اتهام مدون جزائري بالإرهاب بعد نشر كاريكاتور للرئيس بوتفليقة
٢٤ أكتوبر ٢٠١٣تثير قضية اعتقال المدون الجزائري عبد الغني علوي وحبسه استغراب مدونين وتنديد منظمات حقوق الإنسان في الداخل والخارج، وهناك تخوفات في الجزائر من تراجع حرية التعبير بسبب عدد من الإجراءات السالبة للحقوق الأساسية.
بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على اعتقاله للتحقيق معه في قضية نشر رسوم كاريكاتورية لرئيس الجمهورية على صفحته بالفايسبوك، ما يزال المدون عبد الغني علوي (24 سنة) من ولاية تلمسان يقبع بين المشتبه بهم في قضايا الإرهاب في سجن سركاجي بالعاصمة الجزائرية، في انتظار أن يحدد القضاء موعدا لمحاكمته بتهمتين: الإشادة بأعمال إرهابية وإهانة هيئة نظامية متمثلة في شخص رئيس الجمهورية. وفي حالة ثبوت التهمتين الموجهتين إليه، فقد يتم الحكم عليه بعشر سنوات سجنا وبغرامة مالية بمستوى 500 ألف دينار جزائري ( حوالي 5000 يورو).
تشويه الخصوم
واستغرب محامي المتهم أمين عبد الرحمن سيدهم من رفض قاضي التحقيق في الغرفة السابعة بمحكمة سيدي أمحمد لطلب الإفراج المؤقت الذي تقدم به في القطب الجزائي المختص بقضايا الإرهاب، وأكد المحامي في تصريح لـ DWبأنه سيطعن في قرار الرفض أمام غرفة الاتهام وهي الجهة المخول لها بمراقبة عمل قاضي التحقيق، وأضاف أنه " سيلجأ إلى كل الإجراءات القانونية إلى حين الإفراج عنه".
وانتقد المحامي سيدهم عدم قانونية اعتقال عبد الغني علوي والتهم الموجهة إليه، وقال إن استمرار حبسه أمر غير مبرر، معتبرا أن الهدف من ذلك هو ترهيب كل الناشطين على الشبكات الاجتماعية، وتوجيه التهم بما يحقق للسلطة هدف تشويه خصومها. ويضيف منسق "شبكة المحامين الجزائريين المدافعين عن حقوق الإنسان"، أن ما يحدث للمدوّن عبد الغني منذ 25 سبتمبر الماضي هو خرق صارخ لحقوق المواطن وللحريات المكفولة له في الدستور، كما يشكل ذلك تنكرا لكل التعهدات الدولية وخاصة المادة 19 من الميثاق الدولي للحقوق السياسية والمدنية.
غضب واستياء
وقد أثارت قضية المدون عبد الغني ضجة كبيرة في مختلف وسائل الإعلام والمدونات وصفحات الفيسبوك، وعبر ناشطون على شبكة التواصل الاجتماعي عن سخطهم الكبير على ممارسات السلطة في تقييد حرية التعبير، وطالبوا بإطلاق سراحه فورا، ووقف كل المتابعات القضائية ضده. ويرى المدون عبد السلام بارودي من ولاية تلمسان أن ما حدث لعبد الغني هو بمثابة إشارة موجهة من السلطة إلى المدونين والصحافيين بأنها لا تسمح بأي تشويش، وبأنها ستحد من هوامش الحرية القائمة والتي قد تتحول إلى حراك سياسي أو شعبي لا ترضاه السلطة قبل الانتخابات الرئاسية القادمة.
تغوّل السلطة سياسيا
ويعتقد المدون والناشط على شبكات التواصل الاجتماعي يونس الشرقي بأن اعتقال المدون عبد الغني، فقط بسبب نشره لرسوم كاريكاتورية لرئيس الجمهورية ولرئيس وزرائه على صفحته بالفيسبوك دليل على أن النظام قرر المضي "في مسلك خطير لكبت الحريات و مصادرة الآراء ومؤشر على التغول السياسي للشرطة في الجزائر وهو بمثابة أداة بطش أساسية تم استغلالها في عهد نظامي بن علي و مبارك"، ويضيف يونس ل DW أن " توجيهتهم جنائيةمن طرف السلطة،مثل تهمة الإشادة بالإرهاب ضد عبد الغني يهدف إلى إبعاد النشطاء عن شبكات التواصل الاجتماعي وعن الحقوقيين، وهذا ما يشرح الفتور الملحوظ لدى بعض المنظمات الحقوقية الجزائرية المدافعة عن المعتقل".
