"الإرهاب المشع".. ما هي "القنبلة القذرة" وما مدى خطورتها؟
٢٦ أكتوبر ٢٠٢٢
إلى الآن هي مجرد جزء من المعركة الدعائية: اتهم وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو أوكرانيا بالعزم على استخدام "قنابل قذرة"، مدعياً أن كييف تخطط لشن مثل هذا الهجوم، فقط لإلقاء اللوم على القوات الروسية وتشويه سمعة القيادة الروسية.
ونفى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والعديد من الحكومات الغربية بشدة هذا الاتهام. من وجهة نظر كييف، فإن الأمر عكس ذلك تماماً، حيث أشار زيلينسكي: من الواضح أن موسكو نفسها لديها مثل هذه الخطط.
"القنابل القذرة" ليست قنابل ذرية
"القنابل القذرة" هي أسلحة تقليدية محملة بمواد مشعة كتلك المستخدمة في العلاج الإشعاعي أو حفظ الأطعمة أو اختبار المواد الصناعية في ظل ظروف خاضعة للرقابة.
"إنها ليست قنبلة ذرية،" يؤكد فولفغانغ ريشتر، العقيد السابق في الجيش الألماني وعضو مجموعة الدراسات الأمنية في "مؤسسة العلوم والسياسة" (SWP) في تصريح لـ DW: "هذا يعني عدم وجود سلسلة من ردود الفعل النووية، والتي سيكون لها بعد ذلك قوة تفجيرية هائلة، وينتج عنا موجة حرارية قاتلة وموجات من الضغط والشفط، بالإضافة إلى إشعاع نيوتروني شديد الخطورة يمكن أن ينتقل عبر مسافات بعيدة بفعل الرياح والأمطار". وفقاً لريشتر، كل ما سبق ذكره ينطبق على الأسلحة النووية، ولكن ليس على القنابل القذرة.
ويجزم الخبير الألماني بأن الخطر المباشر للقنبلة القذرة لا يكاد يتجاوز خطر العبوة القنبلة التقليدية نفسها. ومع ذلك، على المدى الطويل، يكون الإشعاع ضاراً على الأقل بالصحة، اعتماداً على كمية الإشعاع التي يمتصها الجسم، ما قد يؤدي إلى الموت لاحقاً. "اعتماداً على حجم الانفجار ومستوى النشاط الإشعاعي، يمكن أن تصبح مناطق واسعة جداً غير صالحة للسكن لفترة زمنية معينة"، على حد قوله.
الإرهاب المشع: خطر مسكوت عنه
القنابل القذرة ليست جديدة، ولكنها وحتى اليوم تم التعامل معها في المقام الأول على أنها تهديد إرهابي. في عام 2003، صادر ضباط الشرطة في تبليسي وبانكوك بفارق زمني بسيط شحنتين غير قانونيين من السيزيوم المشع والسترونتيوم، والتي كان من الممكن أن تستخدم لصنع سيارة "مفخخة قذرة"، على سبيل المثال.
"انفجار تلك السيارة المحملة بقنابل قذرة كان سيتطلب إخلاء واسع النطاق في منطقة مكتظة بالسكان وأعمال ترميم وتنظيف من الإشعاع بمليار دولار"، حسب غيبهارد غايغر من مجموعة الدراسات الأمنية في "مؤسسة العلوم والسياسة" (SWP) في تصريح لـ DW.
في أيلول/سبتمبر 2016، تحدث المحامي والصحفي الأمريكي ستيفن بريل عن الأمر كجزء من موضوع غلاف مجلة السياسية الأمريكية "ذي أتلانتيك" في الذكرى الخامسة عشرة لهجمات 11 أيلول/سبتمبر، والذي حمل عنوان: "هل نحن أكثر أماناً". حسب ستيفن بريل، في عامي 2013 و2014 فقط، تم الإبلاغ عن فقدان أو سرقة المواد المشعة في 325 حالة، عدا عن الحالات غير المكتشفة أو التي جرى التستر عليها. يتهم بريل السياسيين بعدم إيلاء الاهتمام الكافي لذلك الخطر.
ا لتأثير النفسي أكبر من الجسدي؟
وحسب بريل، فإن هجوم إرهابي في وسط مدينة كبيرة بقنبلة قذرة من هذا النوع يمكن أن يلوث بالإشعاع عشرات الكتل السكنية ويكلف مليارات الدولارات لإزالة التلوث.
ومع ذلك، يرى بريل أن تقديرات الخبراء تفيد أنه "حتى بدون عمليات الإجلاء بالكاد سيموت أكثر من 50 إنسان نتيجة للإشعاع. ومن هنا يعتقد ستيفن بريل أن الخطر الأكبر لمثل هذا الهجوم الإرهابي هو الذعر الذي يسببه: "لذلك يجب على السياسيين توعية السكان من أجل السيطرة على الخوف الذي يسببه التهديد".
الهجوم بالقنابل القذرة سيكون "سخيفا جداً"
ومع ذلك، يمكن أن يكون تأثير القنبلة القذرة ذات التصميم العسكري أكبر من ذلك بكثير؛ "يمكنك أن تتخيل ذلك مثل إطلاق إشعاع عند حدوث خلل في محطة للطاقة النووية. تشيرنوبل ستكون مثالاً جيداً هنا"، يقول الخبير فولفغانغ ريشتر.
في عام 1986، أدى عطل في أحد المفاعلات في محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية إلى كارثة كبيرة. ومنذ ذلك الحين، هناك منطقة محظورة نصف قطرها 30 كيلومتراً حول مكان الحادث.
ومع ذلك، ولأسباب مختلفة، يعتقد العقيد السابق في الجيش الألماني أنه من غير المرجح أن تخطط روسيا نفسها لمثل هذا الهجوم. أولاً، قد يتعارض ذلك مع إعلان التعبئة: "روسيا تعول على زيادة نار الحرب بالوسائل التقليدية".
ثانياً، هناك خطر من أن تحمل الرياح الإشعاع في اتجاه القوات المنفذة للضربة أو قوات صديقة لها. ثالثاً، ستلوث مناطق على المدى البعيد يقول الكرملين إنها جزء من روسيا: "لهذا السبب أعتقد أن استخدام مثل هذه القنبلة ليس أمراً غير مسؤول فحسب، بل إنه أيضاً سخيف تماماً".
ويرى فولفغانغ ريشتر خطر التصعيد قبل كل شيء في التكهنات حول استخدام القنابل القذرة، من كلا الجانبين: "لقد تحدثت أوكرانيا بالفعل عن ضربة وقائية ضد استخدام نووي محتمل من قبل روسيا".
يان د. والتر (خ.س)