الأزمة السورية فصل جديد في معاناة اللاجئين الفلسطينيين
١٧ أغسطس ٢٠١٢انفجرت عدة قنابل يدوية بالقرب من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بالقرب من دمشق مطلع آب/أغسطس الجاري الأمر الذي أسفر عن مقتل 14 لاجئا فلسطينيا وستة سوريين، ولم يعرف حتى الآن الجهة التي تقف وراء التفجير.
و قبل هذا الحادث بشهر أوقفت مجموعة مسلحة حافلة كانت تقل 15 من أعضاء جيش التحرير الفلسطيني بالقرب من مدينة حلب وقاموا بتصفيتهم بدم بارد. و ترجح بعض الجهات أن يكون الجناة من رجال الرئيس السوري بشار الأسد لكن لا توجد حتى الآن معلومات مؤكدة حول هوية الجناة.
وفي العام الماضي قامت قوات الأسد بقصف مخيم الرمل القريب من مدينة اللاذقية.
و عندما يتعلق الأمر بعدد القتلى في صفوف الفلسطينيين، يظهر الاختلاف الواضح في الأرقام فمن جهتها تتحدث حركة فتح عن مقتل 200 لاجئ فلسطيني فقط منذ بداية الثورة السورية، فيما تقدر منظمات فلسطينية أخرى العدد بالآلاف علاوة على عدد كبير من المعتقلين.
مع أو ضد الأسد؟
يتسم موقف نحو 500 ألف فلسطيني في سوريا بالتعقيد الشديد فكل طرف من أطراف الصراع يحسبهم على الطرف الآخر، ففي الوقت الذي تتهمهم فيه المعارضة بدعمهم لنظام الأسد، تقول قوات الأمن النظامية إنهم ينتمون للمعارضة.
ويقول المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)،كريستوفر غونيس في تصريحات لـ دي دبيليو عربية
"مع وجود هذا العدد الكبير من اللاجئين لا يمكننا أن نحدد بالضبط الجهة التي يقفون معها".
لكن ما يقال وراء الكواليس هو أن الأراء منقسمة بين اللاجئين الفلسطينيين فالجيل الجديد يدعم المعارضة في حين تحافظ بعض الجهات على ولائها للنظام.
من جهتها طالبت القيادة الفلسطينية اللاجئين في سوريا بألا يكونوا طرفا في الصراع. لكن الأمر ليس بهذه السهولة، لاسيما وأن الخطوط صارت متشابكة بشكل كبير فالكثير من السوريين يفرون من قوات الأمن ويجدون في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين البالغ عددها 12 مخيما ، الملاذ الآمن من بطش السلطات. ويظهر هذا بوضوح في مخيم اليرموك الذي صار يشبه ضاحية سورية أكثر من كونه مخيما للاجئين.
في الوقت نفسه يزيد الصراع في سوريا من تدهور الأوضاع الإنسانية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين إذ يقول غونيس:"تشير تقديراتنا إلى أن 225 ألف لاجئي فلسطيني يعانون من الصراع المسلح فالمواد الغذائية شحيحة ، ليس هذا فحسب بل من الصعب الحصول على مقومات الحياة الضرورية. لا يمكنني الحديث عن أرقام دقيقة لكن يمكنني القول إننا رصدنا بالفعل أولى حالات الإصابة بمرض التهاب السحايا و التيفونيد.
وتحاول "الأونروا" لفت الانتباه لمعاناة اللاجئين الفلسطينيين، إذ ذكرت على موقعها الإلكتروني أن اللاجئين الفلسطينيين بحاجة عاجلة للحماية مع تزايد حدة الصراع.
كبش فداء
تدرك القيادة الفلسطينية الوضع المتدهور للاجئين الفلسطينيين في سوريا إذ أرسلت مؤخرا قافلة محملة بالمواد الغذائية والأدوية من الضفة الغربية في اتجاه سوريا. وانتشرت بين الفلسطينيين خلال شهر رمضان دعوات التبرع لأبناء وطنهم الذين يعيشون في سوريا لاسيما وأنهم يدركون صعوبة موقفهم.
ويمتلئ التاريخ بالأمثلة التي يدفع فيها المواطنون ثمن مواقف سياسية ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل، ففي عام 1991 عندما أعلن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات دعمه لصدام حسين ، دفع الفلسطينيون المقيمون في دول الخليج ثمن هذا الموقف واضطروا لمغادرة البلاد التي كانوا يعيشون فيها.
وعندما دخلت القوات الأمريكية العراق عام 2003 ، ارتفعت الأصوات العراقية التي اتهمت الفلسطينيين بدعم صدام حسين وجرى طردهم إلى الحدود الأردنية والسورية. وفي لبنان تتعالى الأصوات التي تحمل اللاجئين الفلسطينيين هناك مسئولية الصراع مع إسرائيل.
لكن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا كانت الأفضل حتى اندلاع الثورة ، فالنظام السوري كان كريما مع الفلسطينيين، كما يقول غونيس الذي يوضح: "لم يتم منحهم الجنسية لكنهم كانوا يتمتعون بكافة الخدمات التي تقدمها الدولة. لا شك أن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا كانت أفضل قبل اندلاع الصراع".
غير مرحب بهم لدى جيرانهم
ويحاول الكثير من اللاجئين الفلسطينيين البحث عن وطن جديدا بعيدا عن الصراعات في سوريا ويتوجهون حاليا إلى الأردن أو لبنان. وفي لبنان تقدم نحو ثلاثة آلاف لاجئ بطلبات "للأونروا" من أجل الحصول على مساعدات.
ويفتح الأردن حتى الآن أبوابه أمام اللاجئين السوريين الذين يمكنهم الحركة بحرية كاملة داخل الأردن لكن الوضع ليس كذلك بالنسبة للاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا، كما تقول زيمونة هوزر من مؤسسة كونراد- آدينأور الألمانية في عمان.
وعندما يصل اللاجئون الفلسطينيون من سوريا إلى الأردن ، يتم وضعهم في مخيم الرمثا عند الحدود ولا يسمح لهم بدخول الأردن وكثيرا ما تتم إعادتهم.
وتوضح هوزر الأمر قائلة:"المشكلة أنهم بحاجة لتصريح من وزارة الداخلية الأردنية لأنهم لا يحملون الجنسية السورية".
وناشدت منظمة "هيومان رايتس وواتش" الحكومة الأردنية أكثر من مرة ، معاملة جميع اللاجئين بنفس الطريقة وعدم التفرقة بين الفلسطينيين والسوريين، مشددة على ضرورة عدم إجبار أي لاجئ على العودة لأماكن مضطربة.
و يمكن إرجاع سبب هذه التفرقة إلى اعتقاد السلطات الأردنية أن اللاجئين السوريين سيعودون إلى بلادهم بعد انتهاء الصراع لكن هذا لا ينطبق على اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يوجد لديهم الدافع القوي للعودة. و يبدو أن الأردن لم يعد مستعدا لاستقبال المزيد من الفلسطينيين الذين يشكلون بالفعل نحو ثلث تعداد الشعب.
ديانا هودالي/ ابتسام فوزي
مراجعة:حسن ع. حسين