ويتخوف يونس من التهم المطاطية التي توجهها السلطة لمعارضيها، "فقد يتم تكييف أي تهم جنائية وإلصاقها بأي معارض للنظام، وهو ما يدعو للقلق على تقهقر حرية التعبير". ويرى بارودي - أول مدون تمت محاكمته في الجزائر- "بأن حرية التعبير في الجزائر تتدحرج نحو الأسفل، مشيرا إلى أن التعددية الإعلامية التي جاءت بها انتفاضة أكتوبر لم تثمر بحقوق وحريات إعلامية أوسع، بل ما نشهده بعد ربع قرن هو المزيد من الإجراءات السالبة لحرية التعبير والرأي".
ضغوطات حقوقية دولية
وطالبت منظمات دولية الحكومة الجزائرية بإطلاق سراح المدون عبد الغني علوي، حيث أصدرت منظمة العفو الدولية بيانا استنكرت فيه اعتقال الشاب، وقالت "إن على السلطات الجزائرية أن تطلق سراح المدون فورا" وقال فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمنظمة العفو الدولية ": يبدو أن السلطات الجزائرية تريد خنق مختلف أشكال الإنتقاد في مرحلة تخيم عليها الشكوك بشأن الانتخابات الرئاسية القادمة"، مشيرا بذلك إلى احتمال ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة. كما عبرت منظمة هيومن رايتس ووتش، عن استنكارها وطالبت بضرورة إسقاط كل التهم عن المدون، وأكدت المنظمة الحقوقية في تقرير لها بأن "أي محاولة لتجريم الانتقاد السلمي أو حتى الإهانات الموجهة إلى موظفين عموميين أو مؤسسات، يعد انتهاكا للمعايير الدولية الخاصة بحرية التعبير."
تقليم أظافر
الناشط الحقوقي الدكتور فوزي أوصديق انتقد من جهته ما قامت به السلطات الجزائرية في حق مواطن أراد التعبير عن رأيه بطريقة سلمية، وقال إن "حرية التعبير حق مقدس، و لا يجوز بأي حال من الأحوال انتقاصه، لأنه حق دستوري والتزام دولي للدولة الجزائرية"، وأضاف أوصديق في اتصال مع DW :"إن الإجراءات المتخذة ضد المدون هي محاولة لتقليم الأظافر"، مشيرا الى أن الاستمرار في حبس عبد الغني وملاحقته،قد يعودان بمفعول عكسي، وأضاف أن"كل شخصية عامه في العالم معرضة للتجريح والانتقاد، ولذلك لا يجوز التدرع بحق الخصوصية".
في هذه الأثناء يحاول الأستاذ فاروق قسنطيني، رئيس الهيئة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان، التوسط من أجل وقف تداعيات الأحداث، حيث ناشد عبر وسائل الإعلام عائلة المتهم بتقديم طلب سمي لهيئته بهذا الخصوص، وأكد قسنطيني في تصريحات صحفية بأنه "سيعمل على عقلنة وتهدئة القضية التي تستغلها بعض الأطراف الأجنبية للمساس بسيادة الدولة". وعن تدخل هيئات ومنظمات حقوقية دولية في قضية عبد الغني علوي، استنكر قسنطيني الطريقة التي تدخلت بها هذه المنظمات التي تعمل –حسب رأيه- وفق أجندات سياسية غير بريئة.
يذكر أن هذه هي المرة الثانية منذ العام الماضي التي يتم فيها توقيف وحبس مدون في الجزائر، فقد تمت سابقا إدانة المدون صابر سعيدي بتهمة " تمجيد الإرهاب" بعد نشره لأشرطة فيديو للربيع العربي على الانترنت، فحكم عليه بتسعة اشهر سجن نافذة.