الانتخابات الرئاسية في موريتانيا ...على محك المصداقية
٢٠ يونيو ٢٠١٤يتنافس الرئيس محمد ولد عبد العزيز مع أربعة مرشحين يمثل اثنان منهم بعض الاحزاب السياسية وهم بيجل ولد هميد زعيم حزب الوئام الديمقراطي الاجتماعي وأحد رموز نظام الرئيس الأسبق معاوية ولد الطائع الذي أطيح به في انقلاب سنة 2005،وابراهيما مختار صار زعيم حزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية ذي التوجه القومي الزنجي، في حين ينافس الاثنان الآخران بصفتهم المستقلة وهما الناشط الحقوقي بيرام ولد الداه ولد اعبيدي الذي يتبنى الدفاع عن ضحايا العبودية والسيدة لالة منت مولاي إدريس التى شغلت عدة مناصب وزارية في عهد الرئيس الاسبق ولد الطائع.
جدل حول المصداقية
لكن ما يميز الانتخابات هذه المرة هو الجدل الكبير الذي يحوم حول مدى مصداقيتها على المستوى الوطنى والدولى بسبب مقاطعة أغلب أحزاب المعارضة التي تكتلت في إطار ما بات يسمى منتدى أحزاب المعارضة متهمة النظام الحاكم بالشروع في تنظيم انتخبات لا تتوفر على أبسط شروط الشفافية .
وقد سعت أحزاب منتدى المعارضة منذ انطلاق الحملة الرئاسية الى تعبئة مناضليها ضد اقتراع يوم السبت (21 يونيو) وذلك من خلال تنظيم حملات موازية ومسيرات شعبية في نواكشوط وبعض المدن الداخلية كالعاصمة الاقتصادية نواذيبو.
الشباب الموريتاني الذي استطلعت رأيه DW لا يعلق آمالا عريضة على هذه الانتخابات في حل مشاكله القديمة -الجديدة ،ويكاد يجمع أغلب من أدلوا بآرائهم على أن النتيجة شبه محسومة لصالح الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز نظرا لصعوبة تحقق تداول سلمي على السلطة.
السالك عبدلله 24 سنة يقول لـDW "المجتمع الموريتاني يعاني الفقر والجهل، واقتصاده يتعرض للاستغلال وتعليمه فاسد والخدمات الصحية تكاد تكون معدومة،ومختلف القطاعات تعاني من الاضطراب و تدني المستوى".
وحول الآمال التى يعلقها السالك على الانتخابات القادمة يضيف" كلنا نطمح الي تحسين كل هذه الظروف، لكنني لا أعتقد أن تحسينها سيكون في الولاية الثانية للرئيس المنتهية ولايته، وهو من سينجح في هذه الانتخابات".
شباب محبط من التغيير
بل قد ذهب على ولد محمد المختار طالب دراسات عليا في البيولوجيا أبعد من ذلك حين يقول:"لا أعتقد بان الانتخابات الموريتانية ستخرج موريتانيا من وضعيتها الحالية،وأعتقد ان ازمة الشباب بشكل خاص هي نفسها جزء من أزمة المجتمع ككل، كضعف نوعية التعليم وعدم توفر فرص التشغيل ،لأن نسبة البطالة في تزايد مستمر".
وجاء في حديث ولد محمد المختار ان الانتخابات مجرد وسيلة يلجأ إليها النظام لتثبيت وجوده فقط لانه للأسف لا تلوح في الافق أي نتائج إيجابية لان الوضعية السياسية مازالت تراوح مكانها في ظل الازمة المتعلقة بعدم وجود ضمانات للشفافية.
اما المخرجة السينمائية الشابة لالة كابر فقالت بعفوية لـDW:"لا أعلق أي أمل على هذه الانتخابات ولهذا قررت الغاء صوتى نهائيا ،وبالنسبة لقطاع الثقافة الذي تربطني به علاقة لا أتوقع من أي من المرشحين الحاليين أن ينهض به ،ولم يتحدث أي منهم عن خطة لتطويره".
تنظيم الانتخابات الرئاسية الراهنة بموريتانيا في ظل مقاطعة أحزاب المعارضة تشير، حسب بعض المحللين، الى مستقبل سياسي غير مطمئن تماما وإن كانوا يقللون من أهمية خطوة المقاطعة الانتخابية التي تبنتها احزاب المعارضة .
ويرى المحلل السياسي يعقوب مصطفى أن هذه الانتخابات لن تكون بداية لانفراج سياسي، بل على العكس من ذلك يتوقع أن تفاقم ما يوصف بأنه أزمة قائمة، فهي لن تأتي بجديد، بل ستكرس الواقع القائم، وهو ترسيخ سلطة محمد ولد عبد العزيز، وربما زيادة تصلب الطيف المعارض.
استمرار الأزمة
ويضيف "ينتظر ان تستمر هذه الازمة حتى بعد فوز ولد عبد العزيز بمأمورية جديدة، مع العلم أن الدستور ينص على فترتين رئاسيتين مدة كل منهما خمس سنوات، وبالتالي فإن المخاوف تتعلق بمدى قبول الرئيس الحالي بالانسحاب وفسح المجال للتناوب السلمي بعد اكتمال مأموريته الثانية".
وختم بالقول إن نص القسم الذي يؤديه الرئيس بعد فوزه ينص على التزامه بأنه لن يغير المادتين الدستوريتين المحددتين لمدة الفترة الرئاسية وإمكانية تجديدها مرة واحدة فقط، وبالتالي فإن "التحدي الذي يواجهه ولد عبد العزيز والطبقة الحاكمة، هو القدرة على الانسجام مع نص الدستور بما يضمن تفادي دوامة التغييرات عن طريق الانقلابات".
أما أحمد مولود ولد أيده أستاذ جامعي ومدير المركز الجامعي للدراسات الصحراوية فيقول إن مقاطعة احزاب المعارضة بحد ذاتها لن تؤثر على مستقبل الاستقرار السياسي للبلد.
ويبررذلك في حديث لـDW قائلا إن السبب هو: "أن المعارضة متعودة عقب كل انتخابات ومنذ التسعينيات من القرن الماضي على امتصاص الصدمة لكنها تريد أن تضع النظام بمقاطعتها لهذه الانتخابات أمام الامر الواقع وهي نفس المساعي التي يهدف إليها النظام".
لكن الدكتور أحمد مولود قال من جهة أخرى أن الطبقة السياسية في موريتانيا ليست هي المتحكم الرئيسي في عامل الاستقرار "بيد أن الطرف الوازن في السياسة وحتى الإستقرار في موريتانيا هو الجيش الذي أعتقد ان محمد ولد عبد العزيز مازال يتحكم فيه بصورة جيدة حتى الآن وهو ما يضمن له الاستقرار أما العلاقة بين المعارضة والنظام فلا أعتقد أن خطها البياني قد يتغير عن ما كان عليه على امتداد العقود الماضية".
ولا يختلف يعقوب مصطفى في تعليقه على موقف المعارضة المقاطع حين يقول إن مقاطعتها للانتخابات تفقدها الكثير على مستوى التنافس وجدية السباق وتفقدها أيضا قدرا كبيرا من الاهتمام لدى الأطراف الدولية،مضيفا أن قرارها الحالي يعد تتويجا طبيعيا لمسار طويل من الاختلاف بين قطبين يبدو أن ما يفرقهما يساوي أضعاف ما يجمعهما، وتأخذ مواجهتهما أوجها ظاهرة وخفية.