افتتاح أكاديمية عالمية لتأهيل رجال الدين في هاميورغ
٢٩ أبريل ٢٠٠٦منذ عهد قريب حدث أمر مثير للدهشة في مدينة هامبورغ، ألا وهو انتقاد رئيس البلدية السيد اولي فون بويست بدلا من امتداحه على اقتراحه تدريس مادة الدين الإسلامي على انفراد في المدارس. هذا الإقتراح جوبه بالنقد أيضا حتى من ممثلي الجمعيات الإسلامية.
ألا يبدو مثل هذا الأمر متناقضا مع الواقع؟ فمنذ سنين هناك تدريس لمادة "التربية الدينية للجميع" في مدارس هامبورغ، والأطفال من مختلف الديانات يتلقون سويا دروسا عن المسيحية واليهودية والإسلام. وعلى هذا النقد تعلق السيدة أرزولا نويمان المتخصصة في علوم التربية والمسؤولة سابقا عن شؤون الأجانب في هامبورغ قائلة: "إذا كان المسلمون ضد الفصل بين الأطفال أثناء حصة التربية الدينية، فهذا يعني أنهم يريدون الإندماج".
من مركز الى أكاديمية
إن علماء التربية في هامبورغ المهتمين بالمسائل المتعلقة بالمجتمعات المتعددة الأديان يتباهون بمشروع "تدريس الدين للجميع". وسوف يُستكمل هذا المشروع الآن بمركز "الحوار بين الأديان" الذي أسس منذ عهد قريب في جامعة هامبورغ.
وهناك خطة لتوسيع المركز ليصبح على المدى البعيد أكاديمية للأديان العالمية بهدف تأهيل الباحثين ومدرسي الدين من المسلمين واليهود والبوذيين. وحتى يتم ذلك فسوف يستغرق الوقت بضع سنين، لأن قلة المال في الوقت الحالي تقضي بتمويل مثل هذه المشروعات عن طريق التبرعات أو مصادر تمويل الأبحاث مثل الاتحاد الأوروبي.
وفي بادئ الأمر ستعقد محاضرات في المركز حول الموضوعات الدينية السياسية، تبدأ في الخريف القادم على يد الخبير العالمي في علم الإجتماع السيد بيتر بيرغر من جامعة بوسطن.
مجموعة من مشاهير المختصين
سوف يدير المشروع البروفيسور ولفرام فايسه المتخصص في التربية الدينية والذي استطاع منذ العام 1999 أن يلف حوله مجموعة من مشاهير العلماء والفقهاء ورجال السياسة وممثلي الجاليات الإسلامية واليهودية، كما ينتمي إلى هذه المجموعة السيدة ماريا يسبن، أسقف مدينة هامبورغ والسيد بيتر بيرغر، المذكور أعلاه، والسيد أودو شتاينباخ مدير المعهد الألماني للدراسات الشرقية في هامبورغ والسيدة كرستا غوتش عضو حكومة المدينة ورئيسة جناح حزب الخضر.
ولكن ما الذي يمكن أن تحققه أكاديمية الأديان العالمية؟ إن الأمر لا يحتاج إلى توضيح، فالقائمون على المشروع يقصدون الإسلام في المقام الأول. وذلك بسبب كثرة المطالب التي تقول بأن على المسلمين أن ينتهجوا "إسلاما أوروبيا" يتماشى مع المفاهيم الأوروبية.
كما تنادي تلك المطالب بدراسة القرآن دراسة تاريخية ناقدة على غرار ما يفعله رجال الدين المسيحي في أوروبا مع الإنجيل منذ القرن التاسع عشر. كما يجب تفسيره حسب معطيات العصر الذي نزل فيه، ومن ثمّ تأريخه لتنقيته بطريقة ما من الأساطير. وقد يكون من الممكن لإحدى أكاديميات الأديان العالمية، التي تجمع بين ديانات مختلفة في حوار واحد، أن تسهل هذه الخطوة.
العزلة أم الإندماج؟
إن مما يثير الدهشة أكثر هو تهميش دور المتخصصين في علوم الإسلام في هذا المشروع أمثال السيد أودو شتاينباخ مدير المعهد الألماني للدراسات الشرقية في هامبورغ والسيدة أورزولا غونتر مساعدة البروفيسور فايسه التي درست علوم الإسلام في جامعة هامبورغ. ربما يكون مرجع تهميشهم إلى الموقف الديني الحذر الذي تبناه البروفيسور ألبرشت نوت المتوفى عام 1999.
وعلى الرغم من هذا كله فسوف تتخد خطوات فعلية للمشروع في الشهور القادمة. وعلى نفس نمط مركز "الحوار بين الأديان" بدأ الإتحاد الأوروبي بمشروع مماثل تحت عنوان كبير "تدريس الدين في المدارس، هل هو مساهمة من أجل الحوار أم عامل من عوامل الصراع داخل المجتمعات المتغيرة في الدول الأوروبية".
ويتم التنسيق لهذا المشروع من هامبورغ، حيث يتولى باحثون من ثماني دول أوروبية البحث عن الدور الذي يلعبه الدين في المناهج التعليمية. هل يؤدي الدين إلى العزلة بين التلاميذ، أم يساعدهم على الاندماج؟ ويأمل البروفيسور ولفرام فايسه أن يصبح مشروع "تدريس الدين للجميع" في هامبورغ نموذجا تحتذي به الدول الأوروبية في المستقبل.
بقلم ألبرشت متسغير
ترجمة عبد اللطيف شعيب
حقوق الطبع قنطرة 2006