البابا يحث العراقيين على نبذ عنف الماضي ومنح السلام فرصة
٥ مارس ٢٠٢١قال البابا فرنسيس اليوم الجمعة (الخامس من مارس/ آذار 2021) مخاطبا الرئيس العراقي برهم صالح وسياسيين ودبلوماسيين في القصر الرئاسي "لتصْمُت الأسلحة! ولْنَضَع حدا لانتشارها هنا وفي كل مكان! ولتتوقَّف المصالح الخاصّة، المَصَالِحُ الخارِجيّة التي لا تَهْتَم بالسُكان المحليين... كفى عنفا وتطرفا وتحزبات وعدم تسامُح!".
ودعا البابا فرنسيس إلى "التصدي لآفة الفساد" و "سوء استعمال السلطة"، في أطار دعمه للسلطات العراقية من أجل تحسين أوضاع البلاد. وقال البابا: "لكن ذلك لا يكفي"، مضيفا "ينبغي في الوقت نفسه تحقيق العدالة، وتنمية النزاهة والشفافية، وتقوية المؤسسات المسؤولة عن ذلك".
ووصف البابا الهجمات التي تعرضت لها الأقلية الأيزيدية على يد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق ب"الهمجية المتهورة وعديمة الإنسانية"، وقال بالحرف: "لا يسعني إلا أن أذكر الأيزيديين، الضحايا الأبرياء للهمجية المتهورة وعديمة الإنسانية. لقد تعرضوا للاضطهاد والقتل بسبب انتمائهم الديني، وتعرضت هويتهم وبقاؤهم نفسه للخطر".
ثم توجه البابا الى كاتدرائية سيدة النجاة الكاثوليكية التي شهدت في عيد جميع القديسين في تشرين الثاني/نوفمبر 2010، عملية احتجاز رهائن نفذها إسلاميون متطرفون انتهت بسقوط أكبر عدد ضحايا في المجازر التي استهدفت مسيحيي العراق، إذ قتل خلالها 44 شخصا كانوا في الكنيسة وكاهنان وسبعة عناصر أمن. وقال في الكنيسة في بغداد "نجتمع اليوم في كاتدرائية سيدة النجاة هذه، ونتبارك فيها بدماء إخوتنا وأخواتنا الذين دفعوا هنا ثمن أمانتهم للرب... غاليًا". وأشار الى "وجود دعوى تطويب مفتوحة" لهؤلاء "الشهداء".
ووصل البابا فرنسيس إلى مطار بغداد وسط إجراءات أمنية مشددة بعدما قال للصحفيين على متن طائرته إنه شعر أن من واجبه القيام بتلك الزيارة "الرمزية" لأن العراق عانى كثيرا ولفترة طويلة. وتجمع مئات الأشخاص في مجموعات صغيرة لرؤيته في بغداد مستقلا سيارة (بي.إم.دبليو) مضادة للرصاص في خروج على المألوف للبابا الذي عادة ما يصر على استخدام سيارات صغيرة عادية.
ورافق موكب من عشرات العربات البابا فرنسيس إلى خارج مبنى المطار الذي تعرض في الآونة الأخيرة لإطلاق صواريخ من فصائل مسلحة. ولم يضع معظم الناس على امتداد الطرق وحتى البعض في القصر الرئاسي الكمامات رغم خطر الإصابة بفيروس كورونا.
وعندما كان البابا (84 عاما) يسير مع الرئيس العراقي كان يعرج بشكل ملحوظ مما يشير إلى أن آلام العصب الوركي ربما عاودته من جديد. وكانت الآلام قد اضطرته لإلغاء عدة فعاليات هذ العام. وانتقد البابا في خطابه في القصر المصالح الخاصة والأجنبية التي زعزعت استقرار العراق والمنطقة بشكل أوسع، وأدت إلى تضرر عموم الناس أكثر من غيرهم.
بدوره، أعرب الرئيس العراقي برهم صالح اليوم الجمعة، عن تقديره لإصرار قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان على زيارة العراق، رغم التحذيرات من مخاطر انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). وأضاف صالح "يشعر العراقيون بالاعتزاز بزيارة بابا الفاتيكان". وأكد أن "العراقيين يعتزون بأنهم حراس الكنائس والمدافعون عنها، ولابد من مواصلة العمل لمكافحة التطرف والإرهاب، وإن المسيحيين عاشوا أعواما عصيبة اضطرتهم إلى مغادرة العراق".
ورحب الرئيس العراقي بالبابا فرنسيس "ضيفا عزيزا كريما" في العراق، وقال صالح: "فيما يحل بيننا قداسة البابا ضيفا عزيزا كريما، هناك فرصة تاريخية لجعلها مناسبة لإعادة التأكيد على قيم المحبة والسلام والعيش المشترك ودعم التنوع" الديني والاجتماعي، واصفا ذلك ب"قيم إنسانية يصل صداها الى العالم أجمع".
وسيزور البابا كذلك مدينة أور مسقط رأس النبي إبراهيم، وسيجتمع مع آية الله العظمي علي السيستاني (90 عاما) المرجع الأعلى لشيعة العراق.
ع.ش/خ.س (رويترز، د ب أ، أ ف ب)