استطلاع: العنصرية متفشية ضد ذوي البشرة السوداء في ألمانيا
٢ ديسمبر ٢٠٢١برلين - منطقة فنبفول يوم الجمعة (26 نوفمبر/تشرين الثاني 2021)، أديغبايي ب. رب أسرة يخرج مع ابنته البالغة من العمر سنة واحدة. الرجل ذو الأصول النيجيرية يُبصق عليه فجأة من قبل امرأة وتُساء معاملته لفظياً بالشتائم العنصرية. يصور الرجل الواقعة وينشر الفيديو في الإنترنت ويبلغ الشرطة بالاعتداء. تمكنت الشرطة من القبض على المعتدية بعد ذلك بوقت قصير.
أجرى أديغبايي ب. عدة مقابلات مع وسائل إعلام ألمانية بعد انتشار الفيديو، وأوضح أن العنصرية رفيق دائم له في ألمانيا. وهو يتعرض للإهانة العنصرية مرتين إلى ثلاث مرات في الشهر. وبحسب أديغبايي ب.، فإن ابنته أصيبت بصدمة منذ الحادث في الأسبوع الماضي.
هذه الواقعة ليست حالة منعزلة. وهي تحدث مراراً وتكراراً للأشخاص ذوي البشرة السوداء، أحيانا يتم مس شعرهم دون أن يُطلب منهم ذلك. ويتم اتهامهم بتعاطي المخدرات ويتم التحرش بهم جنسياً. كما يتم اعتراضهم من قبل الشرطة في كثير من الأحيان أكثر من ذوي البشرة البيضاء. والحصول على سكن للإيجار - قد يكون صعباً جداً بالنسبة لـ"الأشخاص الملونين".العديد من السود في ألمانيامروا بمثل هذه التجارب. أعطى حوالي 6000 منهم اجاباتهم في استطلاع عبر الإنترنت. تم إجراء الاستطلاع الطوعي بدون ذكر أسماء المشتركين من 20 يوليو/تموز إلى 6 سبتمبر/أيلول 2020. وتم تلخيص النتائج في تقرير من 300 صفحة.
يقول الباحث في مجال العنصرية دانييل غياميرا من منظمة "كل شخص يعلّم آخر" أثناء عرض نتائج الاستطلاع على الإنترنت: "لقد كان طريقاً طويلاً حقاًـ ةقد كان صراعاً". ويتحدث غياميرا عن "تقارير لتجارب مؤلمة". لم تهتم الحكومة الاتحادية الحالية كثيراً بجمع مثل هذه البيانات، "وهو المفروض أن تعمله في الواقع التزاماً منها بحقوق الإنسان"، يضيف غياميرا، ويقول: "العنصرية ضد السود ليست مشكلتنا. لم نبتدعها أو نخترعها، لكن المشكلة هيكلية".
أول دراسة منهجية عن العنصرية ضد السود
الاستطلاع يُظهر الميول - ويصف التجارب المريرة للأشخاص الذين لا يزالون يتعرضون للتمييز في ألمانيا. نفذت الاستطلاع كل من منظمة "كل شخص يعلّم آخر" و "مواطنون من أجل أوروبا"، وهي منظمة مجتمع مدني تناضل من أجل التنوع والديمقراطية. تم تمويل المشروع بحوالي 150 ألف يورو من أموال اللجنة الحكومية لمناهضة التمييز، وهي جزء من الوزارة الاتحادية لشؤون الأسرة. بيرنهارد فرانكه هو القائم بأعمال رئيس لجنة مناهضة التمييز، يضيف قائلا: "نتائج ,,استطلاع آراء الأشخاص من أصول أفريقية,, تظهر بوضوح مظاهر وتأثيرات التمييز والعنصرية ضد السود في ألمانيا".
"ما هي المشكلة؟ هل أنتم موجودون حقاً؟" هذه بعض الأسئلة التي طرحت على الباحث في مجال العنصرية، دانييل غياميرا، مراراً وتكراراً - ومن قبل السياسيين أيضاً. كان هذا أيضاً ما دفعه إلى عمل المشروع.
