اعتداء نيس.. الإرهاب يضرب فرنسا مجددا
١٥ يوليو ٢٠١٦يبدو حتى الآن أن الهجوم الإرهابي في نيس -والذي جاء بعد ثمانية أشهر من هجمات باريس التي نفذها مسلحون وانتحاريون ينتمون لتنظيم الدولة الإسلامية- تحرك فردي من المهاجم، وهو فرنسي من أصل تونسي بحسب الشرطة. وقال الرئيس الفرنسي أولاند، في خطاب قبل الفجر، إنه سيستدعي أفراد الاحتياطي في الجيش والشرطة لتسلم الأعباء من القوات التي أنهكتها حالة الطوارئ التي بدأت بعد أن قتل التنظيم المتشدد 130 شخصا في العاصمة الفرنسية في نوفمبر/ تشرين الثاني.
المفارقة أنه قبلها بساعات قليلة كان أولاند قد أعلن أن حالة الطوارئ سترفع بنهاية الشهر الجاري. لكن الرئيس قال بعد هجوم الليلة الماضية الذي قتل فيه عدد من الأطفال إن حالة الطوارئ ستمدد ثلاثة أشهر أخرى. وقال "الحزن يعم فرنسا بسبب هذه المأساة الجديدة".
إصابة عشرات الأطفال
وذكر مسؤولون أن المئات أصيبوا عندما قاد المهاجم سيارته على طريق الكورنيش وصدمهم في طريقه. وقال مسؤول حكومي محلي إنه تم العثور على أسلحة وقنابل داخل الشاحنة التي لم تكن تحمل لوحة معدنية. وحين بزغ فجر اليوم الجمعة كانت الأرصفة مخضبة بالدماء الجافة بينما تناثرت عربات الأطفال المهشمة والحطام على المتنزه المطل على البحر. وبحسب مصدر طبي فإن خمسين طفلا على الأقل موجودون في المستشفيات إثر اعتداء نيس.
وبدا أن المشهد يؤكد ما قاله مسؤول في المدينة الليلة الماضية من أن الشاحنة تحركت لمسافة كيلومترين بطول المتنزه بعد أن صعد المهاجم على الرصيف. وظلت الشاحنة -التي قال مسؤولون محليون إنها مؤجرة- في المكان الذي توقفت فيه وقد اخترق الرصاص زجاجها الأمامي. ووصف أولاند المأساة التي حدثت في اليوم الذي تحتفل فيه فرنسا بذكرى اقتحام الثوار لسجن الباستيل عام 1789 في باريس بأنه هجوم على الحرية من متطرفين يستهينون بحقوق الإنسان. لكنه أضاف أن فرنسا ستواصل عملياتها الجوية ضد "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا.
ويأتي هذا الاعتداء الدامي عقب ساعات فقط من إعلان الرئيس الفرنسي بأن بلاده سترسل مزيدا من المستشارين العسكريين لمساعدة القوات العراقية في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية، كما ستعيد نشر حاملة الطائرات شارل ديغول في الشرق الأوسط في الخريف المقبل. وقال الرئيس الفرنسي في كلمة ألقاها في وزارة الدفاع "سنكثف مشاركة سلاح البر في دعم العراقيين استعدادا لاستعادة الموصل".
حلقة في سلسلة من الاعتداءات
الاعتداء في نيس، والذي أوقع ثمانين قتيلا على الأقل، هو الحلقة الأحدث في مسلسل اعتداءات تعرضت لها فرنسا أو أحبطتها منذ الاعتداءات الجهادية في كانون الثاني/يناير 2015.
فمع مطلع عام 2015 قام الأخوان شريف وسعيد كواشي بقتل 12 شخصا في هجوم مسلح على مقر مجلة "شارلي ايبدو" الأسبوعية الساخرة. وبعد يومين من الهجوم، لقي الأخوان كواشي مصرعهما بنيران الشرطة أثناء محاولتها اعتقالهما في ضاحية العاصمة.
بنفس التوقيت تقريبا قام أحمدي كوليبالي بقتل شرطية وإصابة موظف بلدي بجروح في مونروج جنوب باريس. في اليوم التالي، احتجز رهائن داخل متجر يهودي في باريس وقتل أربعة منهم قبل أن تقتله الشرطة. وفي حين كان الاخوان كواشي أعلنا مبايعتهما تنظيم القاعدة فقد أعلن كوليبالي مبايعته تنظيم الدولة الإسلامية.
ثم تبع ذلك عدة اعتداءات إرهابية خلال 2015، إلى أن جاء تاريخ 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، وفيه تعرضت فرنسا لأسوأ اعتداء إرهابي في تاريخها يشارك في تنفيذه للمرة الأولى انتحاريون، ويحصد 130 قتيلا غالبيتهم من الشباب إضافة إلى 350 جريحا. واستهدفت الاعتداءات -التي تبناها لاحقا تنظيم الدولة الإسلامية- مسرح باتاكلان في باريس والعديد من مقاهي ومطاعم العاصمة وقرب ستاد دو فرانس في ضاحية سان دوني.
هوية منفذ الاعتداء
منفذ الاعتداء تم "التعرف رسميا" عليه، وذكرت السلطات بأنه صاحب أوراق هوية عثر عليها في الشاحنة وهي باسم فرنسي تونسي في الـ31 من العمر مقيم في نيس. وقال مصدر من الشرطة إن الرجل لم يكن معروفا لدى أجهزة الاستخبارات على أنه اعتنق الفكر المتطرف.
وفي المقابل كان معروفا لدى الشرطة في قضايا الحق العام ولا سيما أعمال عنف. وكان السائق وحيدا في الشاحنة. ويبقى على التحقيق أن يوضح إن كان له شركاء في تدبير الاعتداء. كما أن وجود أسلحة زائفة في الشاحنة يطرح تساؤلات حول شخصيته.
ف.ي/ (وكالات، DW)