الأحد الدامي في القاهرة ـ من المسؤول ومن المستفيد؟
١٠ أكتوبر ٢٠١١"مصائب قوم عند قوم فوائد"، هكذا يرى البعض أن الحاكم العسكري في مصر استرد تعاطف قوى سياسية وشعبية بين عشية الأحد الدامي وضحاها.لكن وفي وقت تطول فيه المجلس العسكري اتهامات بأنه "المستفيد الوحيد"مما جرى من اشتباكات غير مسبوقة مع الأقباط في القاهرة، تزداد حساسية الموقف بالنسبة لمن يعتبرون المؤسسة العسكرية "خطاً أحمر"و"حائط صد"أخير يرتكز عليه المصريون منذ الإطاحة بالنظام السابق.ويؤمن بذلك قطاع كبير من الشارع المصري.من هؤلاء مصطفى عبد الصبور، حاصل على بكالوريوس تجارة، ولم يجد عملا سوى بيع السجائر وزجاجات المياه الغازية، أسفل كوبري "6 أكتوبر"، القريب من ساحة المعركة الدامية التي شهدها شارع ماسبيرو أمس.
"الاعتداء على الجيش يمس كرامتنا"
يقول مصطفى لـ "دويتشه فيله" إنه "مهما كانت للأقباط مطالب، فلا يمكن بأي حال أن يتطاولوا على ضباط الجيش، ولا يجوز التعرض بالضرب على سيارات الأمن المركزي وإلقاء زجاجات المولوتوف على مدرعات الجيش".
وبسؤاله عن كيفية تأكده مما إذا كان المعتدين هم أنفسهم من الأقباط الذين كانوا يتظاهرون في المكان نفسه منذ الأربعاء الماضي، قال "لا أستطيع أن أجزم من هم تحديدا، لكن في حدود الساعة السادسة وبعدما انضم للمسيحيين مجموعة من المسلمين هاتفين المسلم والمسيحي إيد واحدة، وجدنا من بينهم من خرج ليشتبك مع الجيش ويقذفهم بزجاجات المولوتوف".
ورغم إقراره بأنه شاهد بنفسه العربات المصفحة وهي تدهس المتجمهرين، عاد مصطفى وأكد ككثيرين غيره، أن الجيش "خط أحمر، وكان من حقه الدفاع عن نفسه ضد من اعتدوا عليه، لأن التطاول على الجيش يمس سيادة الوطن وكرامة كل مصري".
"للأقباط مطالب مشروعة وعلى المجلس التجاوب فورا"
بدوره، أكد الكاتب والصحفي مصباح قطب أنه "إذا كانت المسؤولية الجنائية عما وقع من قتلى ومصابين يحتاج تحديدها إلى لجنة محايدة رفيعة، فإن المسؤولية عن سلامة بلد بتركيبته الدينية المتعددة، تحتاج إلى جهد كل مواطن في مصر".
وأضاف قطب "بدون شك، يوجد للأقباط مطالب تتجاهلها الدولة منذ زمن. لا أعتقد أن هناك صعوبة في إعمال قانون بناء الكنائس بأسرع ما يمكن. رأينا في أطفيح أنه رغم كل التوتر والملاسنات اللفظية من الناس، عندما بنت القوات المسلحة الكنيسة، اكتشف الجميع أنه لا الإسلام اتهد، ولا المسيحية سادت، ولا الاقتصاد انهار، لذلك على المجلس العسكري الحاكم التجاوب مع مطالب الأقباط المشروعة بأسرع وقت ممكن".
"إذا ثبت خطأ المشير فليحاكم"
من جانبه، يعلق دكتور وسيم السيسي، الكاتب والناشط السياسي، الباحث في علم المصريات، على من يتهمون المجلس بأنه الجهة المستفيدة من كل ما يحدث، قائلا "لا أعرف ما إذا كان المجلس العسكري مستفيدا أم لا من المهزلة التي حدثت مساء الأحد. ولا أتكهن بمن هو المستفيد ولا أحكم على أحد. لكن المجلس بكل تأكيد مسؤولا عما جرى، لأنه لم يطبق سيادة القانون منذ البداية، ومنذ أن تسلم السلطة في يديه".
وأضاف السيسي "هناك كنيسة هدمت وأخرى تم الاعتداء عليها، ومن فعلوا ذلك معروفين ومسجلين بالصوت والصورة لدى السلطات. لكن المجلس العسكري بدلا من أن يلجأ لسيادة القانون، لجأ للشيخ محمد حسان"، في إشارة إلى محاولات الصلح التي أجراها حسان بين المسلمين والأقباط، والتي يراها الكثيرون مصالحات شكلية.
وأشار السيسي في حديثه لـ "دويتشه فيله" إلى أن "المؤسف فيما حدث مساء الأحد هو تكرار مشاهد دهس المواطنين. هل من قاموا بذلك كانوا من وزارة الداخلية أم وزارة الحربية. إذا كانوا من الداخلية فتجب محاسبة الوزير منصور العيسوي، وإذا كانوا من وزارة الحربية فتنبغي محاكمة المشير طنطاوي". وأوضح "يجب أن يتعلموا من هذا التقصير الكارثي ولا يكتفوا بتشكيل لجان وعمل تحقيقات.. بلاش مسكنات".
ورأى السيسي أن الحل الأنسب يتمثل في تشكيل مجلس وطني قومي، على أن يكون المجلس العسكري ممثلا فيه بفرد أو اثنين، مع ضرورة أن تكون باقي الأحزاب وفئات المجتمع ممثلة أيضا في المجلس، حسب رأيه.
العريان: الانتخابات أولا!
في المقابل، اعتبر دكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب "الحرية والعدالة" المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، أن المجلس العسكري عليه أن يتم مرحلته الانتقالية بانتخابات برلمانية ويسلم السلطة التشريعية وجزء من التنفيذية للمدنيين، حتى إجراء الانتخابات الرئاسية. وكرر ما ورد في بيان "الأخوان" من ضرورة "تسليم مصر لسلطة مدنية منتخبة، مدعومة ببرلمان قوي".
وجدد العريان في هذا السياق موقف الأخوان المسلمين بضرورة أن تكون "الانتخابات أولا"، قائلا لـ "دويتشه فيله" إن "أي محاولات لتعطيل الانتخابات ستكون محاولات ضد الثورة. ونحن لا نريد أن نكون طرفا في هذا". ورفض نائب رئيس حزب "الحرية والعدالة" التعليق تحميل المسؤولية في أحداث الأحد على طرف ما، مرجئا الأمر برمته إلى "تحقيقات النائب العام لأنه هو الجهة المخولة بالإجابة على السؤال"، على حد قوله.
أميرة محمد ـ القاهرة
مراجعة: عبده جميل المخلافي