البوسنة.. مخاوف من كارثة إنسانية مع اقتراب الشتاء
١٣ نوفمبر ٢٠١٩طريق تعصف به الريح ينتهي في درب يعج بالأوساخ. يقودك الدرب إلى ثلة من الرجال تتحلق حول نار أوقدوها من علب البلاستيك وبقايا علب الطعام وبعض الأغصان الجافة. كلب ضال يجول في المكان على أمل العثور على بقايا طعام ما في هذا المساء البارد والممطر من تشرين الأول/أكتوبر. "هذا المكان لا يصلح للبشر. بالكاد يصلح أن تعيش فيه الحيوانات"، يقول الشاب أنور منغال من باكستان(17 عاماً) في تصريح لـ"مهاجر نيوز". هذا المكان هو مخيم فوتشياك في البوسنة على بعد كيلومترات قليلة من الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.
لا مكان لأي قادم جديد
سجلت المنظمة الدولية للهجرة منذ كانون الثاني/يناير 2018 دخول حوالي 45 ألف مهاجر للبوسنة. منذ بداية 2018 أنشأت المنظمة الدولية للهجرة أربعة مخيمات تديرها مع شركاء محليين. اليوم تأوي البوسنة حوالي سبعة آلاف مهاجر. "لا مكان لأي قادم جديد"، يقول منسق شؤون غرب البلقان في المنظمة الدولية للهجرة، بيتر فان أوويرت. يستثنى من منع الدخول للمخيمات الأقليات والأطفال والنساء وكبار السن. للباقين من القادمين الجدد تبقى البيوت المهجورة والشارع الخيار الوحيد للنوم والعيش.
ألغام وجرب
لا ماء جارٍ ولا كهرباء في مخيم فوتشياك. المراحيض ليست صالحة للاستعمال. الجرب منتشر على نطاق واسع. لا وحدة طبية في المخيم نفسه، ولكن هناك عيادة طبية متنقلة تديرها منظمة "أطباء بلا حدود" وتبعد عن المخيم حوالي الكيلومتر. الفرع المحلي من منظمة الصليب الأحمر هو المنظمة الوحيدة المتواجدة في المخيم. تقدم المنظمة وجبتي طعام في اليوم. يشكو الكثير من المهاجرين من عدم حصولهم على ما يكفي من الطعام وسوء نوعيته: "انظر إلى هذا الخبز! إنه يابس"، يقول المهاجر أفضول موسى (22 عاماً) من باكستان لـ"مهاجر نيوز". الغابات المحيطة بالمخيم مزروعة بالألغام العائدة لأيام الحرب الأهلية اليوغسلافية في تسعينات القرن المنصرم.
الخيام لا تحول دون دخول الأمطار إلى الخيمة التي تتحول إلى بركة من الوحل. تنخفض درجة الحرارة في ليل تشرين الأول/أكتوبر إلى أربعة فوق الصفر أو أدنى من ذلك. يغطي أنور منغال كتفيه وظهره ببطانية ليتقي البرد" "الخيمة لا تقيني برد الليل. النوم في الخيمة تماماً كالنوم خارجها".
أعلنت السلطات المحلية نيتها عدم تجديد عقد تأجير مخيمي بيرا وميرال والذي ينتهي في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الجاري. يحذر منسق شؤون غرب البلقان في المنظمة الدولية للهجرة، بيتر فان أوويرت، من كارثة في حال حدوث ذلك: "حوالي 2000 مهاجر سيصبحون بلا مأوى. انخفاض درجات الحرارة سيتسبب في حالات وفاة". الحكومة المركزية في سراييفو وعدت بتقديم مكان بديل لإقامة المخيمين، بيد أن بيتر فان أوويرت يشكك في ذلك، فحتى في حال توفر المكان غداً، فإن إقامة المخيم تستغرق وقتاً.
"سأحاول مائة مرة أخرى"
يعاني المهاجرون مع الشرطة المحلية التي يقولون إنها تضايقهم وتضغط عليهم. بيد أن مشكلتهم الكبرى هي ما يعانونه على يد الشرطة الكرواتية عند محاولتهم عبور الحدود ودخول كرواتيا باتجاه الاتحاد الأوروبي. ذكر مهاجرون أن الشرطة الكرواتية استخدمت العنف ضدهم وحطمت هواتفهم الجوالة وصادرت وثائقهم وأموالهم وحرقت ملابسهم وأحذيتهم.
شاب أفغاني فشل في محاولة عبور الحدود البوسنية الكرواتية، أخبر "مهاجر نيوز" أن هدفه مدينة ميونيخ حيث يعيش أخوه. فشل الشاب "عشر" مرات في عبور الحدود. وهو لا يرى بديلاً عن المحاولة: "سأحاول مائة مرة أخرى إذا اضطررت لذلك..إن شاء الله".
يلينا بروتريتش/ خالد سلامة-مهاجر نيوز