"الاقتصاد الصيني قد يتخطى نظيره الألماني في السنوات العشر القادمة"
دويتشه فيله: أفاد المكتب الوطني للإحصاء في بكين أن الناتج المحلي الصيني نما بمعدل نحو 17 بالمئة أكثر من المتوقع ليصل إلى حوالي 16 مليار يوان، ما يعادل 1.65 بليون يورو، متى يمكن للصين كدولة صناعية تخطي أمريكا واليابان وألمانيا؟
كلاوس جريم Klaus Grimm: بداية لا بد لنا من النظر إلى الأمر بشكل نسبي. فالمسألة تتعلق بحجم الناتج المحلي للبلاد ككل وليس بنصيب الفرد من هذا الناتج. فهذا الحجم لا يبدو كبيراً في بلد يبلغ تعداد سكانه 1.3 إلى 1.4 مليار نسمة. فهو لا يعني أن الصين أصبحت بموجبه بلداً صناعياً متطوراً، أما تربعها على صدارة القوى الاقتصادية في العالم فهو بحاجة إلى حوالي ثلاثة إلى أربعة عقود.
دويتشه فيله: هل أصبحت الصين قريبة من ألمانيا كقوة اقتصادية؟
كلاوس جريم: نعم، إلى حد ما، يتوقع أن تتخطاها خلال السنوات العشر القادمة.
دويتشه فيله: ما هي القوة التي ينطوي عليها المستوى الذي وصل إليه الناتج المحلي الصيني؟
كلاوس جريم: سيتم استخدام هذا المستوى للإشارة إلى ثقل الصين السياسي، فالأرقام الاقتصادية يمكن استخدامها لقول الكثير أو القليل. فقوة الناتج المحلي تصبح نسبية في بلد عدد سكانه كبير مثل الصين. لكن الأخيرة نطمح إلى أن تصبح قوة اقتصادية وسياسية هامة ليس فقط على الصعيد الإقليمي مقارنة باليابان مثلاً. فهي تطمح أيضاً للعب دور شبيه بالدور الأمريكي في المستقبل.
دويتشه فيله: هل الصين في الطريق نحو تشكيل خطر على الولايات المتحدة كقوة اقتصادية؟
كلاوس جريم: لا، لا أعتقد ذلك، إن الرقم الذي وصل إليه الناتج المحلي الإجمالي الصيني لا يقول الكثير عن قوة الصين الاقتصادية. فإذا وزعنا هذا الناتج على عدد السكان لظهر معنا أنها ما تزال بعيدة عن مستوى الدول الصناعية. من ناحية أخرى فإن النجاح الاقتصادي الصيني يأتي من مناطق شرق البلاد وجنوبها. وهناك فرق كبير بين هذه المناطق وتلك الواقعة في الوسط والغرب الصينيين. فهناك يوجد مناطق ما تزال في عداد المناطق الفقيرة.
دويتشه فيله: تشير إحدى دراسات البنك الدولي إلى أن الاقتصاد الصيني أكبر بنحو 20 بالمئة من الرقم المعلن عنه، هل يفاجئك ذلك؟
كلاوس كريم: لا، لم يفاجئني، فالإحصائيات الرسمية شيء والواقع الاقتصادي الفعلي شيء آخر. هناك اقتصاد ظلٍ لدينا وفي كل مكان. وفي حال أخذه بعين الاعتبار يصبح الناتج المحلي أكبر. وبغض النظر عن ذلك، فإننا لا نعرف مدى صحّة الإحصائيات الصينية وهل هي جديرة بالثقة أم لا.
دويتشه فيله: إلى أي حد تريد الصين توظيف هذه الأرقام لأهداف سياسية؟
كلاوس جريم: بالتأكيد، هذا الأمر له صلة بالسمعة ووضع البلد. لذا فهو بالنسبة للصين أمر مهم جداً. والحكومة تستغل مثل هذه الأشياء للدعاية. بواسطة الأرقام المذكورة والدراسات حولها يمكن صنع ثقل سياسي.
دويتشه فيله: هل تريد بكين إهابة العالم من خلال إنجازاتها الاقتصادية؟
كلاوس جريم: ربما يريد الصينيون من ذلك إبهار العالم والقول له بأنهم قوة عظمى ليس فقط على الصعيد السياسي. ربما يريدون القول أنهم ليسوا فقط في مجلس الأمن وإنما كقوة اقتصادية أيضاً. صحيح أن أرقام الناتج المحلي والصادرات تثير الدهشة للوهلة الأولى، غير أن التمعن بها يقلل من قوة هذه الدهشة. لو نظرنا إلى بنية الصادرات لوجدنا أنها لم تعد تقتصر على الأنسجة وألعاب الأطفال. فقد تنوعت لتشمل كذلك منتجات إلكترونية وميكانيكية كما هو عليه الحال لدى ألمانيا. غير أن الاختلاف بين منتجات الأخيرة والمنتجات الصينية ما يزال كبيراً على صعيد المستوى التقني والنوعية.
كلاوس جريم هو المدير التنفيذي للغرفة التجارية الألمانية في الصين وموفد الاقتصاد الألماني سابقاً في شانجهاي و بكين.
أجرى المقابلة شتيفان لايدل/ إعداد عمّار بخيت