الألعاب الالكترونية منصة للدعاية الانتخابية في أمريكا!
٢٦ أكتوبر ٢٠٢٠مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر، تقترب الحملة الانتخابية من نهايتها، والتي طغت عليها جائحة كورونا وتاثيراتها المستدامة على الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الولات المتحدة. وكما في كل أزمة هناك رابحون وخاسرون، يعتبر قطاع ألعاب الفيديو من الرابحين في أزمة كورونا، حيث أن الكثير من الناس يقضون أوقاتا أطول في بيوتهم، فمبيعات الألعاب ارتفعت خلال الأزمة بشكل ملحوظ.
وحتى لعبة Animal Crossing:New Horizons التي ظهرت في مارس/ آذار 2020 تُعتبر من الفائزين في الأزمة. ففي اللعبة يسافر اللاعبون واللاعبات إلى جزيرة افتراضية حيث يقومون هناك بممارسة الصيد ويهزون الأشجار إلى أن تتساقط فاكهتها، ويشيدون منازلهم ويتحدثون مع حيوانات ناطقة. وإلى اليوم تم بيع نحو 22,4 مليون نسخة من اللعبة حول العالم.
ألعاب الفيديو كمنصة لرسائل سياسية
هذا النجاح الكبير يستغله نشطاء سياسيون وساسة من أجل الوصول افتراضيا ـ عبر ألعاب الانترنيت ـ إلى الناس داخل بيوتهم وجذب اهتمام لأغراضهم وبرامجهم. وناشطة من حركة حياة السود مهمة أقامت في جزيرة ضمن اللعبة نصبا تذكاريا لجورج فلويد وسود آخرين سقطوا ضحايا عنف الشرطة. ومظاهرات افتراضية لحركة حياة السود مهمة حصلت أيضا في ألعاب شعبية أخرى مثل Sims و Grand Theft Auto أو World of Warcraft. ونشطاء من حركة الديمقراطية في هونغ كونغ حولوا احتجاجهم خلال الحجر الصحي إلى العالم الافتراضي للعبة Animal Crossing برفعهم لافتات بشعار "هونغ كونغ حرة.. ثورة الآن".
والديمقراطية الأمريكية ألكسندرية أوكازيو كورتيس ذهبت بشخصيتها في لعبة Animal Crossing في جولة حملة انتخابية ونقلت لسكان الجزيرة رسائل شخصية. ومنذ أسابيع يمكن للافتات انتخابية لجو بايدن وكامالا هاريس الظهور في الحديقة الأمامية الافتراضية. ولا توجد لافتات رسمية لحملة ترامب في اللعبة. ومن خلال متحدثة صحفية أبلغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن حملته ستواصل استنفاد مواردها في العالم الواقعي "مع أمريكيين حقيقيين".
دعاية في ألعاب فيديو
وتوجد في الحقيقة منذ سنوات طويلة ألعاب فيديو تُستخدم في الحملة الانتخابية، لكنها كانت مبرمجة فقط لهذا الهدف، إذن ألعاب دعائية خالصة ذات انتشار ضعيف للحزب الواحد ولمرشح أو مرشحة. وفي دعاية Ingame يكون الأمر مختلفا. فهنا تكون الدعاية كيانا مصاحبا وليس الهدف الرئيسي. لكن إلى يومنا هذا تبقى الدعاية في ألعاب الفيديو بصفة عامة استثناء.
"الدعاية التجارية لم تصل في ألعاب الفيديو إلى الحجم الذي تم التبأ به قبل عشر سنوات"، يقول خبير شؤون الاتصال كريستوف كليمت. وهذا ينطبق بالتحديد على الدعاية السياسية، وهو يعود بشكل أساسي للعقبات الفنية، إذ أن "ألعاب الفيديو غير عملية. والدمج الفني للدعاية يبقى بالمقارنة معقدا، لأنها برمجيات تفاعلية".
باراك أوباما أول من راهن على دعاية الألعاب
من أجل حملته استخدم حينها 18 لعبة فيديو معروفة، بينها لعبة كرة السلة NBA Live 08 أو لعبة السباق Burnout Paradise كمنصة دعائية. وكان بالإمكان مشاهدة منافس أوباما على ملصقات دعائية افتراضية. "كان لدينا فريق حملة انتخابية جد ذكي. وكان وضعنا المالي جيدا في الحملة الانتخابية لعام 2008 بحيث أنه كانت لدينا مجالات وإمكانيات مالية من أجل تجربة هذا النوع من الأشياء" يقول يوليوس فان دي لار الذي كان ضمن فريق حملة أوباما الانتخابية عام 2008.
تأثير ضعيف على القرار الانتخابي
وتأثير دعاية الألعاب على اللاعب أو اللاعبة يقدره خبير الاتصال كليمت بالضعيف جدا. فمن يلعب يركز على الحركة على الشاشة وليس على لافتات الدعاية. "ويتعلق الأمر هنا من خلال إجراء تكتيكي الوصول إلى مجموعات محددة وتبيان الجانب الإبداعي للحملة الانتخابية وتحفيز التغطية حول ذلك في وسائل الاعلام التقليدية"، يقول يوليوس فان دي لار. "فدعاية الألعاب وسيلة تحايل جميلة".
لكن الدعاية يمكن أن تكون مزعجة، وهذا ما يعرفه كل شخص يشاهد فيلما في التلفاز أو ينتظر فيديو على قناة يوتيوب أو يحمل شيئا من موقع على الانترنيت ويكون مجبرا من أن ينقر على الدعاية أولا. ومجموعة صغيرة بالتحديد لكن متعددة من لاعبي الفيديو تبقى جد حساسة عندما يتعلق الأمر بشغلها المحبب. وهذا يتبين دوما في سيل التعليقات السياسية السلبية التي تمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي عندما لا يعجب اللاعبون عرض أبطالهم. وإلى حد الآن تلبي غالبية شركات انتاج الألعاب هذه الرغبات "فشركات الترفيه الكبرى التي تطبع سوق الأفلام وألعاب الفيديو لها علاقة متقلبة مع السياسة"، يقول خبير شؤون الاتصال كريستوف كليمت.
"في الألعاب توجد طاقة سياسية هائلة"
تعقيدات سياسية ومضامين يصعب فهمها سياسيا تُستوعب كمزعجة ويتخلى عنها بالذات مطورو الألعاب يقول كليمت، ويضيف بأنه لا يعرف "هل يتم تزويد الجمهور بشكل جيد. لكن الأشخاص الذين يصرفون الكثير من الوقت والمال في ألعاب الفيديو لهم بالأساس اهتمام بتجارب لعِب قوية ولا يرغبون في الانزعاج من خلال التعقيد السياسي ونظريات تحسين العالم". لكن السياسة وألعاب الفيديو لا يجب بالضرورة أن تنفي بعضها البعض. فربط رسائل سياسية أو اجتماعية بشكل لبق مع القيمة الترفيهية للعبة هي مهمة إبداعية، كما يرى كريستوف كليمت ويقول "إذا ما تم حل هذه المهمة بشكل جيد، فيوجد في هذا المجال طاقة سياسية هائلة".
كريستينا رايمان شنايدر/ م.أ.م