"اختيار كلينتون لن يحدث تغييرات كبيرة على السياسة الأمريكية في الشرق الوسط"
٢ ديسمبر ٢٠٠٨قوبلت التشكيلة الحكومية الجديدة التي أعلن عنها مساء أمس الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما بترحيب أوروبي واسع. وحظي اختيار السيدة الأولى سابقا في البيت الأبيض، هيلاري كلينتون، وزيرة للخارجية مباركة من عدد من وزراء الخارجية الأوروبيين، على غرار الفرنسي كوشنير والبريطاني ميليباند. وبهذا الاختيار ستصبح هيلاري كلينتون ثالث امرأة بعد مادلين أولبرايت وكوندوليزا رايس، تتولى منصب وزارة الخارجية.
ومن جانبها رحبت برلين بتشكيلة الحكومة الأمريكية المُقبلة، حيث أعرب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير اليوم في لاهاي الهولاندية عن تفاؤله بأن الحكومة الأمريكية الجديدة ستعمل على حل الأزمات في بؤر التوتر في عدد من المناطق على غرار أفغانستان والدول المجاورة. وأكد على ثقته بأن الحكومة الأمريكية الجديدة ستشارك في إيجاد حل سلمي للصراع في الشرق الأوسط. وفيما يتعلق بتولي هيلاري كلينتون منصب وزيرة الخارجية الأمريكية، أعرب الوزير الألماني عن ترحيبه وتفاؤله بأن التعاون معها سيتسم بالثقة المتبادلة، إلا أنه لفت النظر في الوقت نفسه إلى ضرورة مناقشة بعض الأمور مع الإدارة الأمريكية الجديدة. وفي السياق نفسه، وصف مسؤول السياسة الخارجية بالحزب الاشتراكي الديمقراطي رولف موتسينش قرار اختيار هيلاري كلينتون كوزيرة للخارجية بـ"الخبر الجيد". وقال موتسينش إنه يجب أن يعطي صناع القرار الجدد فرصة للدبلوماسية بعد القرارات الخاطئة الفادحة التي اتخذتها إدارة جورج بوش.
اختيار كلينتون لتجاوز خلافات الماضي ودعم الصف الديمقراطي
على صعيد آخر، ترى الخبيرة الألمانية في شؤون الشرق الأوسط من المعهد الألماني لأبحاث السلام والسياسات الأمنية في مدينة هامبورغ مارغريت يوهانسن أن اختيار باراك أوباما لمنافسته السابقة على الرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون قد تكون له أبعاد شخصية، ذلك أن الرئيس المنتخب يسعى إلى تجاوز خلافات وانشقاقات داخل الحزب الديمقراطي الأمريكي والاستفادة من علاقاتها وخبرتها السياسية التي جمعتها أثناء فترة تولي زوجها الرئاسة، وكذلك كسيناتورة ولاية نيويورك في مجلس الشيوخ الأمريكي. وبينما يرى بعض المراقبين أن شعبية هيلاري كلينتون في العالم قد تساعد على تلميع صورة السياسية الخارجية الأمريكية في عدد من المناطق، أعربت مارغريت بوهانسين عن تحفظها تجاه اختيار سيدة أمريكا الأولى سابقا لتولي منصب وزيرة الخارجية الأمريكية وقالت إن هيلاري كلينتون، وعلى الرغم من أنها سياسية محنكة وذات تجارب سياسية طويلة، إلا أن تجاربها السياسية تقتصر على الصعيد الداخلي بينما تفتقد إلى التجربة على الصعيد الخارجي. وأشارت مارغريت يوهانسين إلى أن هيلاري كلينتون قد تكون مازالت تتطلع إلى الفوز بكرسي الرئاسة في الولايات المتحدة بعد أوباما وبالتالي فإن هذا المنصب يُعد الأفضل ليُمهّد لها الطريق لتحقيق آمالها السياسية.
"مواقف كلينتون تجاه بعض البلدان تتسم بالشدة"
وتوقعت الخبيرة الألمانية في شؤون الشرق الأوسط أن اختيار هيلاري كلينتون لن يجلب معه تغييرات كبيرة في السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، مُشيرة إلى مواقف كلينتون الصارمة تجاه بعض دول المنطقة، والتي كانت أعلنت عنها خلال حملتها الانتخابية. الجدير بالذكر أن كلينتون كانت انتقدت بشدة دعوة منافسها على الرئاسة الأمريكية آنذاك، باراك أوباما، إلى خوض محادثات مُباشرة مع إيران وسوريا وكوريا الشمالية ووصفتها "بالساذجة". وتقول يوهانسين إن موقف هيلاري من إيران يتسم بالشدة، ذلك أنها لم تستبعد مثلا شن ضربة عسكرية ضد طهران إن لم تتراجع عن طموحاتها النووية. كما وصفت موقفها في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بأنه موقف يميل إلى تأييد الطرف الإسرائيلي على حساب الطرف الفلسطيني، مشيرة إلى موقفها المؤيد لبناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية مثلا، وكذلك موقفها الرافض لحركة حماس والتي تصفها بأنها منظمة إرهابية، وهو ما سيصعب من دورها من جهة في التوفيق بين الشقّين المتنازعين في الأراضي الفلسطينية، ومن جهة أخرى في تسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
غير أن يوهانسين لفتت النظر في الوقت نفسه إلى موقف هيلاري كلينتون الرافض للحضور العسكري الأمريكي في العراق وإلى دعوتها إشراك الدول المجاورة له في محادثات السلام. بيد أن ذلك لم يمنع الخبيرة في الشؤون الشرق أوسطية من التحذير من تعليق آمال كبيرة في أن تسلك هيلاري كلينتون مسارا سياسيا على الصعيد الخارجي يغاير السياسة الخارجية الأمريكية الحالية، وأعربت يوهانسين عن اعتقادها بعدم حدوث تغيير في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وقالت إنها تتوقع أن تبقى "النقاط الرئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط على ماهو عليه، باستثناء العراق" في إشارة إلى وعد أوباما بسحب القوات الأمريكية من أراضيه خلال فترة زمنية محددة.
وشددت الخبيرة الألمانية من معهد أبحاث السلام والدراسات الأمنية في مدينة هامبوغ على أن توقعاتها مبنية على تصريحات هيلاري كلينتون خلال الحملة الانتخابية التي خاضتها ضد منافسها آنذاك باراك أوباما. وقالت إنه لا يمكن الحكم بصفة نهائية على دور كلينتون في المنطقة إلا بعد أن تتولى مهام منصبها.
يذكر أن هيلاري كلينتون ستتولى وزارة الخارجية بداية من 20 يناير/كانون الثاني، أما الجنرال جيمس جونز فسيشغل منصب مستشار للأمن القومي، في حين تتولى سوزان رايس منصب مندوبة في الأمم المتحدة، مع الإبقاء على روبرت غيتس في منصبه كوزير دفاع.