البرازيل تفوز بكأس كوبا أميركا لكرة القدم
١٥ يوليو ٢٠٠٧في نهائي بطولة أميركا الجنوبية لكرة القدم "كوبا أميركا" تغلب الفريق البرازيلي على غريمه التقليدي الفريق الأرجنتيني بثلاثة أهداف نظيفة ليحتفظ بلقب البطولة الذي حققه في النسخة الماضية على حساب الخصم نفسه. بذلك فشل الأرجنتينيون بقيادة صانع ألعابهم النجم الكبير ريكلمه في الثأر لهزيمتهم في بطولة النسخة الماضية. وهكذا يبقى نجوم بلد التانغو منذ عام 1993 دون هذا اللقب الذي يُعد أسمى لقب لكرة القدم في قارة أميركا الجنوبية.
فوز سهل غير متوقع
قبل انطلاق صافرة البداية لم يكُن أحد يتوقع هذا الفوز السهل لنجوم السامبا، لا سيما أن الفريق الأرجنتيني قدّم خلال البطولة عروضاً قوية ورائعة في طريقه إلى النهائي جعلت الكثيرين يرونه في المقدمة ويُرشحونه للفوز باللقب. لكن نتيجة المباراة أظهرت عكس ذلك تماماً، إذ لم يترك البرازيليون أية فرصة للاعبي الفريق الخصم. وما ساعد البرازيليين في السيطرة على معظم مجريات المباراة كان الهدف المبكر الذي جاء في الدقيقة الخامسة ليرفع معنوياتهم ويزيد من ثقتهم بتحقيق الفوز. هذا بالإضافة إلى الأخطاء التي ارتكبها الدفاع الأرجنتيني ليسمح بهز شباكه ثلاث مرات دون أن ينجح في إيداع الكرة في مرمى الخصم. وهكذا يتعين على الأرجنتين مواصلة حلمهم بإحراز لقب البطولة للمرة الأولى منذ 14 سنة.
المكسيك ثالث البطولة
وفي مباراة تحديد المركز الثالث فاز الفريق المكسيكي الذي هزم البرازيليين في منافسات الدور الأول على منتخب أوروغواي بثلاثة أهداف لهدف واحد ضامناً بذلك المركز الثالث في البطولة. هذا مع أن فريق الأوروغواي كان سباقاً في التسجيل، لكن المكسيكيين نجحوا في قلب تخلفهم إلى فوز ثمين محرزين المركز الثالث للمرة الثالثة بعد عامي 1997 و 1999. واستفاد المكسيكيون في ذلك من النقص العددي لفريق الأوروغواي الذين كان عليه إكمال المباراة بعشرة لاعبين منذ الدقيقة الـ 38 بعد أن طرد حكم المباراة كابتن الفريق دييغو لوغانو بسبب ارتكابه مخالفة في منطقة الجزاء ضد المكسيكي غيراردو تورادو.
وقبل انطلاق نهائي البطولة كان موقع دويتئه فيله سلّط الأضواء على إثنين من أبرز نجوم البطولة، هما المهاجم البرازيلي روبينيو والأرجنتيني ريكلمه.
الساحر روبينيو ( روبسون دي سوسا )
يميل المهاجم البارع البالغ من العمر 23 سنة إلى الأسلوب المثير والملفت للنظر في التعامل مع الكرة. فعندما يتلقى روبينيو الكرة يحاول دوماً التفنن بالكرة وتقديم أداء أقرب إلى أن يكون سحرياً. لذا واجه روبينيو في الماضي انتقادات كبيرة من قِبَل الصحف الإسبانية التي رأت أن كرة القدم ليس سيركاً، بل رياضة تُمارس على أرض الملعب. يُذكر أن النجم البرازيلي المتألق يلعب ضمن صفوف فريق ريال مدريد الملوكي منذ عام 2005. وبما أنه يواجه انتقادات كبيرة في إسبانيا يستطيع روبينيو الآن في نهائي بطولة كوبا أميركا في فنزويلا إمتاع الجمهور بأدائه الفني الساحر. وبفضل الحرية والصلاحيات التي يتمتع بها روبينيو ضمن الفريق البرازيلي يستطيع النجم البرازيلي ترجمة ذلك إلى أهداف ثمينة تساهم كثيراً في تحقيق الفوز لفريقه. ومما لا شك فيه الآن أن المنتخب البرازيلي ما كان سيبلغ نهائي كوبا أميركا دون روبينيو وأهدافه الهامة التي ضمنت لفريقه نقاطاً ثمينة دفعت به إلى قمة البطولة.
بعد الهزيمة الموجعة التي مني بها البرازيليون أمام المكسيك في منافسات الدور الأول، واجه مدرب نجوم السامبا دونغا انتقادات كبيرة بسبب الأداء المتواضع لفريقه. لكن الأداء القوي والمميز لروبينيو أنقذه من فضيحة محتملة، وبالتالي أنقذ كرسيه كمدرب للمنتخب البرازيلي. وقال دونغا معبراً عن سعادته بروبينيو: " إنه لاعب ذكي وماهر وموهوب آن واحد. صحيحٌ أن الفريق البرازيلي لا يعتمد على لاعب واحد فقط، لكن روبينيو أثبت أنه لاعبٌ هام جداً للبرازيل".
