الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا باتجاه التنسيق أروبيّا
١٣ نوفمبر ٢٠١٣قواسم مشتركة كثيرة تجمع بين السياسية الفرنسية مارين لوبين ونظيرها الهولندي خيرت فيلدرز: فكلاهما أشقر الشعر، كما أنهما ناجحان سياسيا على رأس حزبين يمنيين متطرفين: لوبين ترأس الجبهة الوطنية اليمنية في فرنسا، فيما يتزعم فيلدرز حزب الحرية اليميني المتطرف في هولندا. وكلاهما ضد أوروبا. ومن ثمة قرّرا خوض الانتخابات البرلمانية الأوروبية في مايو/ أيار 2014 سوية.
يتحرك كلاهما وفقا لدوافع مشتركة، أبرزها معارضة الاندماج الأوروبي، ومعاداة الأجانب؛ وزرع الخوف مما يصفانه ب"بروكسيل القوية"، بدعوى أنهما يصغيان إلى صوت الشعب، كما تقول سيلفي غولار، النائبة الليبرالية في البرلمان الأوروبي. "للأسف هذه أرضية مشتركة. ولكن إذا أعطت كل دولة أوروبية الأولوية لمصالحها الوطنية، فإن ذلك من شأنه أن يهدم أوروبا"، على حد تعبير غولار.
وبخصوص تنسيق محتمل بين الأحزاب اليمينية المتطرفة على المستوى الأوروبي، يقول كاي أرتسهايمر من معهد العلوم السياسية بجامعة ماينز الألمانية، إن ذلك "مستبعدا، لأن التاريخ أثبت أن الكتل المتطرفة في البرلمان الأوروبي، سريعا ما انهارت بعد سنتين أو ثلاث سنوات. ذلك أن المنافسة كانت شديدة والخبرة على وجه الخصوص كانت شبه معدومة". ويعزو أرتسهايمر عدم نجاح المشاريع السابقة إلى فشل الأحزاب اليمينية في إقناع الناخبين بأهمية التنسيق أوروبيًا بين الأحزاب القومية.
واجهة ديمقراطية وباطن متطرف
وقد أظهر أحد استطلاعات الرأي التي أُجريت في فرنسا أن الأغلبية ترشح حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف للفوز بالانتخابات البرلمانية الأوروبية في أيار/ مايو من العام المقبل. وكذلك حزب الحرية بزعامة خيرت فيلدرز يرى نفسه في المراتب الأولى.
وعكس الجيل الذي سبقهما تمثل كل من الفرنسية مارين لوبين والهولندي خيرت فيلدرز صورة جديدة لليمين المتطرف الذي يتجاوز حدوده الوطنية الضيقة. "فنبرة خطاب مارين لوبين أقل حدة من والدها"، تقول البرلمانية الأوروبية سيلفي غولار، في إشارة إلى الخطاب الشعبوي المستفز الذي كان يرفعه جان ماري لوبين. أما من ناحية المضمون، "فلا يزال الحزب ينفث سمومه، ويضم أناسا بتفكير عنصري. وقسم من برنامج الحزب يعطي الأولوية للفرنسيين دون غيرهم. وهو ما يتعارض مع القانون الأوروبي وميثاق جنيف لحقوق الإنسان".
ويوضح الخبير أرتسهايمر أن الأحزاب اليمنية المتطرفة في الوقت الراهن تدافع في العلن عن الحرية والديمقراطية وعن حقوق المرأة والمثليين. ولكنها تخفي في الوقت نفسه توجهاتها العدائية التقليدية، بما فيها معاداة السامية والأفكار القومية المتطرفة، تحت غطاء رفضها للاندماج الأوروبي. وهكذا وجدت الأحزاب المتطرفة منفذا إلى المسرح الانتخابي، بشكل يمكن عبره تقبلها، على حد تعبير الخبير الألماني. ويضيف ارتسهايمر قائلا: "لا تكشف الأحزاب السياسية عن وجهها العنصري بصراحة، وإنما هي تقدم برنامجها على أساس أن الأمر يتعلق بصراع حول القيم الثقافية حتى يتقبلها المجتمع العصري اليوم (...) وبالتالي، فهي لا توجه سهامها ضد مواطني أوروبا الغربية وإنما تسعى إلى تكوين إتحاد للدفاع عن القيم الليبرالية ضد أناس من ثقافات أخرى".
البحث عن كبش فداء؟
من جهتها، زادت الأزمة المالية، التي هزت البيت الأوروبي، من قوة المجموعات والحركات المتطرفة التي تنتقد بشدة السياسيات المقررة في بروكسيل، مقر المفوضية الأوربية، كما توضح سيلفي غولار باعتبار أن ذلك نتيجة حتمية، "لعملية البحث عن كبش فداء، خاصة وأن الاتحاد لم ينتهج دائما سياسات ناجحة".
والوضع في فرنسا لم يكن مغايرا، فقد فشلت سياسية قصر الإليزه في احتواء الأزمة، ولم تطبق الإصلاحات الضرورية. في ظل هذا الوضع "أخفق الرئيس فرانسوا أولاند، وظهرت مارين لوبين كبديل محتمل، خاصة وأنها لم تستسلم السلطة قبل ذلك"، كما تقول النائبة الأوروبية الفرنسية.
أيضا في الدول الأوروبية الأخرى، فقد شهدت أيضا تطورا مماثلا: فهناك الحزب اليمني المتطرف في ألمانيا، والحزب القومي في بريطانيا، وحزب"جوبيك" اليميني المتطرف في المجر وحزب "أتاكا" المتطرف في بلغاريا. جميعها أحزاب تعد المواطنين بتقديم حلول بسيطة لمشاكل كبيرة ومعقدة، وذلك ليس في إطار حدودها الوطنية فقط، وإنما في كل أنحاء الاتحاد الأوروبي.