التعريف بالكتب المترجمة أول طرق وصولها للقراء
استضافت القاهرة الملتقى الدولي الثالث للترجمة بمشاركة نحو 200 باحثاً عربياً وأجنبياً. وفي إطار مؤتمر تحت عنوان "الترجمة ومجتمع المعرفة" تمت مناقشة علاقة الترجمة بعدد من القضايا، منها علم النفس واللغة العربية وحقوق الملكية الفكرية والعلاقات الثقافية بين الشعوب. واحتفل الملتقى، الذي اختتمت أعماله يوم الثلاثاء، 14 فبراير/شباط 2006، في نهايته بصدور الألف كتاب الأولى في المشروع القومي للترجمة، الذي يتبناه المجلس الأعلى للثقافة في مصر منذ عام 1995. وهو المشروع، الذي يهتم بترجمة كتب تشمل مختلف مجالات المعرفة الإنسانية من 30 لغة إلى العربية. ومن ضمن المشاركين في الملتقى: الإيطالية إيزابيلا كامارا، والبوسني بكر إسماعيل، والأمريكي روجر آلن، والسوداني الطيب الصالح، بالاضافة إلى أدباء آخرين من لبنان وسوريا ومصر. وقد عقد المؤتمر الأول سنة 2000 بعنوان "قضايا الترجمة ومشكلاتها"، بينما حمل الملتقى الثاني الذي أقيم في 2002 اسم "الترجمة والتفاعل الثقافي". وتم في مؤتمر هذا العام تكريم عشرة مترجمين اجانب وعرب نقلوا مؤلفات عربية الى لغات أجنبية، من بينهم الفلسطينية سلمى خضراء الجيوسي والايطالية ايزابيلا كاميرا دي فيلتو والأميركي روجر الن وفاليريا كيريتشينكو.
"بعيداً عن لغة الحياة"
وفي طاولة مستديرة اعتبر الباحث والمترجم ماهر شفيق أن قلة الإقبال الأوروبي والغربي بصورة عامة على المؤلفات العربية المترجمة الى اللغات الأجنبية، رغم الجهود المبذولة، سببه "اكتفاء الغرب بالنتاج الأدبي الذي يملكه منذ فترة طويلة". وأضاف ماهر شفيق "الأدباء العرب يميلون إلى لغة تعتمد الصيغة البلاغية بعيداً عن لغة الحياة التي أصبحت تميز الأدب الغربي، ولو استخدم العرب لغة الحياة لتحسن توزيع الكتاب العربي بشكل كبير". لكن غالبية المشاركين أشاروا إلى أنه من الضروري ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى، وخصوصا ان الاهتمام بالترجمة قد بدأ متأخراً نسبياً لأسباب عدة أهمها حداثة تاريخ الرواية العربية، الذي يعيد البعض ميلاده إلى مطلع القرن الماضي مع رواية "زينب". ومن المعروف أن الاهتمام العالمي بالرواية العربية المعاصرة جاء بعد فوز الروائي المصري نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب عام 1988، حين سُجل ارتفاع ملحوظ لعدد الروايات والكتب الأدبية المترجمة إلى مختلف اللغات الأوروبية.
لسان: مجلة عن الكتب العربية المترجمة للألمانية
يعد التعريف بالثقافة العربية في الدول الناطقة بالألمانية من أهم أهداف دار النشر السويسرية "لسان". وتهتم هذه الدار أيضاً بتوفير مواد تعليمية خاصة لتدريس اللغة العربية للناطقين بالألمانية. د. حسن حماد، عالم الآداب المصري، الذي أنشأ دار لسان، يضع الأدباء الشباب العرب في مركز اهتمامه، ويسعى إلى ترجمة أعمالهم إلى الألمانية. في هذا الإطار تهتم دار النشر أيضاًُ بتقديم الأدباء الشباب للعالم الغربي، خاصة من يطلق عليهم "جيل التسعينات" من الأدباء المصريين مثل ميرال الطحاوي ومي التلمساني ونورا أمين ومنتصر القفاش وعادل عصمت وحسني حسان.
التعريف بأعمال الكتّاب الشبان
ولأن الكثير من الكتب تترجم دون أن تعرف عنها الجماهير أي شيء، فقد فكر د.حسن حماد في إصدار مجلة ثقافية تعرض نبذات عن الأعمال العربية التي تترجم إلى الألمانية. وفي حديثه لموقعنا قال د. حماد: "إن المشكلة ليست فقط في قلة عدد الكتب المترجمة، لكنها أيضاً في قلة الإعلان عنها، ومن هنا جاءتني فكرة المجلة، فهي تعرف بالأعمال المترجمة وبالأدباء العرب الجدد، خاصة الشباب منهم، والذين قلما يجدون الفرصة لترجمة أعمالهم والتعريف بها". أعمال هؤلاء الشباب اتسمت بواقعية غير مسبوقة وتميزت بالاهتمام بالطبقات المهمشة في الأحياء الفقيرة بالقاهرة، كما اتسمت بالجرأة وكسر التابوهات. ويقف عدم المعرفة باللغة عائقاً أمام التعريف بالثقافة العربية وبالحياة اليومية بدول الشرق الأوسط، كما أن الأعمال المترجمة كانت دائماً لقلة من كبار الكتاب، مما يجعل رؤية الغرب للعالم العربي محدودة، لذلك تعد المجلة، التي تعطي الفرصة للجيل الجديد من الكتاب فرصة لإعطاء نظرة أوسع للناطقين بالألمانية من أجل التعرف على الحركة الثقافية العربية كما هي.
الترجمة بوابة الشعوب
من ناحية أخرى، اهتمت الجمعية الدولية للمترجمين العرب بإصدار مجلة خاصة للترجمة واللغات وهي مجلة "واتا". وتعني هذه المجلة باللغويات والترجمة، وكل ما يتصل بهما من قضايا ودراسات وأبحاث على الصعيدين النظري والعملي وتصدر عن الجمعية الدولية للمترجمين العرب. وتعتبر المجلة "المنبر الإعلامي والواجهة الثقافية للجمعية، وصوتها الحامل لرسالتها والمعبر عن أهدافها" كما عبر عنها القائمون عليها. وتعتبر المجلة نافذة للانفتاح على تيارات العالم المعاصر وجسر التواصل الحضاري والتفاعل الثقافي. وتصدر هذه المجلة بشكل دوري كل ثلاثة شهور. وتتطلع الجمعية من خلال مشروع المجلة إلى استقطاب الطاقات الأكاديمية والعلمية العربية والعالمية، بهدف إثراء الثقافة العربية ومد جسور التواصل الثقافي والحضاري بينها وبين العالم المعاصر.