استراتيجية واشنطن بين تهدئة إسرائيل وتهديد إيران
٢٤ أغسطس ٢٠١٠بعد ثوان طويلة من الصمت عقّب المتحدث باسم الرئيس الأميركي روبرت غيبس على سؤال حول موقف الرئيس باراك أوباما من المفاعل الإيراني بو شهر، الذي بني في جنوب البلاد بمساعدة روسية ويبدأ العمل به في نهاية الأسبوع القادم، فقال إن روسيا "هي التي تشرف على الوقود النووي، وهذا أمر جيد"، مضيفا أن كل شيء في المفاعل "يجري تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية داربي هولاداي قد قال في تصريح نهاية الأسبوع المنصرم، إن المفاعل "مخصص لتوفير طاقة نووية ذات استخدام مدني، ولا ننظر إليه باعتباره يحمل أخطار انتشار السلاح النووي لأنه سيخضع للوكالة الدولية، ولأن روسيا تقدم الوقود له وستستعيده بعد استخدامه". لكنه شدد بالقول: "لا يعفي ذلك النظام الإيراني من مسؤولياته الكبيرة إزاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
أوباما يهدد إيران بما يريد عمليا تفاديه
وبالنسبة إلى الناطق باسم الرئيس باراك أوباما لم يكن صعبا على المرء ملاحظة الحذر في كلامه، الذي يبدو أنه يعكس حيرة الإدارة الأميركية. وكان الرئيس الأميركي قد أعلن قبل بدء عهده في البيت الأبيض، أنه سيبذل كل ما في وسعه للحيلولة دون أن تمتلك إيران السلاح النووي. كما كرر ذلك أمام منظمة اللوبي اليهودية الأميركية "أيباك" في واشنطن، مؤكدا أنه سيفعل كل شيء لمنع حصول إيران على القنبلة النووية. وبذلك هدد أوباما في واقع الأمر بما يسعى بكل طاقته لتفادي حصوله، أي توجيه ضربة عسكرية إلى المنشآت النووية في إيران.
ولكم تحدث القادة العسكريون الأميركيين في الفترة الأخيرة عن خيار تنفيذ هجوم على البلد في مسعى منهم للتأثير معنويا على أصحاب السلطة في طهران. وفي سياق متصل، قال عضو هيئة الأركان الأميركية الجنرال مايك موللن إن الخيار العسكري "إمكانية هامة ومفهومة لتحرك الرئيس". لكن لا الرئيس الإيراني ولا مستشاريه أخذوا التهديدات القادمة من واشنطن على مأخذ الجد على حد ما قاله خبير الشؤون الإيرانية جون لي أندرسون العامل في صحيفة "ذي نيويوركر" الأسبوعية خلال مقابلة أجراها مع أحمدي نجاد. وقال: "لقد عدت من طهران وأنا كلي يأس وخيبة أمل."
وفي المقابل ردّ الرئيس الإيراني على إسرائيل والولايات المتحدة بالتأكيد على أن كل الاحتمالات العسكرية مطروحة على الطاولة لديه، وذلك خلال عرضه لطائرة بلا طيار بعيدة المدى قادرة على قطع مسافة ألف كيلومتر وسمّاها "سفيرة الموت".
خبير أمريكي: "إسرائيل ستضرب إسرائيل"
وبالنسبة إلى خبراء إيران في البنتاغون والبيت الأبيض فمن الواضح أنه حتى ولو كانت الطائرات بلا طيار المعروضة ليست إلا مشهدا استعراضيا كبيرا، ولا تصلح كسلاح فعلي، فإن التأثير المعنوي على إسرائيل سيكون كبيرا جدا. ويعتقد توم جيفري غولدبيرغ، المعلق الإذاعي الأميركي لراديو "إن بي إر" والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن من شبه المؤكد بأن إسرائيل ستضرب المنشآت النووية الإيرانية العام المقبل إذا واصلت إيران برنامجها النووي. وكتب في المجلة الأميركية "أطلنتيك"، التي ستصدر الشهر المقبل أن أوباما ومستشاريه يحاولون بقوة إقناع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين ناتنياهو بأن إيران لا تزال تحتاج من سنة إلى ثلاث سنوات لإنتاج القنبلة النووية، ولذلك لا يزال هناك متسعا من الوقت لممارسة نهج العقوبات عليها والتفاوض معها.
ويرى غولدبيرغ إنه إذا أوضح أوباما لإسرائيل دون أي مجال للشك بأنه لا يريد توجيه ضربة إلى إيران تحت أي ظرف كان، فإن إسرائيل ستفكر مرتين في الأمر قبل اتخاذ قرار. ولكن لا أحد يعلم ما إذا كان الرئيس الأميركي سيمنع بالفعل إسرائيل عن ذلك مشيرا إلى أن الأمر لم يحسم بعد في البيت الأبيض. وبحسب غولدبيرغ فإن حكومة أوباما تحاول حاليا الاستفادة سياسيا من تهديدات إسرائيل بتوجيه ضربة إلى إيران من أجل كسب المجتمع الدولي لاتخاذ مواقف صارمة من إيران. لكن غولدبيرغ كتب أن البنتاغون قد ألمح في كل الأحوال بأنه لن يسقط قاذفات "إف 16" الإسرائيلية، إذا دخلت الأجواء العراقية التي يراقبها الجيش الأميركي وهي متجهة إلى إيران.
الكاتب: رالف سينا/اسكندر الديك
مراجعة: شمس العياري