البرلمان المصري "تحول" لكن نحو تكريس الأمر الواقع
١٢ يناير ٢٠١٦بعد حل البرلمان المصري (مجلس الشعب) عام 2012، حكم الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور والرئيس عبد الفتاح السيسي البلاد دون رقابة برلمانية. والآن، و بعد انتهاء المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات أصبح لمصر برلمان جديد. لكن غالبية النواب الذين يبلغ عددهم 596 نائبا، تنتمي إلى تحالفات داعمة لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
تطبيع سياسي؟
بالنسبة لأنصار الحكومة فعودة البرلمان تشكل خطوة رمزية مهمة نحو تطبيع الحياة السياسية في مصر. وأشارت صحيفة "الأهرام" إلى الأهمية الكبيرة للبرلمان الجديد ، حيث كتبت تقول: "يمكن للبرلمان الجديد وضع الثقة في الحكومة، أو إعادة هيكلتها، كما يمكنه إقالة رئيس الوزراء، أو إعلان حالة الطوارئ أو الحرب. وباستطاعته أيضا المصادقة على الميزانية وسحب الثقة عن الرئيس في ظروف معينة فقط"
ومع ذلك، فالبرلمان له نقاط ضعف حسب صحيفة "الأهرام"، بسبب ضعف نسبة المشاركة في التصويت، حيث كانت بمستوى 28 بالمئة فقط. أما أسباب ذلك حسب "الأهرام"، فهي كثيرة أبرزها الانقسامات السياسية، والتضاربات من أجل الاستقطاب، إضافة إلى ضعف مستوى المشاركة السياسة.
تحديات كبيرة في الداخل والخارج
من جهة، تواجه الحكومة تحديات كبيرة في الداخل بسبب المتمردين الجهاديين خصوصا في شبه جزيرة سيناء، حيث يحاولون زعزعة استقرار البلاد. كما أن الهجوم الأخير بسكين على سياح أجانب في منتجع الغردقة على البحر الأحمر في التاسع من يناير / كانون الثاني الجاري، ينشر الخوف بين السياح ويزيد من إضعاف قطاع السياحة المتدهورة أصلا، علما أن السياحة تشكل مصدر دخل رئيسي في البلاد.
ومن جهة أخرى، تنهج الحكومة سياسة عنيفة تجاه المعارضين السياسيين. ولهذا الغرض تم اتصدار قانون خاص بالقضايا الأمنية في يونيو/ حزيران من العام الماضي. وبمقتضى هذا القانون الجديد يمكن الحكم بالسجن على كل من رغب في إسقاط النظام أو تغيير الدستور لمدد تتراوح بين 10 إلى 25 سنة. أما بالنسبة لمن قام بتقديم مساعدات لتنظيمات إرهابية أو تولى منصبا قياديا داخلها، فقد تصل مدة العقوبة إلى 25 سنة سجنا أو الحكم عليه بالإعدام. ومن تورط في أعمال التشجيع على الإرهاب عبر مواقع التواصل الإجتماعي فسيكون الحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات. ويسمح القانون الجديد للحكومة بمتابعة المعارضين في البلاد.
وحسب التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية 2014/2015 يقدر عدد السجناء السياسيين في مصر بحوالي 40 ألف سجينا.
تراجع الحريات
وضعية حرية الصحافة هي الأخرى لم تعد مضمونة حسب المنظمة الحقوقية. ويتعرض عشرات الصحفيين المصريين لاعتقالات، إضافة الى عدد من الضغوطات على آخرين. ففي نهاية العام الماضي تم إغلاق الموقع الإلكتروني للصحيفة الليبرالية "العربى الجديد".
وبالنسبة للخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط ستيفان رولف فإن "مستوى القمع في مصر حالياً أصبح أعلى مما كان عليه تحت حكم حسني مبارك". ويضيف الخبير الألماني في لقاء صحفي: "نحن نعيش أظلم فصل في التاريخ الحديث للبلاد...المعارضة يتم ابعادها تماما عن العملية السياسية... وهذه مشكلة كبيرة جدا". كما إن استبعاد جزء كبير من السياسيين سيساهم في توجه العديد من الناس إلى التطرف، ما يشكل أرضية خصبة للإرهاب. بالإضافة إلى ذلك، لم يقدم الرئيس السيسي وحكومته أجوبة شافية لحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الكبرى في البلاد.
وأمام هذا الوضع فإن التعاون الألماني مع مصر يرتبط " بإشكالية سياسية"، حسب ستيفان رول. ورغم ذلك فلألمانيا مصلحة اقتصادية كبيرة في التعاون مع مصر، وهو ما عبرت عنه الحكومة الاتحادية مرارا، كما يضيف الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط ستيفان رول.