استخدام المياه كسلاح ضد الأكراد في شمال سوريا؟
٢٨ مارس ٢٠٢٠مع بدء الإعلان عن إصابات بعدوى فيروس كورونا في سوريا، بدأ نقص الماء في المناطق التي يديرها الأكراد في شمال سوريا. والسبب هو توقف أهم محطة مياه لتزويد نحو نصف مليون نسمة.
وهذا لا يعود لأسباب فنية أكثر مما هي أسباب سياسية، لأن محطة مياه علوك في ريف الحكسة والتي تبعد نحو عشرة كيلومترات شرقي مدينة رأس العين تخضع لمراقبة تركيا والميليشيات المتحالفة معها. فهي تزود المناطق التي تقع تحت سيطرة الإدارة الكردية في شمال سوريا وتشكل شوكة في عين تركيا. ولذلك نجدها في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في إطار ما سُمي "بعملية نبع السلام" قد احتلت أجزاء من المنطقة الكردية على طول الحدود التركية، الأمر الذي أدى إلى سقوط محطة مياه علوك في يد تركيا.
توقف المياه يأتي في ظرف حرج
والمؤكد هو أنه منذ يوم السبت ( 21 مارس/ آذار 2020) لم يعد الماء يأتي من علوك. وهذا ما أكدته جهات مختصة لـ DW. ومنذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي تحصل انقطاعات في المياه. وبسبب حالات كورونا الأولى في سوريا، فإن انقطاع الماء يأتي في وقت حرج. والقلق يدور حول الناس بمخيمات اللاجئين في المنطقة الكردية. ففي مخيم الهول وحده المعني أيضا بانقطاعات الماء يعيش حاليا 67 ألف شخص في مساحة ضيقة. والظروف الصحية في هذا المخيم وغيره سيئة للغاية. وعند توقف التزود بالماء فإنه يصبح من المستحيل على الناس اتباع أبسط الإجراءات الصحية كغسل اليدين. "وإذا ما وصل كورونا إلى المخيمات، فإن المرض سينتشر هناك كالنار في الهشيم"، يحذر الخبراء.
آخر أمل عربات الإطفاء
تحاول الإدارة الذاتية الكردية الحفاظ على تزويد الناس بالمياه باستخدام شاحنات الصهاريج، كما يتم أحيانا استخدام عربات الإطفاء، يقول الطبيب الألماني ميشائيل فيلك لـ DW، والذي يدير منذ سنوات المساعدات الطبية في مناطق الإدارة الذاتية الكردية.
وتحدث فيلك مع رئيس الهلال الأحمر الكردي، ويقول فيلك إن الأخير "منهك تماما"، ويضيف بأن الرعاية الصحية ومع تدفق الماء هي في الأصل صعبة. فالأطباء بإمكانهم فقط توفير الخدمات الصحية الأساسية للمنطقة. وبالنسبة إلى العناية المركزة تنقص الأجهزة، يقول فيلك. وحالات كورونا لا يمكن التعرف عليها إلا من خلال ظهورالعوارض. ومختبرات تقييم التجارب موجودة فقط في العاصمة السورية دمشق. وهذا الوضع السيء في الوقاية من الوباء يزداد صعوبة مع قطع المياه.
التخلي عن الأكراد مجددا!
يشير الطبيب الألماني إلى أنه لم تمر إلا سنة واحدة على تمكن الوحدات الكردية من الانتصار على ما يُسمى بتنظيم الدولة الإسلامية - داعش في عقر داره الأخير باغوز، وهي معركة دفع فيها الأكراد أكثر من 11 ألف قتيل، إنها ضريبة دم عالية. وينتقد فيلك بأنه لا أحد شكرهم، وعوض ذلك "يُترك الأكراد مجددا لوحدهم". أضف إلى ذلك أن تنظيم داعش لم ينهزم نهائيا، ومن خلال دعاية التنظيم يتضح أن هناك تخطيطا لاستغلال الوباء لأغراض ذاتية.
"تركيا تنتهك القانون الإنساني الدولي"
في شهر مارس/ آذار الفائت حصل عصيان داخل سجن في الحسكة يضم 5 آلاف مقاتل من داعش تحت مراقبة المقاتلين الأكراد، كما يقول فليكس أنطون لـ DW، وهذا الألماني يعيش كمتطوع دولي منذ سنتين بالمنطقة الكردية في شمال سوريا.
ويذكّر أنطون بحوالي 10 آلاف من نساء داعش الأجنبياتفي مخيم الهول حيث تُسجن عائلات ألمانية أيضا من داعش. وحتى هناك مع تردي الوضع قد حصل عصيان. وحسب كمال سيدو من جمعية الشعوب المهددة قد يكون حتى مليون نسمة متأثرين بانقطاع المياء. وفي حديث مع DW يوضح سيدو بأن تركيا هي المسؤولة عن تصعيد الوضع. وتصرفها يكشف "أن كل وسيلة مشروعة بالنسبة إليها لتقوية سلطتها في شمال سوريا ومحاربة الإدارة المحلية المستقلة للسكان الذين يعيشون هناك. وبهذه السياسة تنتهك تركيا القانون الدولي الإنساني".
ماتياس فون هاين/ م.أ.م