الإدانة السعودية لنظام الأسد بين تصفية حسابات وإعداد لمستقبل بدونه
٨ أغسطس ٢٠١١في خطوة هي الأولى من نوعها على الصعيد العربي منذ بدء الحركة الاحتجاجية في سوريا في مارس/ آذار الماضي، ندد العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بالعنف الذي يمارسه نظام الرئيس بشار الأسد، والذي تسبب حتى الآن في مقتل نحو ألفي سوري حسب مصادر حقوقية، وطالبه بالقيام بإصلاحات عاجلة وفورية.
وبالإضافة إلى التنديد بالعنف الممارس، أمر الملك عبد الله باستدعاء السفير السعودي من دمشق "للتشاور"، وهي خطوة يعتبرها محللون بأنها حاسمة وتشكل بادرة دعم معنوي هائل للمتظاهرين في شتى المدن السورية. لكن ما هي أبعاد هذه الخطوة السعودية وتأثيرها على العلاقات الثنائية بين الرياض ودمشق؟
تلميع للصورة أم جهد في إطار إقليمي؟
الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط ميشائيل لودرز يرى، في حديث مع دويتشه فيله، الخطوة السعودية على أنها تلميع لصورة الرياض إقليمياً ودولياً، خاصة وأنها "لم تأبه في السابق بدعم الانتفاضات العربية، بل على العكس هي ساعدت النظام البحريني على إخماد الحركة الاحتجاجية هناك، وهي تلعب دوراً غامضاً في اليمن. أما في ليبيا فقد نأت السعودية بنفسها عن لعب أي دور هناك، ولم تقم بأي دور في الثورتين التونسية والمصرية".
ويضيف لودرز أن السعودية تسعى، من خلال انتقادها لسوريا، إلى الوصول إلى إيران، حليفة سوريا القوية وعدوة السعودية اللدودة، مشيراً إلى أن " السعودية لديها بعض الحسابات المفتوحة مع سوريا، وأعني بذلك في نفس الوقت أيضاً حزب الله وإيران"، في تلميح إلى اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، الذي كان يعتبر من أصدقاء السعودية المقربين، ووقوف كل من سوريا وحزب الله وراءه، بحسب ما توصلت إليه مؤخراً المحكمة الدولية التي تحقق في اغتيال الحريري.
أما الدكتور عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات، فلا يتفق مع تحليل لودرز للموقف السعودي، ويعتبر أن الخطوة السعودية جاءت في إطار حراك إقليمي يهدف إلى فرض المزيد من الضغط على بشار الأسد من أجل وقف حمام الدم في سوريا.
ويقول عبد الله، في حديث مع دويتشه فيله، إن "الموقف السعودي مرتبط بالتطورات الراهنة ... أعتقد أن الرياض تأنت كثيراً، وليس من عادة السعودية أن تأتي بمواقف حاسمة من هذا النوع. المعروف عن السياسة السعودية أنها محافظة ومتأنية، ولكن يبدو أن الاستياء السعودي بلغ مداه، واستياء العالم أيضاً بلغ مداه، ولم يعد بالإمكان السكوت عن هذا العنف المجنون الذي يجري على الأرض ضد مدن سورية ومدنيين آمنين في شهر رمضان".
انعكاسات سياسية واقتصادية
ويتوقع أستاذ العلوم السياسية أن تكون السعودية، بالإضافة إلى دول أخرى انتقدت نظام الأسد مثل تركيا وروسيا، تعدّ العدة لمرحلة ما بعد بشار الأسد، خاصة مع إعلان الولايات المتحدة في الأسابيع الماضية أن الأسد فقد شرعيته وأن عليه التنحي.
وبالإضافة إلى التبعات السياسية الناجمة عن فقدان أصدقاء وحلفاء له، يؤكد خبير شؤون الشرق الأوسط ميشائيل لودرز أن النظام السوري سيعاني أزمة اقتصادية حادة قد تخنقه وتؤدي إلى إفلاسه، خاصة إذا ما قامت السعودية بتخفيض مساعداتها المالية لدمشق أو قطعها بشكل نهائي.
ويتابع لودرز بالقول إن "سوريا لن تكون قادرة على الاستمرار في تبني سياسة قمع الاحتجاجات الشعبية بالقوة العسكرية لفترة طويلة. وحتى لو تم التوصل إلى حل للأزمة في سوريا في المستقبل القريب، فإن القيادة السورية ستواجه مشاكل تتمثل في جذب الاستثمارات اللازمة لإعادة البناء ... وعبر المسار المالي أرى أن لدى السعودية إمكانية كبيرة لممارسة ضغط سياسي على سوريا في المستقبل".
تحذير من تناقض في التصريحات
أما الدكتور عبد الخالق عبد الله فيرى أن الخطوة السعودية تشكل دعماً معنوياً من دولة خليجية وعربية انتظره السوريون منذ فترة طويلة، خاصة "باستدعائها (السعودية) لسفيرها. هذه خطوة ورسالة ضخمة جداً سياسياً للنظام في سوريا، ويبدو أنها حسمت الأمر لصالح الوقوف إلى جانب الشعب السوري ودعمه معنوياً في معركته من أجل الحرية".
من جهته يحذر ميشائيل لودرز العاهل السعودي من السير على أرض لزجة عند مطالبته النظام السوري بالإصلاح، لاسيما وأن السلطات السعودية " قامت في أبريل/ نيسان الماضي بتشديد القوانين التي تعاقب من ينتقد الحكومة وممثليها، والمؤسسات الدينية ونظام الشريعة الإسلامية في البلاد. وفي هذا السياق على الملك عبد الله أن يحذر من أن يسمع الناس في السعودية أيضاً دعواته للإصلاح في سوريا".
ياسر أبو معيلق
مراجعة: حسن زنيند