احتجاجات الطالبات والطلاب في إيران تتحدى سلطة الدولة
٦ أكتوبر ٢٠٢٢رغم صعوبة الوصول إلى الإنترنت، تظهر صور ومقاطع فيديو جديدة على الإنترنت كل يوم، تظهر المتظاهرين في أجزاء مختلفة من إيران، بما في ذلك في الجامعات، على سبيل المثال يوم الثلاثاء (الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول) في جامعة الفردوسي في مدينة مشهد، ثاني أكبر مدينة في البلاد. وتظهر مقاطع الفيديو الطلاب وهم يطالبون بالإفراج عن جميع زملائهم الطلاب المعتقلين، وخاصة من جامعة شريف في طهران، الذين اعتقلوا بعد تنظيم مسيرة سلمية في الحرم الجامعي ليل الأحد الإثنين.
قامت عناصر الشرطة والميليشيات بتطويق الحرم الجامعي، وحاصروا الطلاب وقاموا أحيانا بإطلاق النار عليهم من بنادق. وتظهر العديد من مقاطع الفيديو المنشورة على الإنترنت عملية مطاردة شرسة للطلاب. كما تعرض العديد من المحاضرين في جامعة النخبة للضرب بالهراوات. ومن غير المعروف ما إذا كانت هناك إصابات أو وفيات. ووفقًا لوسائل الإعلام الإيرانية، تم اعتقال ما لا يقل عن 37 طالبًا.
وتعتقد مريم (اسم مستعار) في مقابلة مع DW من طهران أنه "يفترض أن يرهب ذلك كل الطلاب الآخرين". السيدة البالغة من العمر 50 عامًا لديها طفلان، كلاهما يدرسان. وتقول الأم القلقة: "في كل مرة يغادران الشقة، يبدأ قلبي بالتسارع وأشعر بالغثيان حتى يعودوا". وتضيف: "حالنا ليس جيدا ونحن نشعر بالحزن والغضب. لقد صدمنا بوفاة مهسا أميني. كان من الممكن أن تكون ابنتي".
عنف مميت
تسبب موت مهسا أميني في موجة جديدة من الاحتجاجات في إيران. فالشابة البالغة من العمر 22 عامًا، اعتقلتها "شرطة الأخلاق" الإيرانية لعدم ارتدائها الحجاب بشكل صحيح، وبعد احتجازها في المخفر ماتت الشابة بطريقة غير واضحة حتى الآن. وتحاول قوات الأمن قمع المحتجين من خلال استخدام العنف. ووفقًا لمنظمة حقوق الإنسان الإيرانية غير الحكومية (IHR) ومقرخا أوسلو، قُتل ما لا يقل عن 154 شخصًا بحلول يوم الثلاثاء، العديد منهم من جراء إطلاق النار. وأفادت منظمة العفو الدولية في 31 سبتمبر / أيلول أن السلطات الإيرانية استخدمت القوة المميتة عمداً لقمع الاحتجاجات الجارية ، وقد حشدت السلطات "آليتها القمعية المعدلة" لقمع الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد بلا رحمة، وفق المنظمة. واليوم (6/10/2022) قالت المنظمة إن "قوات الأمن الايرانية قتلت في شكل غير قانوني ما لا يقل عن 66 شخصا بينهم أطفال، واصابت مئات آخرين بجروح بعدما أطلقت النار" على متظاهرين وعابرين ومصلين، موضحة أنه "مذاك، قتل 16 شخصا آخرين في حوادث منفصلة في زاهدان في إطار القمع المستمر لهذه التظاهرات".
"يمكن أن يصبح تضامن الطلاب مع المتظاهرين تحديًا لسلطة الدولة"، يقول الخبير الإيراني حميد رضا عزيزي من مؤسسة العلوم والسياسة (SWP) في برلين، في مقابلة مع DW. درّس عزيزي من 2016 إلى 2020 كأستاذ مساعد في جامعة "الشهيد بهشتي" في طهران.
