الانتخابات الليبية وتحديات الانقسام والاستقرار الأمني
٢ يوليو ٢٠١٢يتوجه الليبيون في السابع من شهر يوليو / تموز القادم إلى صناديق الاقتراع لانتخاب أول هيئة تشريعية (المؤتمر الوطني العام) بعد سقوط نظام القذافي. ويراهن البعض على الوضع الأمني الذي سيكون له تاثير كبير على نجاح هذه الانتخابات. وتتوقع الأجهزة الأمنية وقوع بعض الحوادث التي قبل هذا التاريخ في محاولة من مرتكبيها عرقلة الانتخابات. وأحداث وقعت في شرقي البلاد تشير إلى ذلك؛ حيث تم مؤخراً الاعتداء على سور القنصلية الامريكية ومن تم الاعتداء على موكب البعثة الدبلوماسية البريطانية وأيضا اقتحام القنصلية التونسية واطلاق الرصاص على القنصلية البريطانية في بنغازي ونزع صور بعض المرشحين. كما وقعت بعض التفجيرات بالشوارع والميادين، وقتل القاضي المختص بطلب التحقيق لمحاكمة اللواء عبد الفتاح العبيدي، واستعراض أنصار الشريعة قوتهم وإشهار سلاحهم بالقرب من ساحة المحكمة التي سميت بساحة التحرير وقولهم بأنهم يريدون تحكيم الشريعة الاسلامية وصيانة المجتمع وحمايته ممن يريد "الحكم بغير شرع الله ".
كل ذلك لن يعرقل الانتخابات حتى وإن اعتصمت مجموعة من سكان برقة بالوادي الأحمر سواء من المنادين بالفيدرالية أو ممن طالبوا بتعديل عدد المقاعد. فـ "ليبيا واحدة وهي تحلم بأن تنتخب" هذا ما قالته الصحفية أسماء العرفي بمدينة بنغازي لـ (DW).
المجلس الانتقالي في مأزق
في حوار مع (DW) قال الدكتور جبريل العبيدي، الكاتب والمحلل السياسي من مدينة بنغازي، إن "الاعتداء على البعثات الدبلوماسية هو عمل ارهابي مرفوض" وأشار العبيدي إلى أن حل مشكلة توزيع المقاعد الخاصة بالمؤتمر الوطني (200 مقعد) يكون بحساب متوسط (نسبة عدد سكان المنطقة + نسبة مساحتها + نسبة الثروة المنتجة فيها) وغير هذا يعتبر قسمة ضيزى أى ظالمة .
أما فتحية المجبري، مديرة تحرير صحيفة برنيق التي تعتبر من الصحف الرئيسية المستقلة بمدينة بنغازي، فقالت بحسب رأي الشارع "الاتهامات تتطاير صوب الفيدراليين لكونهم يعترضون على توزيع المقاعد في المؤتمر الوطني لما يسمى بالأقاليم الثلاثة في ليبيا (برقة وطرابلس وفزان) وصوب شماعة اعوان النظام السابق المعتادة، ولو أن الفيدراليين لا يخفون ذلك بخروجهم في مظاهرات غاضبة منددة". وأشارت المجبري إلى أن تأخير موعد الانتخابات لم يلق ارتياحا كبيرا لدى كل الاطراف، فتأجيلها لدى أنصار الفيدرالية لا يعني تحقيق مطالبهم في التساوي بتوزيع المقاعد كما أنه يعني لمناهضي التقسيم إمكانية حدوث التساوي .
وأضافت في حديثها مع(DW) إن ذلك يعني دخول المجلس في "مأزق حقيقي هذه المرة وعليه أن يكون أكثر حكمة ودهاء للخروج منه بدون إراقة دماء أو تعريض البلاد لثورة مضادة كما يلوح الشارع".
تأثير القوى الخارجية على الانتخابات
وقال الكاتب والقاص والروائي محمد الأصفر من مدينة بنغازي، عندما يشعر الانسان بالظلم فتوقع منه أن يفعل أي شيء، وأضاف في حديثه مع (DW) "بنغازي ظلمت في توزيع مقاعد المؤتمر الوطني ومن هنا جاءت الدعوة إلى الفيدرالية، التي هي في حد ذاتها فكرة جيدة تطبقها الكثير من دول العالم المتقدم" وأن من أسباب رفضها حسب رأيه "أن الفيدرالية يتم رفضها من قبل الشارع نظراً لكبر سن من يتزعم الدعوة إليها، إذ أنه يتجاوز الثمانين من العمر وقضى ثلاثين عاماً في سجون النظام السابق" وأوضح الأصفر أنه "مادامت الدولة لم تقم فالقانون لن ينفذ"، من هنا تأتي بعض الحوادث المتفرقة من بعض الجماعات أو الكتائب الخارجة عن سيطرة الجيش الوطني في ظل ضعف أداء المجلس الوطني الانتقالي والحكومة المؤقتة .
وحسب رأيه ينبغي أن تقبل بنغازي هذه المقاعد القليلة المحددة لها لتنجح الانتخابات وتتأسس الدولة ويعم الأمن، وبعد ذلك "يمكنها الطعن بطريقة قانونية في ظل أمن مستتب". وحذر الصفر من وصول عناصر من بقايا نظام القذافي و"معادي الثورة" إلى المجلس الوطني سواء في بنغازي أو غيرها من المدن.
وتابع الاصفر القول بأن الانتخابات في ليبيا تبقى معضلة كبيرة ولن تكون شفافة إلا بعد سنين من السجال وستتأثر بالعوامل "القبلية والجهوية، وربما السلاح وخطط المجلس الوطنى الانتقالي المؤقت الذي لن يغادر إلا بعد ان يترك مفاتيح يستخدمها عند الحاجة"
واختتم حديثه مع (DW) بالإشارة إلى "رغبات الدول العربية وتأثيرها مثل قطر ومصر والأجنبية كأمريكا وفرنسا وبريطانيا حيث لن تبقى متفرجة على العملية الانتخابية دون تصفيق لطرف ما".
طرابلس- عصام الزبير
مراجعة: عارف جابو