الإنترنت لعلاج الصدمات النفسية في العراق
٢٣ ديسمبر ٢٠٠٩أول سؤال راود المشرفتان هذا المشروع، بيرجيت فاغنر وكريستينا كنيفلسرود، من مركز برلين لضحايا التعذيب، هي إمكانية وصول المستفيدين لشبكة الإنترنت في العراق. بيرجيت فاغنر تجيب قائلة بأنهما لم تكونا قادرتين على السفر إلى العراق، "فنحن كنا نعتمد على التقارير التي ترد من هناك، ولدى العراقيين امكانية استعمال الإنترنت، لكن ليس بالتطور الذي لدينا هنا في الدول الأوروبية، والإنترنت يستخدم هناك مثلا للتحقق من الوضع الأمني".
هذا واضطرت بيرجيت وكريستينا للقيام بالعديد من الحملات الدعائية لنشر فكرة مشروعهما في العراق، والذي يهدف إلى معالجة ضحايا الصدمات النفسية الناتجة عن الحرب بواسطة موقع الكتروني على الإنترنت، وهو أمر غير جاري به العمل لدى المواطنين العاديين.
وظهرت أفلام دعائية قصيرة على أشهر القنوات الإخبارية في العالم مثل سي.إن.إن وقناة الجزيرة والعربية، إضافة إلى إعلانات ظهرت في الصحافة المحلية في العراق للفت نظر المعنيين إلى هذا المشروع.
برنامج علاج كامل في الإنترنت
وأنهت كل من بيرجيت فاغنر وكريستينا كنيفلسرود جزءاً من دراستهما في الطب النفسي في مدينة أمستردام الهولندية، وذلك تحت إشراف ألفرد لانغة، أحد رواد العلاج النفسي عن طريق الإنترنت، والذي قام منذ أعوام بتطوير برنامج علاج نفسي لضحايا عوارض التوتر الناتج عن الصدمات المعروف اختصارا بPSTT يمكن الاستفادة منه بشكل كامل عن طريق الإنترنت. ومن خلال هذا البرنامج يقوم المريض بكتابة عشرة نصوص على مدى خمس أسابيع، يصف من خلالها التجربة التي سببت له الصدمة، وفي النهاية يقوم المريض بكتابة "رسالة وداع موجهة للصدمة النفسية". ويتم إرسال كل نص يكتبه المريض بالبريد الإلكتروني إلى الطبيب النفسي المعالج، والذي يقوم بقراءتها والتعليق عليها وإرسال التعليمات الخاصة بكيفية كتابة الرسالة التالية. وتشير العديد من الدراسات إلى فاعلية هذه الطريقة، والتي يتم استخدامها حالياً في هولندا لمعالجة أشكال مختلفة من الصدمات النفسية.
وتم تطوير المفهوم الهولندي لملائمة بيئة وثقافة مناطق النزاع بالتعاون مع عدد من الأخصائيين المحليين، وبناء عليه يتم بناء الموقع الإلكترونية الخاص بالبرنامج العلاجي. وتضيف بيرجيت فاغنر أن "بعض المعالجين النفسيين عراقيون كانوا في السابق مرضى ويعيشون حالياً في سوريا أو دبي أو لندن. هناك بالطبع أطباء نفسيون أيضاً من ألمانيا ولكن ذوي أصول عربية".
معالجون محليون وبيئة غير ملائمة
ومن المهم للمشروع ألا يكون المعالجون النفسيون معرضين للصدمات النفسية أيضاً، فمعظمهم يقيمون في دول مجاورة للعراق، وينحصر نشاطهم في الرد على استفسارات المرضى بواسطة استمارة يتم تعبئتها عن طريق الإنترنت، ويتم على أساسها تحديد ما إذا كان البرنامج مناسباً لعلاج حالة المريض. ويتم إقصاء المرضى المهديين بالإقدام على الانتحار أو الذين يعانون من هوس نفسي من البرنامج.
وتعتبر إمكانية معالجة المرضى في العراق محدودة للغاية، إذ إن شروط العلاج النفسي هناك ليست متوفرة بشكل جيد. هذه ليست المشاكل الوحيدة التي تعاني منها منظمتا المشروع، إذ تؤكد بيرغيت فاغنر إنهن يكافحن "بسبب طول فترة العلاج في العراق مقارنة بأوروبا، فالبرنامج الذي يدوم في أوروبا خمس أسابيع يستغرق العراق أربع إلى خمس شهور، وهذا عائد على الوضع الأمني المتدهور، والذي يمنع المرضى من مغادرة منازلهم. هذا يعتبر عامل إزعاج كبير للعلاج وللمشروع".
إضافة إلى ذلك تعاني المشرفتان على المشروع من عدم الثقة التي يبديها العراقيون اتجاه بعض المؤسسات الغربية ، إذ يشكو المرضى المشاركون في البرنامج من أن أصدقاءهم ومعارفهم في العراق يتهمون المشروع بأنه مموّل من الاستخبارات الغربية، مما يدفع بعضهم لقطع العلاج.
وتشارك عدد من المؤسسات حالياً في هذا المشروع، مثل مركز برلين لضحايا التعذيب، والجامعة الحرة في برلين، وجامعة زيوريخ. وتأمل منظمتا المشروع في أن يتم تطويره مستقبلاً وأن تنجحا في التغلب على قلة الثقة في فعالية العلاج النفسي عن طريق الإنترنت.
الكاتب: أندريا لويغ/ ياسر أبو معيلق
مراجعة: حسن زنيند