"الأسبوع الاخضر" ببرلين: منافسة عربية-عربية والمستفيد أوروبا
٢٠ يناير ٢٠١٣بدأت في العاصمة الألمانية برلين فعاليات معرض "الأسبوع الأخضر" الدولي من 18 إلى27 يناير/ كانون الثاني 2013. ويعتبر هذا المعرض الأكبر في العالم من حيث عدد الدول المشاركة وعدد الزوار. وتعرف دورة هذا العام مشاركة عدد من الدول العربية، من بينها السودان، الذي يشارك للمرة الأولى.
تبلغ مساحة العرض المخصصة حوالي 115 ألف متر مربع، يستخدمها ما يزيد على 1600 عارض يمثلون ستين دولة، ويعرضون حوالي 100 ألف نوع من المواد الغذائية. ويعتبر معرض برلين نقطة انطلاق المنتدى العالمي للغذاء والزراعة، الذي يشارك فيه أكثر من 60 وزيراً على مستوى العالم.
مشاركة سودانية لأول مرة لكنها "مستغربة"
في الجناح 104 يعرض السودانيون للمرة الأولى في تاريخ المعرض منتوجاتهم الزراعية. وفي اتصال مع DW عربية، تقول المشرفة على الجناح السوداني، إلكه بيترهوف: "السودانيون يعرضون الصوف ونبات الجاتروفا، الذي تتنج منه الطاقة، وأيضاً الصمغ العربي الذي يستخدم في الصناعات الغذائية والمشروبات ومستحضرات التجميل". وتضيف بيترهوف أن أهمية نبات الجاتروفا بالنسبة للاقتصاد السوداني تكمن في "كونها نبتة سامة لا يمكن أكلها ولا تحتاج إلى مياه كثيرة، وهذا شيء مهم جداً في بلد كالسودان، الذي يعاني من شح المياه في العديد من المناطق".
لكن الصحافية السودانية المقيمة في ألمانيا نهلة طاهر استغربت مشاركة السودان في المعرض، وعللت ذلك في حديث مع DW عربية بأن "قطاع الزراعة في السودان تدهور بشكل مريع خلال العقدين المنصرمين، ولم تنجح الدولة في تطبيق الشعار الذي رفعته منذ عام 1989 (نأكل مما نزرع، ونلبس مما نصنع)".
وأرجعت طاهر السبب في ذلك إلى سياسات الدولة الخاطئة والفساد، معتبرة أن تلك السياسات الخاطئة "أدت إلى تدمير المشاريع الزراعية الكبرى التي كانت تغطي احتياجات البلد، وعلى رأسها مشروع الجزيرة". وتضيف الصحافية السودانية أن "السودان بدأ يستورد السكر والقمح والخضروات من دول عربية ومن تركيا". وشمل التدهور المنتجات الزراعية التي كان السودان يشتهر بتصديرها، كالقطن والصمغ العربي، الذي كان السودان على رأس الدول المنتجة له عالمياً.
مصر تلغي مشاركتها في آخر لحظة
كان من المفترض أن تشارك مصر أيضاً في هذا المعرض الدولي، إلا أن السفير المصري في برلين، وفي اتصال مع DW عربية، أكد أن بلاده قررت في اللحظة الأخيرة عدم المشاركة، دون إعطاء أي معلومات إضافية عن الأسباب.
وفي ذات السياق، يرى الدكتور عبد الحليم رجب، الباحث المصري في جامعة بامبيرغ الألمانية، في حديث لـ DW عربية، أن "مصر من بين البلدان التي تعتمد على الزراعة بشكل كبير، رغم أن أربعة في المئة فقط من إجمالي أراضيها صالح للزراعة، وتتركز في غالبيتها على ضفاف نهر النيل". وتضم المنتوجات الزراعية في مصر الأرز والصوف والذرة، وهي موجهة بالأساس إلى السوق الداخلية. لكن مصر تستورد حوالي 70 في المئة من احتياجاتها، وتعتبر من أكبر المستوردين في العالم للذرة، على حد تعبير الدكتور رجب.
دعم ألماني للقطاع الزراعي المغربي
أما المزاعون المغاربة، فيحاولون الاستفادة من الوضع المتقدم الذي يحظى به بلادهم في إطار اتفاقيات التعاون مع الاتحاد الأوروبي. ويسعى المغرب إلى الاستفادة من الدعم الأوروبي في المجال الزراعي، لاسيما مع ألمانيا.
ويقول ماركو فيدمان، مدير غرفة التجارة والصناعة الألمانية بالمغرب، في اتصال هاتفي مع DW عربية: "وقعنا مع اتفاقية تعاون في المجال الزراعي بين المغرب وألمانيا قبل عامين. وبمقتضى هذه الاتفاقية، تقدم ألمانيا دعماً تقنياً ولوجستياً للمزارعين المغاربة من خلال تأهيلهم وتقديم الخبرات الألمانية في المجال، وكذلك تعريفهم بكيفية عمل التعاونيات الزراعية الألمانية".
ويرى فيدمان أن المغرب "يزخر بالمحاصيل الزراعية عالية الجودة، كالليمون والطماطم وزيت شجر أركان والزعفران، وهي منتوجات يمكن أن تجد لها مكاناً مهماً في السوق الألمانية".
منافسة عربية والمستفيد أوروبا
كما تحاول العديد من الدول العربية دخول السوق الأوروبية بمحاصيل زراعية مماثلة، كالليمون والزيتون وبعض الفواكه، وتدخل في منافسة فيما بينها للفوز بالصفقات مع المستوردين الأوربيين. وهذا الإطار، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور عبد المجيد العيادي، أمين عام المنظمة الأورومتوسطية للتعاون والتنمية "إيما"، في حوار مع DW عربية، أنه، وعلى الرغم من أهمية المعرض بالنسبة للدول العربية في التعريف بمحاصيلها الزراعية، "إلا أن المعرض وحده لا يكفي، خصوصاً في ظل غياب اتفاقيات وتنسيق بين الدول العربية".
ويضرب العيادي مثالاً حياً على ذلك، إذ يقول: "عندما تتنافس نفس المنتجات لدولتين عربيتين فيما بينهما، كالمغرب وتونس مثلاً، على دخول السوق الأوروبية، فهذا التنافس لا يخدم مصالح أي منهما، ويجعل المستورد الأوروبي يستفيد من ذلك، من خلال عرض أسعار منخفضة". ويضيف العيادي أن دولاً مثل إسبانيا تسعى لاحتكار السوق الأوروبية، وتلجأ أحياناً إلى "الإنتاج في الدول العربية أو شراء المحاصيل الزراعية العربية وبيعها في السوق الأوروبية على أساس أنها منتوجات مغربية مثلاً".