الانتخابات الأمريكية.. متحدون في كراهية دونالد ترامب
١٦ أبريل ٢٠١٦"ارحل وعُد من حيث جئت، لا مكان لك هنا"، جمل تعرفها ناتاليا أريستيزابال جيدا، لأنها تسمعها باستمرار. فقبل ثلاثة عشر عاماً فرت من كولومبيا، ومنذ ذلك الوقت تعيش في الولايات المتحدة، وتكافح من أجل الاعتراف القانوني بالمهاجرين الذين ليس لديهم أوراق، مثلها. "العنصرية كانت دائماً موجودة هنا"، توضح المرأة، التي تقطن في نيويورك والبالغة من العمر 33 عاماً، وتضيف: "لكن دونالد ترامب أعطى لهؤلاء الناس (العنصريين) صوتا، فهو يسمح لهم بأن يقولوا كل ما كانوا يعتقدونه دائما." هذه التصريحات تخيفها تماما، كمئات الآلاف من الأمريكيين الآخرين، وتجعلها غاضبة كذلك.
تحالف واسع النطاق ضد ترامب
هذا الغضب هو بالضبط ما يسود شيئا فشيئا خلال المرحلة التمهيدية للانتخابات الرئاسية الأميركية. فالناس الذين يهددهم دونالد ترامب بشكل مباشر أو غير مباشر يتحدون فيما بينهم. المسلمون، الذين قال عنهم إنه لا يريد أن يسمح لهم بالدخول إلى البلد، والمهاجرون غير القانونيين، الذين يريد أن يطردهم خارج البلاد، والسود واليهود الذين عانوا لقرون من التمييز، يخرجون جميعا إلى الشارع للتظاهر.
وشهدت نيويورك يوم الخميس (14 أبريل / نيسان 2016)، أكبر مسيرة احتجاجية ضد ترامب. فبينما كان الحزب الجمهوري يقيم وجبة عشاء لجمع التبرعات لأبرز مرشحيه داخل أحد الفنادق في مانهاتن، بدا واضحا أن هذه الحركة الاحتجاجية لا يمكن القضاء عليها بسرعة. فالكثير من المهاجرين والأمريكيين أعلنوا الحرب على ترامب وأتباعه. "لم أعد أستطيع تحمل سماع خطاب الكراهية هذا"، يقول الشاب ميكائيل بيريرا، الذي يضع لوحة حول عنقه صممها بنفسه، يعبر فيها بوضوح عن رفضه للعنصرية وكراهية النساء.
توقع بحدوث أعمال عنف
ورغم أن المظاهرات مرت يوم الخميس في ظروف هادئة في مجملها، إلا أن ميكائيل بيريرا مقتنع بأنه في حال "ترشيح ترامب فعلا عن الحزب الجمهوري (لخوض سباق الرئاسة) فإن ذلك سيتسبب في حدوث أعمال عنف." والسبب يتجلى في كون ترامب "مليئا بالكراهية"، والكراهية تنتشر، كما يقول ميكائيل. ويرى الشاب، الذي يعيش في حي كوينز بمدينة نيويورك أن قدرة المتظاهرين على المقاومة قوية، ويوضح: "يمكن رؤية ذلك هنا، لم نكن نعرف بعضنا من قبل وجئنا من أحياء ومجموعات مختلفة، واستطعنا أن ننظم أنفسنا ببساطة عبر الشبكات الاجتماعية، ولا أحد سيوقفنا."
في واقع الأمر، فإن المتظاهرين عبارة عن مزيج من النشطاء السياسيين، رجالا ونساء. وللتو جاءت مجموعة من مظاهرة تطالب برفع الحد الأدنى للأجور، بينما قامت مجموعة أخرى في الصباح بتنظيم فعالية إعلامية من أجل الكفاح لإصلاح قوانين الهجرة.
"هيلاري إلى السجن 2016"
ويبدو أن هناك عددا من المتظاهرين يرفضون كل ما له علاقة بالدولة. بعضهم يحملون أقنعة "أنونيموس"، أو ينتمون لحركة "احتلوا وول ستريت". كما يشارك في المظاهرات العديد من المحاربين القدامى، الذين لم تعد لديهم أية رغبة لاستيلاء الجمهوريين على السلطة. "لا، نحن لسنا خائفين من المسلمين، بل نحن خائفون من حرب جديدة"، كما يقول مثلا كريس هاغن، الذي شارك في الحرب لمدة عشر سنوات في العراق وأفغانستان.
لكن البعض الآخر يتظاهرون ضد هيلاري كلينتون مثل جو بيغز، الذي يرتدي قميصا (تي شيرت) كتب عليه: "هيلاري إلى السجن عام 2016 وليس لمنصب الرئيس". ويشرح جو بيغز موقفه بالقول: "أنا سئمت من كل هذا الكذب. في الماضي كنت أصوت لصالح الديمقراطيين. والآن لم أعد أدلي بصوتي." مقاطعة الانتخابات أصبحت أيضا من الاختيارات والمواقف السائدة في الولايات المتحدة.
التظاهرات لا تخلو من الجانب التجاري
وكما هو الحال في أمريكا لا تخلوا الحركات الاحتجاجية من الاستفادة من الناحية التجارية. وبينما يمكن الحصول على الملصقات والعلامات المناهضة لترامب مقابل التبرع طواعية بمبلغ مالي، يصل ثمن الهدايا التذكارية التي تحمل صور ترامب إلى 25 دولار، وثمن ثلاثة أزرار بعشرة يورو.
ويأمل جيرمي ريان من ولاية ميشيغان أن يزداد عدد المظاهرات الاحتجاجية ليبيع أكثر. فهذا الشاب البالغ من العمر 22 عاماً، يقول إنه مستقل مع بعض الميول الديمقراطية، لكنه متأكد أنه لن يصوت لصالح هيلاري كلينتون.
وفي حال عدم ترشيح ترامب، فهو مصمم على اختيار مرشح جمهوري آخر. "في حال عدم ترشيح ترامب سأبيع أقمصة تيد كروز". فجيرمي ريان يعتقد أن كروز "هو الأفضل لبيع عدد أكبر من الأقمصة "التيشرت".
ويبدو أن يوم الثلاثاء القادم سيكون يوما جيدا لجيريمي ريان. فخلال ذلك اليوم سيختار سكان نيويورك مرشحيهم. ويبقى دونالد ترامب الأوفر حظا وسط الجمهوريين.