الاتحاد الوطني الكردستاني:إغواء السلطة وغدرها
١٤ نوفمبر ٢٠١٣احتفظ الاتحاد الوطني الكردستاني بنصيبه من السلطة في كردستان مع خصوصيات الحال السياسي والقومي لاقليم كردستان العراق غير الخافية على احد، ومنها ما استقرت عليه قيادة الثورة، وسلطة الاقليم، بين حزبين نافذين، تقاتلا، ثم ائتلفا اخيرا لتقاسم الادارة في لزوميات شديدة الحساسية، وحدود شديدة التعقيد، وتطبيقات شديدة التداخل، تضاف لها الضغوط والاختراقات والاملاءات الايرانية والتركية، ثم استحقاقات التغيير على مستوى العراق.
وما كان لمثل هذه الشراكة بين الحزبين النافذين ان تمضي لعقد ونصف من العواصف، ويدخلان بها الى مرحلة التغييرات الدرامية على هيكلية الدولة العراقية بعد الاطاحة بنظام بغداد الدكتاتوري الشوفيني لولا مهارة وحُسن التحسبات التي صاغتها والتزمت بها زعامتا الحزبين، جلال طالباني ومسعود بارزاني، ولن تعتبر ملاحظة خارج الصدد القول بان لمام جلال فضيلة خاصة، معترف بها، على انضباط هذه الشراكة، وحمايتها، قدر الممكن، من سلبيات وعوارض الانتقال من الثورة الى السلطة.
ان تجارب انتقال احزاب الثورة الى السلطة غزيرة بالعثرات والانحرافات والصراعات، ويمكن التوقف عند ما حصل في جبهة التحرير في الجزائر، والحركة الشعبية "يونيتا" في انغولا، وغيرهما كثير، إذ استفحل الصراع في الحلقات الثورية القائدة، واستشرى الفساد في مفاصلها وانتهى كل ذلك الى انتكاس برامج التنمية ونمو الفئات الطفيلية بمحاذاة الطبقة السياسية المتنفذة، واندفاع الفوارق الطبقية الى مناسيب خطيرة، عدا عن النتائج السلبية لثقافة العنف (المقاومة) التي كانت مقدسة في مرحلة الثورة، وصارت عائقا في مرحلة البناء.
على ان شيئا من هذا حدث في تجربة الثورة الكردية وفي ساحتها قيد النظر: ادارة السليمانية والاتحاد الوطني الكردستاني، ومن البديهي ان نستدرك القول بان الساحة الثانية (اربيل) لا تخرج عن احكام هذه النتائج إلا في حدود التفاوت في الوقت، وربما في عوامل ذاتية معروفة.
"الاكتفاء بالترضيات والتسويات الأخوية لن يبعد الأزمة"
احسب ان هذه المطالعة في التشابهات تقربنا من رؤية المعالجة المطلوبة لاوضاع الاتحاد الوطني الكردستاني، طالما ان هذه المعالجة ينبغي ان تتجه الى إصلاح القيادة ثم الى اجتثاث الفساد الذي يضرب مفاصلها ويفتت وحدتها، فالنظر الى مصلحة الشعب الكردي ولوازم حماية ادارة السليمانية تفرضان اجراء مراجعة نقدية صريحة يتخلى خلالها اقطاب "المصالح" عن امتيازاتهم وحيازاتهم التي حصلوا عليها خلال تبوؤهم المناصب غداة تحرر الاقليم (وتوزيعها على الفئات الشعبية الفقيرة) وليعودوا الى صف الشعب برصيدهم النضالي وسجلهم العريق في القتال والافتداء وخبرة السياسة والادارة، وضمان فتح ابواب القيادة امام الشبيبة المبدعة من النساء والرجال.
بوجيز الكلام، إن إبقاء الحال القيادي على حاله والاكتفاء بالترضيات والتسويات الاخوية لن يبعد الازمة عن حافة الخطر.. ويمكن لاصدقاء القضية الكردية ان يراهنوا على انتصار الحكمة وروح التضحية في صفوف القادة الكرد الذين يديرون قارب الاتحاد الوطني الكردستاني.. والوقت يغري، ويغدر أحيانا.
********
" يمكن للمرء أن يفعل ما يشاء، لكنه لا يستطيع أن يريد ما يشاء".
شوبنهاور
نشر المقال نصا في جريدة (الاتحاد) الناطقة باسم الاتحاد الوطني الكردستاني ويعاد نشره على صفحتنا بالاتفاق مع الكاتب