نعم هم متواجدون حقاً. يوجد في ألمانيا أكثر من مليون شخص متميزون لأنهم من ذوي البشرة السوداء. إنهم صحفيون وموسيقيون وباحثون وعمال نظافة ومتقاعدون وأكثر من ذلك بكثير. يشعر الكثير منهم بالحرمان والتعرض للعنصرية في ألمانيا من قبل مؤسسات الدولة وفي الحياة اليومية أيضاً. أكثر من 42 في المائة من المشاركين في الاستطلاع عبر الإنترنت يعايشونها بهذه الطريقة.
حتى الآن لم يكن هناك شيء في ألمانيا مثل استطلاع رأي الأشخاص من أصول أفريقية. إذ يعد التسجيل الإحصائي للمواطنين وفقًا للمعايير العرقية أمرًا غير معتاد إلى حد ما في ألمانيا. هذا أيضًا له علاقة بالتاريخ الاستعماري وزمن النازية في البلد. ورد الباحث دانييل غياميرا على الاعتراضات على الاستطلاع: "هناك دائمًا خوف من أن المرء يؤسس لمثل هذه المجتمعات عن طريق البحث بشأنها". ويضيف: "لكننا هنا. نحن جزء من المجتمع ولا يمكن إنكارنا".
اشكال التمييز والعنصرية ضد السود
وجد الباحثون والمشرفون على الاستطلاع أن العنصرية ضد السود تعمل من خلال ثلاثة أشكال. ربما يكون التحرش بالغريب الأكثر أهمية بينهم، إذ أفاد 90 بالمائة ممن شملهم الاستطلاع أنه تم مس شعرهم دون أن يطلب الإذن منهم. لكن إضفاء الطابع الجنسي على السود هو أيضًا تجربة شائعة. بشكل عام، ذكر ما يقرب من 80 بالمائة أنهم تلقوا تعليقات جنسية على تطبيقات المواعدة بخصوص مظهرهم أو "أصلهم".
كما يلعب التجريم دوراً مهماً. وقال حوالي 56 في المائة ممن شملهم الاستطلاع إنهم سُئلوا عما إذا كانوا يبيعون المخدرات. ونفس النسبة قالت إنها تم اعتراضها من قبل الشرطة دون سبب واضح. يعتقد ثلثا المشاركين في الاستطلاع (67.6 في المائة) أنهم يحكم عليهم بصورة أسوأ من زملائهم في المدرسة أو الجامعة.
عندما يدافع السود والأفارقة في الشتات عن أنفسهم ضد التمييز، فإنهم غالبًا ما يمرون بتجارب سيئة. أكثر من 90 في المائة يقولون إنه لن يتم تصديقهم. 75 في المائة من المتضررين لم يبلغوا أصلاً حتى عن المواقف العنصرية. بالإضافة إلى ذلك. وفقًا لمعلومات جمعية "بوتسدام لوجهات نظر الضحايا"، يقع ما لا يقل عن ثلاثة إلى أربعة أشخاص في ألمانيا ضحايا عنف من قبل اليمين المتطرف كل يوم. حوالي ثلثي الاعتداءات تحمل دوافع عنصرية.
"استطلاع آراء الأشخاص من أصول أفريقية" - مجرد بداية
من جانبه، أعرب بيرنهارد فرانك من اللجنة الحكومية لمكافحة التمييز عن رضاه عن "استطلاع آراء الأشخاص من أصول أفريقية". ويجد كلمات المديح للحكومة الاتحادية المستقبلية، لأنها تريد استخدام مندوب لدى الشرطة من أجل التحقيق في قضايا التمييز في المستقبل.
بالنسبة للمشرفين على الاستطلاع، كان هذا البحث مجرد بداية. ويريدون مواصلة أبحاثهم ونشر النتائج باللغتين الإنجليزية والفرنسية. كما يطالبون بالمزيد من المراكز المجتمعية ومراكز المشورة وخطط العمل الحكومية لمكافحة العنصرية ضد السود. والاعتداء العنصري الأخير في برلين- فنبفول يظهر أن هذا ضروري جداً.
فولكر فيتينغ/ زمن البدري