الأطفال يقدمون أوبرا الخاتم في مهرجان بايرويت
٢٤ أغسطس ٢٠١١منذ ثلاث سنوات، بدأ مهرجان بايرويت الموسيقي العالمي مشروع "ريتشارد فاغنر للأطفال"، فكاتارينا فاغنر، مديرة المهرجان، كانت ترغب في فتح المجال لجمهور جديد. ويعد هذا المشروع الضخم مثل مهرجان مواز للمهرجان الأصلي. وهذا العام قدم المهرجان في إطار هذا المشروع أوبرا "خاتم الأطفال".
ولم يكن من السهل تحويل أوبرا "الخاتم" المكونة من أربعة فصول والتي يبلغ طولها الأصلي ستة عشر ساعة إلى أوبرا للأطفال لا تتعدى مدة عرضها ساعة ونصف الساعة. ورغم التغييرات الكبيرة التي قام بها المخرج الشاب ماكسيميليان فون ماينبورغ وقائد الأوركسترا هارتموت كايل، إلا أنهما تمكنا من الحفاظ على روح ريتشارد فاغنر والخط الأساسي الذي أراده لعمله الفني.
ويوضح فون ماينبورغ كيف تمكن من توصيل قصة الحب والخيانة وسقوط الآلهة للأطفال قائلاً: "القاعدة الأولى هي ألا نفكر أنهم طالما أطفال فلن يفهموا شيئاً. فالمهم هو التحدث معهم باختصار وبوضوح، هذه هي القاعدة الأهم". وبهذا المنطق، لم يحاول المخرج الشاب تفادي الأحداث الصعبة في القصة، "فالبطل زيغفريد يموت في نهاية القصة. كما أن هناك قصص حب، ومن الحب يتكون الطفل". ويؤكد فون ماينبورغ أن الأطفال يدركون ذلك، وأن مثل هذه القصص ليست غريبة عليهم، ولا تبعد كثيراً عن الأساطير التي تروى للأطفال، مثل قصص الأخوين غريم.
استمتاع الأطفال بالعمل أساس لجذبهم لفن الأوبرا
وكما يجب أن يفهم الأطفال القصة يجب أن يستمتعوا بالعمل ولا يصيبهم الملل ولو للحظات. فالاهتمام بالموسيقى منذ الصغر يساعدهم على تنمية ذوق فني رفيع كما تتمنى كاتارينا فاغنر. وهناك عدة طرق لجذب الأطفال لهذا الفن كما يؤكد فون ماينبرغ قائلاً: "أعتقد أن هناك طرقاً كثيرة لتقديم فن الأوبرا للأطفال. هناك إمكانية تأليف نسخة مبسطة من الأوبرا للأطفال. لكني في الوقت نفسه أجد أن اصطحاب الأطفال للأوبرا الحقيقية أمر هام ولا يضر، بشرط اختيار العمل الفني المناسب. فهذا العالم يسمح للأطفال باكتشاف الكثير ومعايشة الكثير. وهذا أيضا ًأمر ممتع للأطفال".
ولم يكن الأمر ممتعاً فقط للأطفال، فقد جذب العرض الجمهور منذ اليوم الأول ونفذت التذاكر فور عرضها. وكبار الفنانين الذين قدموا أعمالهم في المهرجان الأصلي، شاركوا أيضاً في أوبرا الأطفال، كما أثنى النقاد على العمل الفني الذي شارك الأطفال في تصميمه. ويعتبر اهتمام مهرجان موسيقي عالمي مثل مهرجان بايرويت بالأطفال وتخصيص مشروع لهم، بمثابة دفعة جديدة لفن "أوبرا الأطفال" الذي أصبح الآن فناً مستقلاً بذاته بعد قرون من اختراعه.
فن الأوبرا: فن وتربية
ويعود تقديم عروض مسرحية غنائية في المدارس للقرن السابع عشر، كما قام الفنان موتسارت بتأليف "أبوللو وهياسينتوس" خصيصاً للأطفال. ومع تطور علم النفس والتربية في القرن العشرين والبدء في النظر للطفل ككيان منفصل، تطور هذا الفن بشكل ملحوظ، وتخصص بعض الفنانين في كتابة أعمال خاصة يقدمها ويحضرها الأطفال بالدرجة الأولى.
وفي عام 1996 أنشئت أول دار أوبرا للأطفال في مدينة كولونيا الألمانية، وهي تعد حتى الآن مركزاً رئيسياً لهذا الفن في ألمانيا. وتقدم مسرحيات غنائية للأطفال على أعلى مستوى كما تحظى بشعبية كبيرة لدى سكان المدينة. وأدى النجاح الكبير لأوبرا الأطفال في كولونيا إلى تكرار التجربة في مدن أخرى، فأقيم دار أوبرا صغير للأطفال في دورتموند، كما تقدم دار الأوبرا الألمانية في برلين ودار الأوبرا البافاري بميونخ أعمالاً خاصة للأطفال.
ولا تقتصر مشاريع أوبرا الأطفال على كونها مشاريع فنية تقدم أعمال موسيقية للأطفال، لكنها مشاريع تربوية قبل كل شيء، فهي "أوبرا من الأطفال وللأطفال" في نهاية الأمر كما يؤكد لوفرنز لانغيفورت، الذي دعا إلى إقامة مشروع "أوبرا بيكولو" للأطفال عندما كان مديرا لدار أوبرا هامبورغ. وهو الآن يرحب بالمسرحيات التي تقدم من الأطفال وإليهم أثناء عمله كمدير لأوركسترا كولونيا الفيلهارموني.
أناستاسيا بوتسكو/سمر كرم
مراجعة: طارق أنكاي