البحث عن القرص المنوم المثالي لتجنب الأعراض الجانبية
١٤ سبتمبر ٢٠١٣منذ 19 عاما والأرق مشكلة تواجهها أنا-ماري. وتقول عن الأرق إنه معاناة لا يستطيع تخليها من لم يكتو بنارها. بدأت تلك المعاناة عندما لمست أنا-ماري جثمان والدتها المتوفية. وتعود بالذاكرة لتحكي "لم أكن أعرف أن جسم الإنسان يمكن أن يكون باردا بتلك الدرجة." تمددت حينها أنا-ماري وبقيت مستيقظة ولم تستطع أن تغلق عينها. بعدها بعدة أيام توجهت إلى طبيب وكانت خائرة القوى لدرجة أنها أجهشت بالبكاء داخل العيادة. تبلغ أنا-ماري من العمر الآن 68 عاما وتعيش في مدينة لومار بالقرب من بون، واحتاجت إلى نصف ساعة لتحكي عن الأطباء الذين زارتهم طيلة 20 عاما، لكن أحدا منهم لم يستطع مساعدتها. وفي النهاية عثرت على طريق يخلصها من معاناتها، وهو تناول ربع حبة منوم كل مساء. قبل عشرة أعوام قالت لنفسها "إما أن تبتلعي الآن المنوم وإلا فستموتي، فالنوم ضروي كالطعام والماء."
عدو النوم: التوتر
يفيد معهد روبرت كوخ للأبحاث أن 25 في المائة من الألمان لديهم أعراض الأرق. بينما يذكر معهد أبحاث إضطرابات النوم في الولايات المتحدة أن 10 وحتى 15 بالمائة من الأميريكيين البالغين يعانون من أرق مزمن. ويقول هانز-غونتر فيس مدير مركز النوم في مستشفى بفالتس في كلينغن مونستر إن أسباب النوم غالبا ما تكون ذات طبيعة نفسية، ويضيف "المرضى بالأرق لم تعد لديهم قدرة على إغلاق كافة الموضوعات في غرفة النوم، ويبقون دائما يبحثون في واجبات الحياة اليومية." ويمكن أيضا للأمراض العضوية كاختلال وظيفة الغدد الدرقية مثلا أن تكون سببا للأرق.
إجبار المخ على النوم
النوم بطريقة طبيعية هو دوما أفضل الحلول، لكن أشخاصا مثل أنا-ماري لم تعد لديهم قدرة على النوم بدون استخدام وسيلة مساعدة، لهذا يعمل العلماء على التوصل إلى قرص النوم الأمثل الذي ليست له أعراض جانبية. قبل عقود مضت كانت الباربيتيورات تعد الوسيلة الأفضل للمساعدة على النوم. لكن في خمسينيات القرن العشرين توصل العلماء إلى أن عناصرها تسبب الإدمان عليها بقوة. وحققت شهرة محزنة عندما قام مشاهير مثل مارلين مونرو بالانتحار عن طريق ابتلاعها. وفي وقت لاحق أكتسحت أدويةُ البَنزُدِيَزَپِينات وأشهرها الفاليوم الأسواقَ. وتعمل كل هذه الأدوية على تثبيط نشاط الجهاز العصبي المركزي، وبهذا تجبر المخ على النوم.
ورغم أن أدويةُ البَنزُدِيَزَپِينات لا زالت مجودة في الأسواق؛ يوجد الآن بديل أفضل لها هي عناصر الـ"Z" وتسمى بهذا لأن اسمائها كلها تبدأ بحرف "Z" مثل زولبيدم وزوبليكلون. وتقوم هذه العناصر أيضا بكبت عمل الجهاز العصبي المركزي لكن في مناطق فرعية محددة، لذلك فتأثيراتها الجانبية أقل من أدوية البَنزُدِيَزَپِينات.
النوم بشكل غير طبيعي
القاسم المشترك بين وسائل المساعدة على النوم هو أنها تغير في ماهية النوم. فهي تؤدي إلى النوم العميق وتضغط للوصول إلى مرحلة حركة العين بسرعة، حسب ما يقول هانز-غونتر فيس مدير مركز النوم في مستشفى بفالتس في كلينغن مونستر. علما بأن مرحلة حركة العين بسرعة هي المرحلة التي يحلم فيها النائم.
وحتى لو كانت الأعراض الجانبية لأدوية النوم الحديثة أقل فإن ذلك لا يعني أنها بدون أضرار. فالمرضى يشعرون في صباح اليوم التالي، حسب الأحوال، بالتعب الشديد وقد لا يستطيعون قيادة السيارة. ومن يتناول أدوية النوم لمدة تزيد عن أسبوعين يخاطر بألا يمكنه النوم من بعد إلا باستخدام الأدوية. وربما تفقد الأدوية تأثيرها بعد تناولها لفترات طويلة. ويقول فيس إن "أدوية النوم تناسب الاستخدام لفترات قصيرة فقط." وحتى الآن لا توجد أقراص النوم النموذجية.
الأمل في أقراص نوم جديدة
أكتشف العلماء مؤخرا مواد أطلقوا عليها اختصارا اسم "DORAs، دوراس" . وهنا يلعب مستقبل مادة الأوركسين في المخ دورا رئيسيا في السيطرة على إيقاع الجسم ليلا ونهارا. "في النهار يكون مستوى الأوركسين عاليا ليجعلك يقظا، وفي الليل ينخفض لكي تخلد للنوم"، حسب ما يقول جيسون يوسلانر الذي يعمل لدى شركة ميرك للصناعات الدوائية والكيماوية في ولاية بنسيلفانيا الأميريكية، حيث تجرى أبحاث من أجل التوصل إلى أقراص نوم جديدة. ويتوقع ألا تتسبب عناصر الـ "دوراس" في ظهور أعراض جانبية كتلك التي تسببها أقراص النوم المستخدمة حاليا. ويقول فيس "يبدو أن هذه العناصر لا تؤثر على النوم الطبيعي إلا بشكل ضئيل." لكن مواد الـ "دوراس" لم تجرب على الإنسان بعد، وإنما جربت على القوارض وبعض الثدييات من غير البشر. وسيستغرق الأمر بعض الوقت حتى يعرف العلماء إذا ما كانت صالحة أيضا لاستخدامها على البشر.
حل مؤقت فقط
وتقول أنا-ماري أنها حاولت كل ما يمكن لكي تنام، لدرجة أنها أنشأت مجموعة مساعدة ذاتية لمرضى الأرق. لكن هذه المجموعة لم يعد لها وجود، فالتخلص من النوم بعد تعاطي منوم مسألة مجهدة، لدرجة أن أعضاء المجموعة كان يصيبهم التعب في المساء لدرجة أنهم لا يستطيعون حضور اللقاءات.
ربع قرص المنوم الذي تتناوله أنا-ماري يوميا يحقق لها الغرض. طبيبها يكتب لها الأقراص بدون مشاكل لأنه يعرف أنها لن تزيد الجرعة، حسب ما تقول. لكن هانز-غونتر فيس يحذر من أن أقراص النوم حل مؤقت فقط ويقول إن "هذه الأقراص ليس لها تأثير شاف، فهي لا تزيل أسباب الأرق، وإنما تخفف من شكوى المريض." وهذا الأمر يكفي وزيادة بالنسبة للسيدة أنا-ماري التي تعاني من الأرق منذ ما يقرب من عشرين عاما.