في المناخ العالمي
أصبح البحث عن آثار التلوث الناجم عن التحديث والتمدن لا يحتاج إلى البحث الطويل، فتجلياته لم تعد تخفى على أحد ورصده لم يعد يحتاج إلى آلات علمية معقدة. كما أن مشاهد التلوث البيئي أصبحت على مرأى ومسمع الجميع، و ظاهرة الاحتباس الحراري والأمطار الحمضية أصبحت تهدد سلامة محيطنا البيئي. وفي هذا السياق لا ينبغي أن ننسى الكوارث الطبيعية التي تعود وفقاً لآراء الخبراء إلى التغيرات البيئية الناجمة عن تقلص عدد الغابات وارتفاع معدل حرارة الأرض. أما تلوث المياه الجوفية ومياه الأنهار فتمثل تهديدا للسلامة الصحية. ولا يستبعد عدد آخر من المختصين في هذا المجال أن تكون للنزاعات العسكرية مزيدا من التأثير على سلامة البيئة لما تخلفه الآلة العسكرية من نفايات وأضرار بيئية في مناطق التوتر لعقود طويلة.
مؤتمر سان فرانسيسكو
تزايدت الأصوات المطالبة بتطبيق برامج فورية من أجل إنقاذ البيئة في الآونة الأخيرة بمناسبة اليوم العالمي للبيئة. الدول الصناعية بالبحث عن كيفية التوفيق بين الرغبة في التنمية الاقتصادية والصناعية من جهة، ومراعاة سلامة البيئة ونظافتها من جهة أخرى. وسيعمل مشروع "عقلنة" النمو الاقتصادي والحضاري على الحد من تراجع المحيط القروي، أو ما يعرف بالريف، بهدف الحد من اكتظاظ المدن وإيجاد مساحات خضراء فيها. وتحت هذا الغطاء عُقد مؤتمر سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا الأمريكية لبحث سبل الحد من التلوث البيئي. ولهذا الغرض تم استدعاء ما لا يقل عن 50 ممثل لمجالس البلديات من مختلف القارات أمس الأحد تحت شعار "من أجل مدن خضراء" من أجل المحافظة على سلامة البيئة. والجدير بالذكر أن ولاية كاليفورنيا الأمريكية معروفة بدفاعها عن القضايا البيئية، رغم تعارض هذا الموقف مع موقف الإدارة الأمريكية تجاه قضايا البيئة ورفضها التوقيع على اتفاقية "كيوطو" لتقليل نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. ففي الوقت الذي تتشاور فيه الحكومات حول سبل حماية البيئة بشكل لا يتعارض مع المصالح الاقتصادية و الديموغرافية يزداد ثقب الأوزون اتساعا.
طارق أنكاي