اغتيال عبد الفتاح يونس: عملية غامضة تهدد وحدة المعارضة الليبية
٣٠ يوليو ٢٠١١لم يشعر العديد من مقاتلي المعارضة الليبية بالارتياح للقتال تحت إمرة رجل كان قريبا جدا من القذافي لمدة 41 عاما، إنه اللواء عبد الفتاح يونس، الذي قالت مصادر في المعارضة إنه تم استدعاؤه للاشتباه بإجراء اتصالات بالقذافي سرا، ليقتل بعد ذلك في عملية غير واضحة المعالم، حسب الصحافي الألماني شتيفان بوخن. وكان يونس ضمن الدائرة المقربة من القذافي منذ انقلاب عام 1969، الذي جاء بالأخير إلى السلطة. وكان وزيرا للداخلية قبل أن ينضم للمعارضة في فبراير شباط الماضي.
ويعتبر المراقبون أن مقتل يونس على أيدي مقاتلين من المعارضة قد أضر بصورتها، في وقت بدأ المجلس الوطني الانتقالي الليبي ينال اعترافا دوليا أوسع ويحقق الثوار انتصارات ضد قوات القذافي في غرب البلاد. وحول تداعيات مقتل اللواء يونس على موقف المعارضة الليبية أجرت دويتشه فيله لقاء مع الصحافي الألماني شتيفان بوخن، الذي زار جبهات القتال في ليبيا قبل بضعة أشهر والتقى المعارضين الليبيين وقادة عسكريين تركوا القذافي وانضموا للمعارضة، حالهم حال الجنرال عبد الفتاح يونس.
دويتشه فيله:سيد بوخن، تقول أنباء من حكومة المعارضة، إن المسلحين الذين قتلوا القائد العسكري لقواتها، الجنرال عبد الفتاح يونس ينتمون إلى إحدى فصائل المعارضة، هل تعتقد أن مثل هذه الأنباء ستؤدي إلى حدوث انقسامات داخل صفوف المعارضة الليبية؟
شتيفان بوخن: كان من الواضح منذ شهور بأن الفئات المختلفة في المعارضة بعيدة عن بعضها من ناحية الآراء والاتجاهات السياسية، إذ يوجد حقوقيون وشباب ليس لديهم اتجاه سياسي معين، ويوجد إسلاميون أيضاً. كما أن هناك شخصيات كانت تابعة للنظام السابق وانشقت عنه. فالمعارضة الليبية مركبة من مجموعات مختلفة. وبغض النظر عن صحة المعلومات التي تفيد بان مقاتلين تابعين للمعارضة، هم من قاموا باغتيال عبد الفتاح يونس، إلا أن مجرد نشر هذا الخبر سيؤدي إلى حدوث انشقاقات خطيرة في صفوف المعارضة الليبية.
أفادت مصادر من بنغازي أن العنصر الذي قتل عبد الفتاح يونس استند في فعلته إلى معلومات مفبركة تشير إلى أن القائد العسكري للثوار اجتمع في العاصمة الايطالية روما مع اللواء عبد الرحمن الصيد رئيس هيئة الإمداد والتموين في جيش القذافي.هل تعتقد أن للقذافي يدا في مقتل يونس؟
عندما كنت في بنغازي قبل أشهر التقيت بقادة سابقين في الجيش الليبي، ممن أعلنوا انضمامهم إلى المعارضة، ومنهم يونس الذي انضمم بعد مماطلة إلى المعارضة. لكني قابلت قسما من هؤلاء الضباط الكبار في الجيش الليبي وكان انطباعي أن موقفهم ليس بواضح، إذ كانوا قد انضموا إلى المعارضة الليبية المسلحة، وبنفس الوقت كان لي شك في حقيقة انشقاقهم عن القذافي. ومنهم أبدى صعوبة بإعلان القتال ضد الجيش الذي كان ينتمي إليه.
وقال لي أحد الضباط الكبار: "من الصعب أن نقتل إخواننا"، وكان يقصد مقاتلي القذافي أنفسهم. وهنا يوجد شك عام حول الاتجاه الحقيقي لشخص مثل عبد الفتاح يونس. وأنا لا استبعد أنه التقى خلال هذه الفترة بممثلين عن القذافي سعيا لإيجاد حل سياسي أو تصالح. لا استبعد أيضا أن للقذافي يدا في مقتله، لكن كشف الحقيقية في هذه القضية صعب، يبقى أن مجرد نشر الأخبار، عن أن مقاتلين تابعين للثوار قد قتلوه، سيؤثر بكل تأكيد على وحدة الثوار وسيؤدي برأيي لتأجيج صراعات داخلية تؤثر على وحدتهم.
ما تأثير مقتل عبد الفاتح يونس على دعم الثوار من قبل حلف الأطلسي؟
مقتل عبد الفتاح يونس لا يبشر بالخير في انتقال السلطة إلى الثوار بعد السقوط المحتمل لنظام القذافي. الثوار هدفهم هو إسقاط النظام. لكن من غير المؤكد بعد هذا، إن كان بمقدور المجلس الوطني الانتقالي المؤقت في بنغازي الانتقال بالبلاد إلى سلطة مشروعة جديدة تحكم كل ليبيا. ولعل مقتل عبد الفتاح يونس يشير إلى هذه الصعوبة، أي الانتقال من نظام القذافي إلى نظام جديد. وهذا بكل تأكيد لن يسهل مهمة الناتو والدول الأجنبية التي تطالب بتنحي القذافي، والتي تأمل بالانتقال السلمي والمنظم للسلطة. فمقتل عبد الفتاح يونس سيشير بكل وضوح إلى صعوبة هذا الانتقال المرجو، بسبب مخاوف من أن تشوبه اضطرابات وفوضى.
مثلما ذكرت في البداية و قلت إن المعارضة مشكلة من تنظيمات متعددة. والمتحدث باسم الحكومة الليبية قال اليوم إن القاعدة من قتلت عبد الفتاح يونس، هل نجح نظام القذافي بإيصال رسالة مفادها أن الكلمة الأخيرة في المعارضة لتنظيمات إسلامية متشددة؟
من ينشر هذه الأنباء ربما يريد أن يخلق هذا الانطباع. أنا كنت في ليبيا في مدينتي بنغازي وبريقة لأكثر من شهر وزرت الثوار والمقاتلين في الجبهة ورأيت أنه يوجد في صفوفهم إسلاميون. لكنهم لم يكونوا في الواجهة ولا يشكلون أكثرية، رغم أنهم كانوا ناشطين. كان بعضهم من المسلحين والبعض الآخر ممن كان يوزع الطعام بين المقاتلين. لكني لم أر أي قيادة سياسية لهم في مدن الشرق. والتقيت ببعض الشخصيات التي تشربت بفكر الإسلامي السياسي، لكن من الصعب تقدير تأثيرهم الحقيقي وقوتهم في المعارضة الليبية المسلحة.
أجرى المقابلة: عباس الخشالي
مراجعة: أحمد حسو
شتيفان بوخن، صحافي ألماني متخصص بشؤون الشرق الأوسط والعالم العربي، مراسل للقناة الأولى بالتلفزة الألمانية ARD في عدة دول عربية.