بتسجيله ستة أهداف خلال البطولة يتصدر المهاجم الفريد من نوعه قائمة الهدافين، وهو الآن المرشح الأكبر للفوز بلقب هداف البطولة. هذا مع أنه أكد مراراً في مقابلات صحفية أن همه الوحيد يكمُن في إحراز أكبر عدد ممكن من الأهداف لمنتخب بلاده وتحقيق انتصار تلو الآخر له حتى الفوز بكأس كوبا أميركا، وأن لقب هداف البطولة لا يعنيه كثيراً. أما زملاؤه في الفريق المحترفون في الدوري الألماني لكرة القدم "بوندسليغا"، مثل لاعب هيرتا برلين منيريو، فأعربوا عن سعادتهم البالغة بأدائه القوي الذي لعب دوراً حاسماً في بلوغ البرازيل نهائي البطولة. كذلك غيلبرتو الذي يلعب أيضاً في صفوف فريق العاصمة الألمانية أثنى على أداء روبينيو قائلاً: "إنه نجم كبير أثبت نجوميته بشكل خاص هنا في فنزويلا. وكان لأدائه القوي دورٌ كبير في تحفيز بقية اللاعبين ورفع معنوياتهم لتقديم أفضل ما لديهم في البطولة".
الاستراتيجي وصانع الألعاب ريكلمه
لم يكُن عام 2006 حافلاً بالانجازات بالنسبة للنجم الأرجنتيني الكبير "خوان رومان ريكلمه". ففي بطولة دوري أبطال أوروبا فشل ريكلمه وفريقه السابق فلاريال الإسباني في تخطي عقبة فريق أرسنال لندن الإنجليزي في نصف النهائي، وذلك عندما أضاع ريكلمه ركلة جزاء لفريقه، أو بالأحرى عندما تصدى حارس أرسنال، الألماني يينس ليمان، في التصدي لركلته. وفي بطولة العالم لكرة القدم 2006 عاد حارس المرمى الألماني يينس ليمان من جديد ليحرم ريكلمه والمنتخب الأرجنتيني من التأهل إلى نصف نهائي بطولة العالم، إثر تصديه لعدة ركلات ترجيحية، ما أدى إلى خروج الأرجنتينيون من الدور ربع النهائي على يد ألمانيا.
بعد ذلك واجه ريكلمه انتقادات لاذعة دفعته إلى إعلان انسحابه من صفوف الفريق الوطني الأرجنتيني. لكن ذلك لم يُقلل من مشاكله. وبعد أن قبع لشهور طويلة على مقاعد الاحتياط في فريقه السابق فلاريال الإسباني، قرر صانع الألعاب النجم العودة إلى وطنه والانضمام إلى صفوف فريق "بوكا يونيورز". وكان انتقاله لفريق العاصمة الأرجنتينية خطوة في الاتجاه الصحيح، إذ حقق ريكلمة مع "بوكا يونيورز" لقب دوري أبطال أميركا الجنوبية لعام 2007. وقبل ثلاثة أيام من انطلاق الفريق الأرجنتيني إلى فنزويلا للمشاركة في "كوبا أميركا" أعلن ريكلمه استعداده للانضمام مجدداً إلى صفوف فريق بلاده. بناء على ذلك لم يتردد مدرب الفريق الأرجنتيني ألفيو بازيلي لحظة واحدة في استدعائه إلى صفوف الفريق، مع أن ذلك تطلب إحداث تغيير كبير في تشكيلة الفريق الأرجنتيني.
قدّمت الأرجنتين خلال البطولة عروضاً قوية ومقنعة حتى الآن، وذلك بقيادة صانع الألعاب الكبير ريكلمه الذي أحرز شخصياً خمسة أهداف ليحتل المركز الثاني على قائمة الهدافين خلف البرازيلي روبينيو. إضافة إلى ذلك صنع ريكلمه ستة أهداف لفريقه ليكون بذلك المرشح الأبرز لإحراز لقب أفضل لاعب في البطولة. وقال ريكلمة بعد تأهل فريقه إلى نهائي البطولة: "لقد حققنا ما نصبو إليه حتى الآن. والآن سيفوز الفريق الأفضل بلقب البطولة، ألا وهو الفريق الأرجنتيني".
إن النجمين روبينيو وريكلمة لاعبين مختلفين بقدر اختلاف كرة القدم في بلديهما. ففي حين يميل أحدهما، ألا وهو روبينيو، إلى اللعب المثير والتفنن بالكرة، يُفضّل الآخر الأسلوب العملي في اللعب.
من المؤكد أن مشاهدة النجمين الكبيرين في مواجهة مباشرة بين فريقي بلديهما أمرٌ مثير ليس لعشاق كرة القدم البرازيلية والأرجنتينية فحسب، بل لعشاق كرة القدم العالمية أيضاً. ويوم الأحد ( 15 يوليو/ تموز ) في تمام الساعة الحادية عشرة ليلاً بتوقيت أوروبا، تُعلن صافرة الحكم بداية اللقاء المثير بين أفضل منتخبي كرة قدم في العالم.
علاء الدين موسى البوريني