الأخبار الزائفة ـ أداة سياسية تتلاعب بها أيضا أياد حكومية
١٣ فبراير ٢٠١٧"أكبر تحرك للقوات الأمريكية منذ عقود": فأربع سنوات بعد مغادرة آخر دبابة أمريكية الأراضي الأوروبية، تم في 12 يناير 2017 نقل وحدة الدبابات الأمريكية الثالثة إلى بولندا. وقد شملت القافلة أكثر من 3000 جندي و 87 دبابة ومئات من العربات تحركت من مدينة بريمارهافن الألمانية إلى الحدود الشرقية لبولندا. وكان بصحبة القافلة العسكرية كاميرات ومصورون ـ بحيث أنه بإمكان الرأي العام مشاهدة ما يحصل على الواقع. الرسالة السياسية الموجهة لموسكو كانت طبعا مقصودة.
تكاثر الدبابات العجيب
حين انتشر الخبر في ذلك الوقت تحدث موقع إلكتروني مجهول في شرق أوكرانيا الانفصالية عن تكاثر الدبابات العجيب. "وكالة أنباء دونباس" نشرت خبرا بأن الولايات المتحدة الأمريكية بصدد نقل 3.600 دبابة إلى الحدود المتاخمة لروسيا، وهذا تقدم عسكري كبير ضد روسيا.
بن نيمو من المجلس الأطلسي ينتمي لنحو 400 خبير يدعمون مجموعة عمل مكونة من 11 شخصا لدى الخدمة الخارجية للاتحاد الأوروبي للكشف عن الأخبار الزائفة. هذه الخدمة تكشف على نموذج مثل خبر "خبر الدبابات" وكيف ينتقل الخبر من موقع إلى آخر وكيف يتم توظيفه سياسيا: " فوكالة أنباء دونباس" وصلت إلى عدد 3.600 دبابة عن طريق مصدر حقيقي. لكن عندما نعد جميع العربات بما فيها تلك الاحتياطية في هولندا، فإننا سنصل إلى عدد 3.600 الذي يشمل كافة العربات". هذه القافلة اعتبرت تلقائيا بأنها دبابات. ومن هنا يمكن التعرف على أن هذا الخبر الزائف تم نشره عن قصد. "هذا شيء معتاد عند الحديث عن الأخبار الزائفة: إذ توجد نواة حقيقية تتشكل حولها مجموعة من النفايات"، كم يقول نيمو.
الطريق عبر الشبكة
قصة الدبابات ظهرت لاحقا على موقع الكتروني كندي يروج لنظريات المؤامرة. وأضاف الموقع عنوان "جنون سياسي". هنا تم نفخ القصة وتمريرها لمواقع مقربة من روسيا إلى أن وصلت إلى وكالة أنباء "ريا نوفوستي" الروسية. وهذه هي الخطوة الحاسمة، كما يقول بن نيمو، لأن وكالة الأنباء تضفي مصداقية على الخبر الزائف. وقد تمكن بن نيمو من متابعة تطور قصة الدبابات التي وصلت إلى ليتوانيا. وقام موقع إلكتروني نرويجي بحذفها بعدما تأكد من زيفها. لكن هنا يكمن الخطر: أي أن الأخبار الزائفة تحمل مصداقية المروج للخبر وليس المصدر الأصلي، حيث إن وكالة "ريا نوفوستي" أضفت صبغة صحة الخبر على القصة.
كيف يمكن مكافحة الأخبار الزائفة
إلى جانب الدعاية من طرف دوائر روسية مجهولة، يتم الترويج لأخبار زائفة متعددة، لأن بعض الناس يديرون هذه المواقع الإلكترونية بسبب عائدات أفلام الدعاية. وللكشف عن هويتها، يضيف نيمو، يجب البحث عن الأدلة ومتابعة مسار الخبر خطوة خطوة انطلاقا من المصدر."إنه اتهام قوي عند نشر أخبار زائفة، ولذلك يجب الكشف عن الأدلة". ومن هذا المنطلق شكلت عدة حكومات أوروبية، مثلا في برلين وباريس فرق عمل خاصة لمواجهة إشكالية الأخبار الزائفة.
مبدئيا يمكن لكل شخص أن يباشر عملية اقتناص الأخبار الزائفة. حيث "لا يلزم أن يكون المرء بارعا في التكنولوجيا، بل فقط أن يكون له الوقت الكافي ويعرف مواقع التواصل الاجتماعي وكيف تتعامل مع بعضها البعض ـ وبإمكان كل شخص فعل ذلك".
وهناك حاجة لوجود خبراء يستطيعون الكشف عن حالات مستعصية وفادحة، لكن يجب عليهم أن يكشفوا للمواطنين المهتمين بذلك عن كيفية إظهار الحقيقة وفنونها. فكلما زاد عدد الناس المهتمين ، إلا وتحسن مستوى الكشف وضعُف التأثير السياسي للأخبار الزائفة.
أعداء أوروبا
المراقبون يؤكدون ارتفاع عدد الحكومات التي تستغل وسيلة الأخبار الزائفة في الترويج لأخبار مثيرة. فروسيا توظف أموالا كثيرة وأعدادا كبيرة من الناس للترويج لأخبار زائفة بشكل يفوق طاقات الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء. وبالتالي يجب على الجميع تقديم يد المساعدة لمواجهة ذلك، مثل وسائل الإعلام والمجتمع المدني، ولاسيما قبل موعد الانتخابات، لأن هذا النوع الجديد من الدعاية بات أداة سياسية في يد بعض الحكومات في العالم.
مثل هذه الأخبار الزائفة يتم إصدارها أيضا من طرف أحزاب مثل الجبهة الوطنية الفرنسية أو من طرف حزب أوربان في المجر، وهي جات تزعم أنها ستكون في وضع أفضل لو كانت خارج الاتحاد الأوروبي وبدون عملة اليورو. ومن خلال نشر مثل هذه الأفكار يكمن خطر تسميم العقول بأخبار زائفة.
باربارا فيزل/ م.أ.م