"لا يمكن لأيّ حكومة أن تضع لكلّ قبطيّ عسكرياً يحميه"
٢٦ مايو ٢٠١٧DW عربية: الأقباط تعرضوا لهجوم دامٍ جديد بمصر اليوم، برأيك كرجل دين وممثل للأقباط في ألمانيا، ألم تكن الاجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية كافية لحماية الأقباط؟
الأنبا دميان: لا يمكن لأيّ حكومة ولا لأيّ وزارة داخلية أن تضع لكل قبطي عسكريا أو ضابطاً يحميه، لكن من المفروض أنّ أواصر المحبة تبقي متوفرة للشعب المصري بحيث تحب الناس بعضها وتحافظ على بعضها ولا تعرض بعضها للخطر. فلا يمكن لأيّ حكومة في الكرة الأرضية أن تضع لكل إنسان شخصا آخر يحميه، لكن المطلوب تأصيل المحبة في قلوب الناس حتى تحب بعضها البعض، يعني إذا احترمنا بعضنا البعض وحافظنا على بعضنا البعض سيساعدنا العالم، وإذا رأى العالم أنّ الأقباط في بلدهم يتعرضون للنار أثناء توجههم للصلاة فكيف يمكن أن يزورنا السياح أو تكون هناك استثمارات في البلد؟. وبالتالي من يقترف هذه الأفعال الإرهابية يضر مصر ككل والأقباط بصفة خاصة. ونحن غير متعودين على هذا النوع من العنف في مصر. فهذه الروح الغريبة، أي روح الإجرام لسنا متعودين عليها في مصر.
وأقول إنها قادمة من الخارج تريد تكسير وحدة البلد وأواصر المحبة وتخريب البلد وحينما سيحدث ذلك، سيأتي (الضرر) على المسيحي والمسلم (على حدٍ سواء) . يجب على الشعب المصري كوحدة أن يستيقظ لهذا الخراب والغدر والكراهية ويُحاربها بكل قوة، لأنّ من يقترف هذه الأفعال لا يمكن أن يُقال عنه إنه شخص عاقل. بالأمس كانت لي فرصة أن أتكلم وأحضر لساعة كاملة مع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب في برلين بمناسبة تواجده هناك بدعم من وزير الداخلية من أجل اليوم الوطني الألماني للكنسية الإنجيلية، وهو نفسه مستاء ويدين الحوادث الإجرامية.
ويقول (الدكتور أحمد الطيب) إنّ هذا ليس التعليم الذي نعلمه للناس، وإننا نعلم الناس في المعاهد الأزهرية السلام ولا نعلمهم الكراهية ،والأقباط ليسوا كفاراً حتى ننصرف معهم بتلك الطريقة. فنحن نرفع صوتنا لكل المعاهد الدينية الإسلامية ونقول لهم من فضلكم تأكدوا من المناهج والخطب أيام الجمعة، وتأكدوا أيضا من التعليم الذي يتلقاه الصغار في المدارس وفي الكتاتيب والمساجد ،لأنني كما قلت لفضيلة الإمام الأكبر أمس إنه لم يُولد إنسان مجرم حيث إنه وُلد على صورة الله ومثاله، لكنّ هذا الإجرام نتيجة لتعاليم شريرة وفاسدة هي التي حولته إلى هذا المستوى من الإجرام، أي أن يقتل نفسه والآخرين.
هذا الذي تطلبونه من الأزهر والمؤسسات الدينية ، لكن ماذا تطلبون من الحكومة المصرية لكي تحمي الأقباط من هجمات إرهابية مثل هذه الأخيرة؟
نحن نطلب ونرفع صوتنا للحكومة المصرية ونقول لهم على مصر حماية مواطنيها، ونتمنى أن يأتي اليوم الذي يتم التعامل فيه مع هذا المواطن المصري من دون تمييز ولاعقاب. الإنسان له حرية اختيار دينه أو تغييره دون أن يُعاقب أو يُكافأ، وكذلك من المفروض إلغاء الخانة التي تتواجد في البطاقة الشخصية و التي تعرّف ديانة الإنسان، لأننا مواطنون في أرض مصر ومن المفروض ألا يكون الدين ميزة ولا عيباً وإنما نعامل حسب كفاءتنا، فمصر عليها مراعاة المساواة وواجب عليها حماية مواطنيها وإعطاء الحقوق الإنسانية الطبيعية لمواطنيها.
وإذا لم يحدث ذلك لن يشعر بالسلام أي أجنبي سواء كان سائحا أو مستثمرا في بلدنا. فكيف يمكن أن يشعر بسعادة في مكان يُقتل فيه الناس كما تقتل الحشرات. ويجب على الدولة أيضا أن تحقق في الإجرام وتعرف أسبابه ثم تقضي عليه. لا تراخي مع المجرم وإذا لم يتم إيقاف المجرمين عند حدهم سيتطاولون أيضا على الحكومة. وأنا أقول إن لم تمنع الحكومة المجرمين، فإن المجرمين سيمنعون الحكومة، لهذا من المهم جدا أن نفس الحكومة تحمي نفسها وتحمي شعبها وتضع نهاية لهذا الإجرام وهذه الخطة الغادرة التي تريد تدمير وحدة مصر.
برأيك، هل تدفع هذه الهجمات الأقباط إلى مغادرة مصر؟
البابا شنودة يقول إن مصر بلد لا نعيش فيها فقط بل تعيش فينا أيضا. مصر هي بلدنا التي أراضيها مُشمعة بدماء الشهداء، مصر التي فيها رهباننا وبطارقتنا وقديسينا، مصر هذه، زارتها العائلة المقدسة، مصر هذه، من المستحيل أن نستغني عنها فقد نستغني عن حياتنا لكننا لن نستغني عن مصر، وكوننا نترك مصر بسبب أن البعض يرتكب عمليات إرهابية هذا "كلام فاضي".
ودماء الشهداء هي جدار الكنيسة، وإذا مات شخص واحد من أجل اسم المسيح، فإن الكنيسة تنمو وتنهض وتقوى وتنتشر وتكبر وتعاطف الناس معها، يزداد يوما عن يوم، وتعرف الناس عليها واحترامهم وتقديرهم لها يزداد في كل العالم . وكلما حاول شخص ما أن يقضي على الكنيسة فهو يساهم في نموها وقوتها وشهرتها ورونقها في العالم كله. والكنيسة القبطية تتمتع باحترام العالم بأكمله، وأيضا بكرامة، مجد وبهاء يفوق العقل والخيال. والناس التي ترتكب هذه العمليات الإجرامية، تعطي صور سيئة عن دينها وبلدها بأكمله لذلك يجب التعامل معهم بكل حزم وبكل قوة وبدون تهاون.
أجرى الحوار: عارف جابو