التدخل العسكري التركي وخلط أوراق الحرب السورية مجددا
١٣ مارس ٢٠١٨منذ شهر شباط/ فبراير يُسقط نظام الأسد البراميل المتفجرة على المدنيين السوريين في الغوطة الشرقية. وأدت هذه البراميل الخطيرة والمليئة بالمسامير إلى مقتل ما المئات. وأسقط النظام السوري أكثر من 23.800 قنبلة من هذا النوع، منذ انضمام روسيا إلى الحرب السورية قبل سنتين ونصف، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان و مقره في لندن. وهي أرقام يصعب التأكد من دقتها، لكنها تبقى مؤشرا هاما في عملية توثيق ما يحدث في سوريا.
أسقط النظام السوري حوالي 300 قنبلة في شهر شباط/ فبراير على منطقة الغوطة الشرقية، حيث يشن هجوماً واسعاً على المعارضة هناك. غير أن الضحايا هم من المدنيين، كما يتعرض أيضاً معارضو الأسد، ومعظمهم من الجهاديين لضربة قوية. وتصف الخبيرة في الشأن السوري كريستين هيلبرغ في حوارها مع DW، وضع الجهاديين في الغوطة بالقول: "إن همهم الأساسي الآن هو القتال من أجل البقاء على قيد الحياة". في وقت تحدثت فيه وكالات الأنباء عن استخدام أسلحة أخرى خلال القصف، وبالأخص المدفعية الثقيلة. كما تعرضت إدلب، التي تسيطر عليها قوى مسلحة أيضاً، لهجوم واسع، وهناك استخدم الجيش السوري البراميل المتفجرة. وبحسب معلومات غير مؤكدة، فقد احتوى اثنين من هذه البراميل المتفجرة على غاز سام أيضاً
التصعيد في عفرين
بالتزامن مع التصعيد في الغوطة الشرقية وإدلب، تتحرك القوات التركية باتجاه عفرين. ووفقاً لتقارير إعلامية، فقد تمت محاصرة المدينة بالكامل تقريباً. تحرك بات يقلق نظام الأسد بالرغم استعادته لقوته خلال الأشهر القليلة الماضية بفضل مساعدة حلفائه الروس والإيرانيين. فقد أصبحت قوته تواجه تحديا جديدا، فالقوات لتركية لم تتحرك باتجاه عفرين لوحدها. وإنما مدعومة من مقاتلين عرب سنة، تحت راية "الجيش السوري الحر"، والذي بدأ في الأصل كمليشيا علمانية، لكن مع مرور السنوات تحول العديد من مقاتليه إلى متطرفين على أسس طائفية.
أنقرة وكسب المقاتلين السنة المعتدلين
إن هذه التطورات خلقت معادلات جديدة في سوريا، فمعارضو نظام الأسد من السنة، أصبحوا يرون في تركيا حليفهم القادم. فقد كرر الرئيس التركي رجب طيب أردغان قوله بأن الأسد قد انتهى سياسيا، ومن هنا تقوم أنقرة بدعم المقاتلين السنة وهذا بالرغم من أن الجيش التركي في عفرين ليس في مواجهة مباشرة مع الجيش السوري وإنما مع قوات كردية يتهمها البعض بالموالاة للنظام. الأمر الذي قد يغري مقاتلين سنة أخرين للانضمام إلى القوات التي تدعمها تركيا.
ويرى المحلل السياسي متين غوركان في المجلة الإلكترونية "المونيتور"، أن "بإمكان أنقرة في الوقت الحالي أن تكسب جهاديين معتدلين في صفوفها"، في إشارة إلى المليشيات الإسلامية غير المحسوبة على جبهة النصرة، وأضاف :"ستعمل تركيا على تحقيق حشد جهادي أكثر اعتدالاً من خلال جعل مجموعات المعارضة السنية في إدلب تفصل نفسها عن الجهاديين المتطرفين والتوحد مع مقاتلي الجيش السوري الحر المدعومين من تركيا".
خطوط جبهة جديدة
وفي حال حصول هذا التطور، فإن نظام الأسد سيواجه وضعاً جديداً والمتمثل في احتمال كسب المليشيات السنية زخما جديدا عن طريق التعزيزات العسكرية التي يمكن للجيش التركي أن يقدمها. صحيح أن هذا التطور سيكون محصورا في شمال البلاد، ولكن قد يشكل نقطة انطلاق في عمليات قتال القوات المحسوبة على النظام.
لكن دعم أنقرة للمقاتلين السنة، خاصة في حربها ضد المليشيات الكردية، قد يؤدي إلى استفزاز الولايات المتحدة، التي ترتبط ارتباطا آنيا بقوات سوريا الديموقراطية، خاصة وأن الإدارة الأمريكية مازالت مترددة في مدى دعمها لقوات المعارضة الأخرى.
الخطوة التركية ستزعج كذلك روسيا الداعم الأكبر لنظام الأسد، كما تقول كريستين هيلبرغ في حديثها مع DW، والتي تضيف أن "ما يهم موسكو وطهران هو تثبيت حكومة الاسد، وهو ما بدأ يتحقق إلى حد كبير" وتأكد أن " فلاديمير بوتين يريد إنهاء هذه الحرب، التي تعد مكلفة للغاية بالنسبة لروسيا، والوصول إلى نهاية عسكرية- دبلوماسية، هدفها إعادة الشرعية للأسد وإشراكه في إعادة البناء ". الأمر الذي قد يعيد الأزمة السورية إلى نقطة الصفر لتبدأ مرحلة جديدة من الصراع.
كيرستين كنيب/ إ.م