الآمال المعلقة - بعد مرور عام على اتفاقية اللاجئين مع تركيا
٥ أبريل ٢٠١٧في السنة الماضية كان آلاف اللاجئين يتدافعون في قرية إدوميني اليونانية الصغيرة باتجاه حدود مقدونيا المتاخمة . وقبلها بأيام كانت اتفاقية الاتحاد الأوروبي وتركيا قد دخلت حيز التنفيذ، لكن العديد من المهاجرين ظلوا يأملون في فتح الحدود مجددا. حاليا يسود الهدوء في إدوميني. فقط كلمة "الأمل" المكتوبة على إحدى اللافتات والسياج الذي يحد بين البلدين يذكران بأن هذا المكان كان في يوم من الأيام أكبر معسكر للاجئين في أوروبا. كما أصبح دخول المنطقة التي كانت تأوي المعسكر محظورا. من حين لآخر يأتي مساعدون متطوعون من الخارج فيتم نقلهم بسرعة إلى مركز الشرطة المحلي لاستجوابهم. كما إن الصحفيين يحتاجون إلى ترخيص من السلطات اليونانية إذا أرادوا استكشاف الموقع، وتتم مرافقتهم من طرف ضباط في الجيش اليوناني.
منذ فترة قصيرة يعمل موظفو شرطة حماية الحدود الأوروبية "فرونتيكس" على مساعدة السلطات اليونانية تحسبا لوقف أي دخول غير قانوني للحدود في المنطقة. وفي سبيل تطبيق هذه المهمة التي تقوم بها فرونتيكس تم تجنيد 40 موظفا، بينهم خبراء في التعرف على الجوازات المزورة، وآخرون ممن يسهرون على مراقبة شطر كبير من الحدود اليونانية المقدونية ويراقبون القطارات عبر الحدود، بحثا عن مهاجرين غير شرعيين. وتقول إيفا مونكور المتحدثة باسم فرونتيكس لـDW:" ليس عددهم جد مرتفع، لكن في الأشهر الأولى من هذه السنة وصل عددهم إلى بعض آلالاف من الناس الذين استطاعوا تجاوز الحدود".
جهازالملاحة الرقمي للمساعدة على عبور الحدود
محمد البالغ من العمر 24 سنة جاء من سوريا، وهو ينتظر نقله إلى أوروبا الشمالية بشكل رسمي. أصدقاؤه يلقبونه بالسيد ابتسامة، لأنه يبتسم دوما، رغم قصة لجوئه المؤلمة. وصل صحبة أخيه إلى اليونان قبل فترة وجيزة من إغلاق الحدود. وعندما وصلا إلى هناك انتظارا إلى أن يأتي دورهم لتجاوز الحدود، حسب نظام الأرقام. تمكن شقيق محمد من الانتقال إلى الجانب الآخر، ولكن في اليوم التالي تم إغلاق الحدود وبقي محمد في اليونان. وبعد الانتظار لبعض الوقت في إدوميني قرر عبور الحدود بصفة غير نظامي للبحث عن شقيقه. ويحكي محمد قائلا:"نجحت في ذلك بمساعدة بعض الأصدقاء وجهاز الملاحة في هاتفي الذكي". ووجد شقيقه فعلا في معسكر اللاجئين. إلا أنه بعد انتظار طويل على مدى شهورعاد الاثنان إلى اليونان وقدما طلب تغيير التوطين، فتم ذلك بنجاح، لأنهما ينحدران من سوريا. كان وضع لاجئين آخرين في ذلك أقل حظا.
قطار السلع باتجاه ألمانيا
مئات أو آلاف اللاجئين من معسكرات اللاجئين اليونانية لم يعد يُعرف عنهم شيئا، في حين وصل جزء منهم إلى بلدان شمال أوروبا، كما عاد بعضهم أدراجه إلى تركيا، وآخرون في اتجاه سوريا. وخلف معسكر اللاجئين في تسالونيكي تمر بانتظام قطارات سلع باتجاه الشمال، في الغالب نحو ألمانيا. اللاجئون يعيشون هنا في عربات قطارات قديمة ويحصلون على وجبات طعام من المعسكرات القريبة. فليس لهم مال لمتابعة سفرهم وليس لهم فرصة الحصول على اللجوء في اليونان، لأن غالبيتهم من الجزائر وتونس والمغرب. جميعهم يترقبون فرصة القفز إلى داخل أحد قطارات السلع المتوجهة إلى الشمال. وعندما وصلنا إلى عين المكان كانت الشرطة اليونانية قد احتجزت لتوه نحو 20 شخصا حاولوا الصعود في أحد تلك القطارات. وقال شاب جزائري:"رغم خطورة الأمر، سأحاول ذلك مجددا".
في فخ مهربي البشر
باستطاعة بعضهم تمويل تهريبهم إلى بلد أحلامهم. ورغم اتفاقية الاتحاد الأوروبي وتركيا ومراقبة الحدود في كامل أوروبا فقد عمل إغلاق طريق البلقان على ازدهار حركة التهريب. تحول أحد المباني المهجورة القريب من وسط مدينة تسالونيكي إلى موقع لتجمع لاجئين مشردين.
عبد الله البالغ من العمر 23 عاما هو لاجئ أفغاني ترعرع في باكستان. هربت عائلته قبل ولادته من حركة طالبان. وعندما شددت الحكومة الباكستانية تعاملها مع الأفغان عاد إلى أفغانستان. وبعد شهرين قرر مغادرة البلاد. ووصل الى اليونان بعد سفر طويل ومتعب. بداية حاول العبور على متن زورق من باتراس اليونانية إلى إيطاليا، لكن ألقي القبض عليه ومكث بضعة أيام في السجن. وعند إطلاق سراحه منحته الشرطة ترخيصا يسمح له بالإقامة شهرا واحدا في اليونان، ومنع عليه دخول المناطق الحدودية والعاصمة أثينا. وكانت فرصته الوحيدة تتمثل في طلب حق اللجوء في اليونان رغم أنه كان يود متابعة السفر إلى الشمال، ويقول:"ذهبت إلى أثينا ودفعت 3.400 يورو لأحد المهربين للحصول على جواز، لكن مازلت أنتظر موعد الانطلاق. إنها فرصتي الوحيدة. أريد الذهاب إلى فرنسا ومقابلة ابن عمي الذي تربى معي".
في الوقت الذي كنا نتحدث فيه مع عبد الله وصلت مجموعة جديدة من اللاجئين الأفغان من تسالونيكي، وقالوا إن سلطات الأمن على الحدود البلغارية ضربتهم بشدة وسلبوا منهم ملابسهم، وبقوا فقط بملابسهم الداخلية. عبد الله متوتر وقلق: قبل أسبوعين دفع آلاف اليوروهات للحصول على جواز مزور، ومازال ينتظر عودة المهرب، في حين انقضت قبل يوم مهلة الشهر التي منحتها إياه السلطات في اليونان، ويخشى أن يتم اعتقاله. وقال عبد الله بصوت خافت:"إذا سألني أحد عن نصيحة، فسأقول له: لا تأتي إلى هنا، فالوضع جد خطير".
ماريانا كاراكولاكي/ ديميتريس توسيديس/ م.أ.م