الأسلحة الإسرائيلية تعتمد بشكل واسع على التقنيات العسكرية الألمانية
١٩ أغسطس ٢٠٠٦الهجوم الإسرائيلي على لبنان وما صاحبه من قصف لبيروت والمدن الأخرى والقرى اللبنانية تم باستخدام أسلحة متطورة تدخل تعتمد بشكل كبير على منتجات وتكنولوجيا عسكرية ألمانية. وفي هذا السياق، لا يخفى على أحد الدعم العسكري الكبير الذي تقدمه ألمانيا إلى إسرائيل منذ إنشائها على ضوء الالتزام الأخلاقي والتاريخي الذي أخذته على عاتقها بسبب جرائم النازيين ضد اليهود. ومنذ عام 1964 لم تعد صفقات تزويد الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل سرا، بل هناك تقارير تتحدث عن حجم هذا التعاون وأشكاله والذي بدأ بتزويد الدولة العبرية بالذخيرة والدبابات المستعملة.
دبابة ميركافا بمحرك ألماني
عندما أطلق صدام حسين صواريخ "سكود" على تل أبيب عام 1991 تصدت لها صواريخ باتريوت وإن لم تفلح في إسقاطها كلها، إلا أنها استطاعت أن تحد من فاعليتها. هذا ما كان ليحصل دون هذه الصواريخ التي وصلت من المستودعات الألمانية. هذه الصواريخ عادت لتظهر من جديد بعد مهاجمة أمريكا للعراق عام 2003. وفي هذا السياق أكد المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر مدى التزام بلاده بدعم الدولة العبرية: "إن الدفاع عن إسرائيل وأمن مواطنيها هو جزء من سياستنا التي تعود إلى جذور أخلاقية وتاريخية".
ومن الملاحظ أن صواريخ باتريوت هي استثناء، خاصة وأن العادة جرت على تزويد إسرائيل ليس بالنظم القتالية كاملة، بل ببعض مكونات هذه النظم وتكنولوجياتها. بعض هذه المكونات موجودة على سبيل المثال في دبابة ميركافا التي تعد من أكثر الدبابات في العالم كفاءة وقدرة على المناورة. ففي ألمانيا تم تطوير تصفيحها ومدفعها إضافة إلى أن محركها ألماني الصنع. ولا ينحصر الدعم الألماني على في هذه الدبابة وإنما يتجاوزه إلى البوارج والسفن وطائرات سلاح الجو الإسرائيلي التي تحتوي على تقنيات وقطع صنعت وطورت في ألمانيا.
وغواصات ألمانية قادرة على حمل صورايخ بعيدة المدى
رغم إعلان ألمانيا أنها لن تورد إلى إسرائيل أسلحة حربية ذات طبيعة هجومية لأسباب سياسية، إلا أن الغواصات الألمانية التي استلمتها إسرائيل تثبت عكس ذلك. وفي هذا السياق، قال الخبير الألماني اوتوفريد ناسوار من مركز المعلومات للشؤون الأمنية عبر الأطلسي:"لقد زودت ألمانيا إسرائيل ما بين الفترة 1998 و2000 بثلاث غواصات تم تمويلها من قبل دافع الضريبة الألماني بنسبة 80 بالمائة". وتتميز هذه الغواصات بقدرتها على حمل العتاد الثقيل وصواريخ بحر- بحر التي تستطيع إغراق السفن. كما أنها تستطيع حمل صواريخ بعيدة المدى، كما أوضح الخبير.
وتحصل إسرائيل أيضا على وسائل قتالية أمريكية مجهزة بتقنيات ألمانية عالية مثل طائرات F-16 ومروحيات اباتشي التي استخدمتها في هجومها على لبنان. وتضم هذه التقنيات أجهزة الرصد الليلي عن طريق الأشعة تحت الحمراء التي تساهم في تشخيص الأهداف بدقة والتصويب عليها في كافة الظروف الجوية.
الصفقات وفقا للاعتبارات السياسية
من ناحية أخرى، لا توافق ألمانيا على تزويد إسرائيل بكافة الأسلحة التي تطلبها خوفا من استخدامها ضد المدنيين وخاصة في الصدامات مع الفلسطينيين. ومن هذه الأسلحة المصفحة التي يطلق عليها اسم "دينجو" التي رفضت الحكومات الألمانية السابقة تزويد تل أبيب بها. إلا أن الحكومة الحالية كما يقول الخبير الألماني ناسوار يتوقع أن تسمح بتزويد إسرائيل بهذه العربة المصفحة التي تستطيع التحرك بسرعة في المناطق المأهولة وداخل الأزقة. كما تستطيع نقل الجنود وتوفير الحماية لهم من الألغام والأسلحة المضادة للدروع. وقد طلبت إسرائيل أكثر من 100 قطعة منها. ولكي تحصل عليها لابد من موافقة مجلس الأمن القومي الألماني على ذلك. ويتألف هذا المجلس من المستشار وزراء الخارجية والدفاع والداخلية ومدير المخابرات. وأشار الخبير إلى أن "تزويد إسرائيل بالسلاح يجب أن يتماشى مع القوانين الألمانية وقانون التجارة الخارجية" إضافة إلى القوانين المعمول بها في الاتحاد الأوروبي. ولكن الواقع يحكي قصة أخرى، إذ إن هذه الشروط " ليست وللأسف خاضعة إلى الناحية القانونية، بل تخضع لاعتبارات سياسية"، كما قال ناسوار.
ولذا لا غرابة في قيام الحكومة الألمانية بإخفاء صفقات تزويد إسرائيل بالأسلحة عن الرأي العام. كما إن ما تحصل عليه تل أبيب في كثير من الأحيان لا يتماشى والقواعد القانونية التي تنظم تصدير الأسلحة الألمانية بعكس ما هو متبع مع دول أخرى.
ميشتهيلد بروكآمب/ إعداد هشام العدم