استمرار تراجع عدد السكان في ألمانيا رغم الحوافز التشجيعية على الإنجاب
٢٢ ديسمبر ٢٠٠٧كشف مكتب الإحصاءات الاتحادي الألماني مؤخرا عن أن 313100 طفلا ولدوا في الشهور الستة الأولى من عام 2007، أي بتراجع قدره 0.3 بالمائة، أو 800 طفل مقارنة بنفس الفترة من عام 2006. وتجاوزت أعداد الوفيات أعداد المواليد بواقع 95600 في النصف الأول من العام، مما جعل ألمانيا ذات الـ 82.3 مليون نسمة تعاني من تراجع في عدد المواليد للعام الخامس على التوالي.
وتمثل هذه الأرقام نكسة للمسؤولين الذين كانوا يأملون في أن تؤدي الحوافز النقدية الجديدة وأجواء السعادة والبهجة التي تولدت عن إقامة كاس العالم لكرة القدم في ألمانيا العام الماضي لتشجيع الألمان على إنجاب مزيد من الأطفال. في النصف الأول من العام الحالي أبلغت المستوصفات وأطباء أمراض النساء والقابلات عن زيادة في عدد السيدات المستعلمات عن المناهج الإرشادية الخاصة بفترات ما قبل الولادة وظروف الولادة في المستشفيات.
وشملت الحوافز شكلاً من إشكال الدعم الاجتماعي الذي تقدمه الدولة، إذ يمكن للوالدين اخذ أجازة من العمل باجر يصل إلى 67 في المائة من أجرهم لرعاية أطفالهم. وعلى الرغم من دخول هذه الإجراءات حيز التنفيذ الفعلي في كانون أول / ديسمبر 2006، فإن الإعلان عنها تم في أيار/ مايو من العام ذاته بغية الاستفادة منها في إنجاب الأطفال في الربع الأول من عام 2007.
عوامل الإحجام عن الإنجاب
وتوصل خبراء إلى عدد من الأسباب رأوا أنها وراء إحجام الألمان عن إنجاب عدد اكبر من الأطفال منها ثقافة الأسرة، التي تميز ضد المرأة العاملة وقلة مراكز رعاية الأطفال. ويقول ستيفن كرونهيرت من معهد برلين للسكان والتنمية "إن النساء غالبا ما يواجهن بالاختيار الصعب بين أن تنجب الأطفال أو تستمر في العمل ". وفي مساعيها للتصدي لهذا الاتجاه طرحت حكومة المستشارة انجيلا ميركل كذلك تخفيضات ضريبية لمساعدة الأزواج الذين يريدون إنجاب أطفال، كما وافقت على إجراء توسع ضخم في أماكن مدارس الحضانة، التي تسمح للنساء بتربية الأطفال مع الاستمرار في العمل.
وفي هذا السياق قال كرونهيرت: " إن هذه الإجراءات تعد خطوة في الاتجاه الصحيح، ومن المؤكد انه سيكون لها تأثير على المدى المتوسط والطويل". أما ارسولا فون دير لين وزيرة شؤون الأسرة في الحكومة الألمانية، وهي نفسها أم لسبعة أبناء، فتقول: " يتعين عمل الكثير لكي لا تتحول ألمانيا إلي بلد لا يصبح فيه للشباب والشابات تحفظات بشان تكوين أسرة ".
توقع تراجع عدد السكان بواقع 10 ملايين
وتعاني ألمانيا من زيادة عدد الوفيات على عدد المواليد منذ عام 1991، لكن عدد السكان استمر في ازدياد رغم ذلك بسبب الهجرة. لكن هذا الاتجاه انتهى عام 2003 ويتراجع عدد السكان منذ ذلك الحين. ويرى كرونهيرت أن معدل الإنجاب عند المرأة الألمانية 1.36 طفل في المتوسط طوال عمرها.
وفى حين أن معدل الخصوبة مستقر نسبيا فان تراجع السكان يعني أن عدد النساء اللاتي ينجبن أطفالا صار اقل. ويشتد الشعور بتراجع عدد السكان في الجزء الشرقي من البلاد بصفة خاصة، حيث تراجع معدل المواليد بنسبة 50 في المائة خلال السنوات الأربع التي تلت توحيد ألمانيا عام 1990. ويعزي الخبراء ذلك إلى عدة أسباب منها الظروف الاقتصادية والنزوح الجماعي للشباب إلى الجزء الغربي بحثا عن حياة أفضل.
ويقول خبراء السكان انه في حالة استمرار هذا الوضع السكاني فإن عدد السكان في ألمانيا سيتراجع بواقع 10 ملايين نسمة بحلول عام 2050 مع زيادة نسبة المسنين بشدة. وبحسب تقديرات مكتب الإحصاءات المركزي فإنه بحلول منتصف القرن فان نصف السكان فقط سيكون في سن العمل، إذ ستبلغ نسبة من تجاوزوا سن الـ 65 حوالي 30 في المائة مقابل 15 في المائة فقط لمن هم دون سن العشرين.
وأعرب بعض الاقتصاديين عن اعتقادهم بأنه سيكون لهذا تأثير سلبي على البلاد لأن عدد من يدفعون الضرائب سيكون اقل كما قد يتأثر النمو الاقتصادي. لكن ثمة آخرين لا يشعرون بمثل هذا التشاؤم ويشيرون إلى التجديد والتقدم التكنولوجي الذي يعتقدون أنه سيعادل تأثير انخفاض القوة العاملة على أداء ألمانيا الاقتصادي.