التقارب الأمريكي الإيراني يثير مخاوف إسرائيل ودول الخليج
٢ أكتوبر ٢٠١٣سعت الإدارة الأمريكية لتخفيف بواعث القلق الإسرائيلية بخصوص الحوار الدبلوماسي الأمريكي مع إيران قائلة إن "طهران يجب أن تثبت صدق نيتها بالأفعال في تخليها عن طموحاتها النووية". وأزعجت علامات التقارب الأمريكي الإيراني إسرائيل التي تتهم طهران بمحاولة كسب الوقت والتخلص من العقوبات الدولية المشددة مع مواصلة جهودها لاكتساب أسلحة نووية. وتنفي إيران أنها تعمل على صنع قنبلة ذرية.
وقد استضاف أوباما نتانياهو في البيت الأبيض الاثنين، بعد ثلاثة أيام فقط من إجرائه حديثا هاتفيا مع نظيره الإيراني الجديد حسن روحاني في أرفع اتصال بين البلدين منذ أكثر من 30 عاما، الأمر الذي زاد الأمل في حل أزمة الملف النووي الإيراني المستمرة منذ عشر سنوات.
التقارب الحذر بين طهران وواشنطن لم يقلق إسرائيل فحسب، بل حتى دول الخليج، الحليفة التقليدية لواشنطن في المنطقة، التي تتخوف من إمكانية زيادة النفوذ الإيراني في المنطقة. وفي سياق متصل، نقلت صحيفة الحياة اللندنية الصادرة يوم الثلاثاء عن وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة قوله إن الولايات المتحدة أبلغت دول مجلس التعاون الخليجي، وفي إشارة إلى العلاقة مع إيران، بأنها "لن تخطو خطوة" تتناول منطقة الخليج "قبل التشاور مع أصدقائها في المنطقة".
قبول على مضض
تطمينات أمريكية أرسلتها إدارة أوباما في كل الاتجاهات، فأي طريقة للتعامل مع الملف النووي الإيراني، سواء كان تعاملا دبلوماسيا أو عسكريا، قد يكون له الأثر الواضح على الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
ما يبدو واضحا أن دبلوماسية رجل الدين المعتدل حسن روحاني وابتسامته التي تدل على نفس جديد في السياسة الخارجية الإيرانية أجبرت أوباما على قبول فكرة التقارب الحذر من إدارة الرئيس الإيراني الجديد، مكرّرا في مناسبات عديدة أنه سيحكم على الأفعال لا على الأقوال.
وكذلك نتنياهو، الذي يشكك في نوايا إيران، أشار إلى قبول إسرائيل على مضض للتقارب الأمريكي الإيراني، لكنه طالب فيما يبدو بأن تقدم طهران تنازلات فورية بتعليق الأنشطة النووية الحساسة وإلا واجهت ضغطا دوليا أكبر.
وبهذا الشأن ترى رندة حيدر، الصحفية اللبنانية والخبيرة في الشؤون الإسرائيلية، في حوار مع DWعربية بأن "نتنياهو مقتنع بأن الخطاب الجديد الإيراني هو خديعة لكسب الوقت من أجل وصول طهران إلى عتبة القنبلة النووية"، مشيرة إلى اتفاق أوباما ونتنياهو على ضرورة وقف البرنامج النووي الإيراني، إلاّ أن الخلاف بينهما بقي عالقا بشأن الاستمرار في تشديد العقوبات على طهران. وأشارت السيدة حيدر إلى أن "هناك تساؤلات الآن إن كانت اتفاقات سرية أبرمت بين أوباما و نتنياهو بشأن الملف النووي الإيراني، لكن ما هو مؤكد أن الطرفان اتفقا على عدم السماح لإيران بالحصول على سلاح نووي وأن الخيار العسكري سيبقى مفتوحا"، وهو الأمر الذي أكده أوباما بنفسه.
لكن الخبير في الشؤون الإيرانية علي رمضان الأوسي رأى أن أوباما حاول التقليل من مخاوف الإسرائيليين بشأن التقارب الإيراني الأمريكي، "فأوباما وعد نتنياهو بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، ولكن لم يشر إلى منع إيران من امتلاك التقنية النووية السلمية، والفرق بين الأمرين شاسع جدا".
التوجس الخليجي
ويرى المراقبون أنه من المبكر الحكم على التقارب الأمريكي الإيراني بأنه تقارب جدي أو أنه مناورة من قبل طهران لكسب الوقت، لكن معظمهم يُجمع على أن القيادة الإيرانية بدأت تقلع عن سياسة العداء مع المجتمع الدولي والولايات المتحدة وفتح أبواب التواصل مع الغرب وذلك لأسباب داخلية وأخرى خارجية. "فالمطروح الآن ليس مجرد حوار، ولكن فتح مشروع تعاون استراتيجي بين القوى الدولية وإيران بخصوص ملفها النووي، وبقية الملفات الساخنة في المنطقة والتي هددت استقرار المنطقة في أكثر من مناسبة وهددت إمدادات النفط"، هكذا يصف صلاح سلام، رئيس تحرير صحيفة اللواء اللبنانية، الحراك الأخير بين طهران وواشنطن.
والمنطقة بحاجة إلى هذا التقارب الذي قد يساهم في إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة، لكن تبقى دول الخليج تنظر بعين الريبة لنوايا إيران، لاسّيما المتعلقة بتوسيع نفوذها في المنطقة وموقفها من دعم حلفائها بداية بحزب الله ونظام الأسد، وصولا إلىدعم بعض الاحتجاجات في البحرين والمناطق التي يتمركز فيها الشيعة في السعودية.
وأعرب روحاني، الذي اُنتخب في حزيران/يونيو، عن أمله في تحسين العلاقات بين بلاده ودول الخليج والتي تدهورت خصوصا على خلفية دعم طهران لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، علما أن السعودية وقطر تدعمان المعارضين السوريين. ويرى على رمضان الأوسي، الخبير في الشؤون الإيرانية، أن "سياسة الانفتاح الإيراني مع الولايات المتحدة تتعارض مع الأهداف الخليجية، فهذه الدول تورطت إلى حد كبير في بعض الأحداث الإقليمية، كما الحال في سوريا والعراق".
ويضيف الأوسي: "روحاني طالب بالانفتاح على السعودية بشرط أن تقوم الرياض بالتخلي عن سياسة التدخل في بعض دول المنطقة". ولم تعلق السعودية رسميا بعد على التقارب الظاهر بين الولايات المتحدة وإيران. وقد تساءل الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد في عامود نشره في صحيفة الشرق الأوسط "ليس مفهوما لماذا قرر أوباما فتح الباب المغلق أمام نظام أجمع كل الرؤساء الأميركيين على اعتباره شريرا ومواجهته بالاحتواء والحصار".