يبلغ عدد سكان إيران 84 مليون نسمة، ولديها أكثر من 200 جامعة ومعهد عالٍ. ومن المعتاد أن يلعب الطلاب دورًا مركزيًا في الحركات الاحتجاجية في إيران. "على سبيل المثال، خلال ثورة 1979 ، ولكن أيضًا بعد ذلك، خلال حركات الاحتجاج في عامي 1998 و 2009 مثلاً"، يقول عزيزي. ويضيف الخبير الإيراني: "يأتي الطلاب بالدعم الفكري معهم ولديهم القدرة على حشد قطاعات مختلفة من المجتمع لأنهم هم أنفسهم يأتون من جميع طبقات المجتمع".
وتدرك سلطة الدولة في إيران قدرة الطلاب على الاحتجاج. ولا توجد حاليًا حركة طلابية منظمة في إيران . وبعد الاحتجاجات التي عمّت البلاد في عام 2009، أُغلقت جميع الاتحادات الطلابية المستقلة، وحُظرت أنشطتها، واعتُقل الأعضاء القياديين بها.
ويضيف حميد رضا عزيزي "بالإضافة إلى ذلك، تم تطبيق قواعد جديدة لمنح المقاعد الدراسية حسب التوزيع الجغرافي، بهدف جعل أكبر عدد ممكن من الشباب يدرسون في المكان الذي يعيشون فيه وبالتالي البقاء تحت إشراف أسرهم بدلاً من العيش في المدن الجامعية (السكن الطلابي للجامعات) ويكونون على اتصال دائم بالطلاب الآخرين". ويتابع عزيزي قائلا إن "المدن الجامعية، خاصة في طهران، هي من بين أول الأماكن التي توضع تحت الرقابة أثناء الحركات الاحتجاجية. وفي عامي 1998 و2009، اقتحمت قوات الأمن مساكن الطلاب واعتقلت بشكل تعسفي العديد منهم. وصحيح أن الطلاب لا يجمعهم تنظيم ما، لكن لا ينبغي الاستهانة بهم، مثلما ينبغي عدم الاستهانة بالاحتجاجات في المدارس".
الاحتجاجات في المدارس
في إيران، يتم تعليم الفتيات والفتيان بشكل منفصل من السنة الأولى من المدرسة حتى تخرجهم. ومع ذلك، فإن لوائح اللباس الصارمة للفتيات تنطبق أيضًا في المدارس. ومنذ أيام تنتشر مقاطع فيديو على الإنترنت، تظهر فتيات يحرقن حجابهن في مدارسهن ويصرخن "الموت للديكتاتور". كما أن هناك إضرابات واحتجاجات في مدارس البنين تضامنا مع الفتيات. وتقول الصحفية الإيرانية مولود حاجي زاده لـDW: "آهٍ، لو تم فقط التنسيق بينهما".
وتابعت الصحفية الإيرانية "تندلع الاحتجاجات في عزلة عن بعضها البعض ولا تدوم طويلاً. ولطالما كان الطلاب هم رواد حركات احتجاجية مهمة في إيران"، تقول حاجي زاده وتضيف: "يجب عليهم (تقصد الطلاب) مغادرة الحرم الجامعي المحاط بجدران مغلقة، حيث يمكن بسهولة تطويقهم، وأن ينضموا إلى المتظاهرين في الشارع بل وحتى القيام بدور قيادي، ومن ثم يمكننا التحدث عن بُعد مختلف للحركة الاحتجاجية، بُعدٍ لديه القدرة على إحداث تغييرات كبيرة".
مرارًا وتكرارًا تعرضت مولود حاجي زاده للاعتقال بسبب تقاريرها النقدية حول قمع حركات الاحتجاج الإيرانية. وفي الآونة الأخيرة، حُكم عليها بالسجن لمدة عام في يناير/ كانون الثاني 2021. وقبل فترة وجيزة من الموعد المقرر لبدء دخولها السجن لتنفيذ عقوبتها، تمكنت مولود حاجي زاد من الهروب من إيران وتعيش الآن في النرويج.
شابنام فون هاين/ص.ش