الاتحاد الأوروبي يتجه إلى إعادة تنظيم علاقاته مع الصين
١٢ مايو ٢٠٢٣قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك وغيرها من كبار الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة (12 مايو/أيار 2023)، إنه يتعين على التكتل التعلم من الأخطاء السابقة عند مراجعة علاقاته مع الصين.
وتحدثت بيربوك في اجتماع في ستوكهولم حيث ناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي كيفية مراجعة علاقات التكتل مع بكين لاتخاذ موقف موحد، بما في ذلك خفض الاعتماد الاقتصادي عليها وكيفية التعامل مع التحديات الأمنية، ودفع بكين إلى اتّباع سياسة أكثر تشدداً تجاه موسكو في ملف أوكرانيا.
وتتواجه الصين والدول الغربية حول ملفات عدة منها أوكرانيا وتايوان وحقوق الإنسان والأويغور. لكن الغربيين لم يعتمدوا نهجاً موحداً حيال كل هذه المسائل.
"أمل قد يكون خادعاً"
وقالت بيربوك إن الماضي أظهر أن الأمل في علاقات اقتصادية قوية توفر الأمن يمكن أن يكون خادعاً، في إشارة إلى افتراضهم أن روسيا لن تخاطر بصفقات الغاز التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات مع دول التكتل بالدخول في حرب مع أوكرانيا. وأشارت، مثل وزراء آخرين، إلى الحد من المخاطر الأمنية المرتبطة بالتبعية، داعية إلى توحد التكتل واستخدام قوة السوق المشتركة "بثقة".
ودعا وزير الخارجية الليتواني جابريليوس لاندسبيرغيس في وقت سابق اليوم نظراءه في الاتحاد الأوروبي إلى عدم تكرار الأخطاء التي تم ارتكابها مع روسيا عند التعامل مع الصين. وأضاف الوزير اليوم الجمعة: "في بعض الحالات، نرى عدم تغير المسار والعادات".
وتابع بالقول إنه يجب على الدول الأوروبية أن تضع في الحسبان سيناريو لا يتم فيه خفض العلاقات التجارية مع الصين طواعية ولكن "لأن الوضع، على سبيل المثال، في مضيق تايوان تغير بالقوة". وأوضح الوزير: "تبني الصين نظاماً عالمياً جديداً"، ولا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يكون مشاهداً سلبياً.
"منافس مهم"
وبحسب بيانات المفوضية الأوروبية، تعد الصين أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالواردات، بحصة تبلغ 20.8% في عام 2022، وفيما يتعلق ببعض المواد الخام الهامة ، فإنها الصين تحتكرها تقريباً.
وقال الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مستهل الاجتماع: "علينا أن نعيد ضبط موقفنا تجاه الصين"، مضيفاً أن "الصين منافس مهم، وليس فقط مورداً للسلع الرخيصة"، وقال إن هناك حاجة للحد من التبعيات ولكن مع الاستمرار في التعامل مع بكين.
وأطلع بوريل الوزراء على ورقة عمل مرفقة برسالة توضيحية ترمي إلى التحضير للقمة الأوروبية المقرّرة في الثلاثين من حزيران/يونيو. وتشدّد الرسالة التي اطّلعت عليها وكالة فرانس برس على أن "الصين تغيّرت كثيراً.. صعود النزعات القومية والأيديولوجية، واشتداد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين وهو أمر مؤثر في كل المجالات السياسية، وكون الصين بصدد التحوّل، كلها أمور تفرض تحديد استراتيجية متماسكة".
وأضاف المسؤول الأوروبي: "الصين تحرق فحماً أكثر من بقية العالم مجتمعاً، مضيفاً أنه لا يمكن حل تغير المناخ "دون مشاركة قوية مع الصين"، في إشارة إلى تعقيد علاقات التكتل مع بكين.
نبذ "ذهنية الحرب الباردة"
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الصيني تشين غانغ أن على الصين وأوروبا أن تنبذا معاً "ذهنية الحرب الباردة"، تزامناً مع اجتماع وزاري للاتحاد الأوروبي يهدف إلى "تعديل" الموقف الأوروبي تجاه بكين.
وقال تشين غانغ في مؤتمر صحافي خلال زيارة إلى أوسلو "اليوم يصعّد البعض الكلام عن الديموقراطية في مواجهة الاستبداد ويمضون إلى حد التحدث عن حرب باردة جديدة". وتابع "إذا حصلت حرب باردة جديدة، فإن النتيجة ستكون أكثر كارثية" من سابقتها. وأكد أنه يتعين على الصين وأوروبا معا "أن ترفضا ذهنية الحرب الباردة".
وأثارت بروكسل حفيظة بكين باقتراحها على الدول السبع والعشرين تقييد إمكانات التصدير بالنسبة إلى ثماني شركات صينية متّهمة بإعادة تصدير سلع إلى روسيا بمكوّنات إلكترونية وتقنيّات حسّاسة مثل أشباه الموصلات والدوائر المتكاملة. لكنّ وزير الخارجيّة الصيني تشين غانغ الذي يجول في أوروبا حذّر في برلين من أنّ بكين "ستردّ" إذا تمّ تبني هذه الإجراءات.
ع.ح./ص.ش. (د ب أ ، أ ف ب)