احتجاز صيادين من إيطاليا في ليبيا.. على ماذا يساوم حفتر؟
١٩ أكتوبر ٢٠٢٠في رصيف الصيد في مازارا ديل فالو، وهي بلدة صغيرة في غرب صقلية، يجهز البعض شباك الصيد ويصلح البعض الآخر الغرف المبرَدة في السفن، بينما ينهمك آخرون في إصلاح أعطال ميكانيكية.
إنه يوم ليس عاديا؛ إذ توترت الأجواء هنا منذ عدة أسابيع. "لو لم يبقَ قاربي في الرصيف بسبب عطل ميكانيكي، لكنت معهم في ذلك اليوم الذي اعتقلوا فيه"، يقول فينسينزو دي سانتيس، قبطان أحد القوارب.
ليبيا توسع مياهها الإقليمية
ألقى خفر السواحل الليبي القبض على 18 صيادا، 8 إيطاليين و6 توانسة وأندونيسيين وسنغاليين، في الأول من أيلول/سبتمبر الماضي، بينما كانوا يبحرون في المياه الدولية.
في عام 2005 وسع معمر القذافي-وبشكل اعتباطي- المياه الإقليمية الليبية من 12 ميلا بحريا، حسب القانون الدولي، إلى 72 ميلا بحريا بغية استغلال الثروات التي تزخر بها تلك المياه وخاصة القريديس الأحمر.
تعرضت قوارب وسفن الصيد التي تبحر من مازارا ديل فالو لعدة حوادث من ذلك النوع منذ تسعينات القرن العشرين. وهذه المرة أوقفت أربع سفن، تمكنت اثنتان منهما من الإفلات.
من ضمن فريق القبطان فينسينزو دي سانتيس الرجل الأندونيسي تارنو. اثنان من أبناء جنسيته الأندونيسية ما زالا رهن الاعتقال في ليبيا. بدأ تارنو العمل في إيطاليا منذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي. يدرك تارنو اليوم المشاكل التي تحف بالعمل في هذه المياه. "سمعت عن ذلك من قبل، لكن اليوم أفهم خطورة الأمر. جوناوان ومو هما الوحيدان اللذان كنت أتحدث معهما بلغتي، الأندونيسية". تارنو ليس لديه عائلة في إيطاليا وكذلك جوناوان ومو. "أصلي لأحبابهم وعوائلهم في أندونيسيا، الذين يشعرون بالطبع بالقلق".
تتناقش عائلات الصياديين في مازارا ديل فالو في دار بلدية البلدة للنظر فيما يمكن فعله. "أعتقد أن الليبين لديهم قلب، ولكنه مجمد. أفهم أنهم يسعون للاعتراف بهم"، يقول بيترو جياكالوني، الذي لم يتحدث مع ابنه فابيو منذ يوم اعتقاله، حيث سمح لابنه بالتحدث معه لمرة واحدة فقط.
قضية سياسية؟
حسب الكثيرين يسعى رجل شرق ليبيا القوي، خليفة حفتر، للاعتراف الدولي. وقد ألقي القبض على الصيادين في نفس اليوم الذي غادر فيه وزير الشؤون الخارجية في إيطاليا، لويجي دي مايو، طرابلس الغرب، مقر حكومة السراج المعادية له. الوزير الإيطالي كان في مهمة لبحث وقف إطلاق للنار لم يكن يحظى بموافقة حفتر. بيد أن الوزير الإيطالي استبعد أي رابط بين إلقاء القبض على الصيادين وزيارته للسراج، رئيس الحكومة المعترف بها دولياً.
وتذهب تقارير إلى أن هدف حفتر هو مبادلة الصيادين بأربعة لاعبي كرة قدم مسجونين في إيطاليا. يقضي هؤلاء عقوبة تصل إلى 30 سنة في السجن لقتل 49 إنساناً أثناء تهريبهم لمهاجرين عبر المتوسط إلى أوروبا عام 2015.
مصادر ليبية تقول إن الليبيين يتهمون الصيادين بتهريب المخدرات. وقد تم تسريب صورة لحقائب صفراء أمام أحد القوارب المحتجزة. السلطات الإيطالية لم تؤكد ما سبق، والتي يبدو أنها تأطير من خليفة حفتر للقضية بهدف تحقيق مكاسب سياسية.
تفاؤل وتشاؤم
سيعرض الصيادون على مدع عام عسكري بتهمة دخول المياه الإقليمية الليبية. "مبادلة السجناء أمر مرفوض، ونرفض كذلك اعتقال صيادين في مياه ما بحجة أنها مياه إقليمية، وهي ليست كذلك"، علق وزير الشؤون الخارجية في إيطاليا.
"في التسعينات كان الليبيون يحشرون ما بين 100 و150 شخصاً في قبو، ولكن على الأقل كنا نستطيع محادثتهم هاتفياً. اليوم هم في مكان أفضل، ولكن لا يمكننا التحدث معهم. ماذا يأكل فابيو؟ كيف ينام؟ هل يسمح له بالاستحمام؟"، يقول بيترو جياكالوني.
الحادث الأخير غير مسبوق؛ إذ أنه في الماضي كان يتم إطلاق سراح الصيادين بعد دفع فدية. وزير الشؤون الخارجية في إيطاليا أدخل داعمي حفتر كالإمارات وروسيا في المفاوضات على أمل ممارسة الضغط على حفتر.
تلوم معظم عائلات الصيادين الحكومة الإيطالية لجهة عدم تزويدهم بما يكفي بآخر مستجدات القضية. بيد أن الاهتمام السياسي الذي حظيت به القضية أدخلت الكثير من الأمل في نفوس البعض منهم. "لا نعلم عن أي جديد في القضية، لكن شعوري يخبرني أنه علينا الاستعداد للاحتفال"، يقول، فيتو جانسيتانو، وهو صهر أحد الصيادين المحتجزين. التونسية شيماء المثلوثي، ابنة أحد التوانسة المحتجزين، متشائمة ولا تشارك فيتو جانسيتانو تفاؤله.
جاكوبو لينتيني/خ.س.