إيساف في أفغانستان – انتهاء الحملة الطويلة
٢٨ ديسمبر ٢٠١٤انتهت مهمة حلف الأطلسي القتالية المعروفة اختصارا باسم إيساف. ومنذ اشهر تقوم القوات الدولية بإخلاء ثكناتها العسكرية في أفغانستان. وفي الاثناء تقوم الدول بسحب معظم جنودها وعتادها الحربي.
البداية كانت في الحادي عشر من أيلول/سبتمبر عام 2001، فبعد أحداث ذلك اليوم قررت الولايات المتحدة إرسال قوات إلى أفغانستان. وبعد إسقاط حكم الطالبان، المتحالفة مع زعيم القاعدة أسامة بن لادن، المسؤول عن تلك الأحداث، بدأت القوات الدولية بالتوافد على كابول في كانون الأول/ديسمبر من العام نفسه. ووضعت القوات تحت إمرة حلف الناتو فشملت عملياتها كل أطراف أفغانستان. وأحيانا كان عدد الجنود يصل إلى 130 ألف جندي من 50 دولة. واليوم، وبعد انتهاء أطول تدخل عسكري وأكثره خسائر في تاريخ الناتو يتساءل البعض الآن عن مدى نجاح أو فشل هذه المهمة.
توقعات كبيرة وتفاؤل حذر
تم التدخل العسكري بتفويض من الأمم المتحدة لأجل ضمان الاستقرار وإعادة إعمار أفغانستان ومساعدة البلاد في الانتقال إلى الديمقراطية والحيلولة دون سقوط البلاد بأيدي الإرهابيين مرة أخرى. "أنجزنا مهمتنا" بهذه الكلمات وصف الأمين العام لحلف الناتو ينز ستولتينبيرغ مهمة قواته قبيل انسحابها. وقد أقر بوجود تحديات، لكنه أضاف: "أوطاننا أصبحت أكثر أمنا وأفغانستان أكثر قوة".
لكن ليس هناك في قوات التحالف من يتحدث عن تحقيق نصر في أفغانستان. ورغم ذلك هناك ما يدعو للتفاؤل: فقد اختفى قادة القاعدة واختفت معهم معسكرات التدريب في أفغانستان. وتم قتل أسامة بن لادن في أيار/مايو 2011 في باكستان، كما تحقق تقدم في بناء هياكل دولة أفغانستان على صعيد البنية التحتية وقطاعات التعليم والصحة والاقتصاد. ووصل عدد أفراد الجيش والشرطة الأفغانية إلى 350 ألفا.
ومن جهة أخرى لقي أكثر من 3400 جندي من قوات التحالف حتفهم في أفغانستان بينهم 55 جنديا ألمانيا. ومنذ تسلم أفغانستان مسؤولية أمن البلاد ارتفع عدد قتلى الجيش والشرطة بشكل ملحوظ. وحتى منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي لقي حوالي 6000 جندي وشرطي أفغاني حتفهم. يضاف إلى ذلك وقوع خسائر فادحة في صفوف المدنيين الأفغان: عشرات آلاف الرجال والنساء قتلوا منذ بدء الحملة العسكرية. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن حوالي 10 آلاف مدني قتلوا وجرحوا خلال عام 2014 وحده، نسبة ثلاثة أرباع هؤلاء قضوا في هجمات لحركة طالبان.
الدعم الثابت
ويُرجع المحلل السياسي توماس روتيغ السبب في ارتفاع أعداد الضحايا بين المدنيين إلى الاستراتيجية التي اعتمدها الغرب في أفغانستان، والقائمة على استخدام عسكريين للإشراف على عمليات تشييد وبناء آبار الماء والشوارع وفي الوقت نفسه ضمان أمن العاملين في تلك المشاريع. "هذا الخلط بين المهمات المدنية والعسكرية هو أحد أسباب فشل ايساف"، كما يقول روتيغ، ويضيف "لقد وجدت حركة طالبان ذريعة لتبرير مهاجمة مدنيين بسبب غياب التمييز بين الأمرين ".
من المبكر القول الآن إن كانت طالبان ستعيد فرض سيطرتها على كل المناطق في أفغانستان، بعد انتهاء مهمة ايساف. لكن من خلفية الوضع الأمني الهش والفساد والرشاوى، هناك تخوفات بشأن استقرار البلاد. والقلق كبير لدى القادة السياسيين والعسكريين بالنظر إلى ما آلت إليه الأوضاع في العراق بعد انسحاب القوات الأمريكية وعجز القوات العراقية عن وقف تقدم قوات تنظيم "الدولة الإسلامية- داعش".
وتأمل القوات الدولية في ترسيخ التقدم الذي أحرزته أفغانستان عبر مهمة "الدعم الثابت" التي حلت محل مهمة ايساف. وتقضي الخطة ببقاء حوال 12 ألف جندي غربي في أفغانستان كخبراء ومدربين للقوات الأفغانية، يعمل فيها حوالي 850 جنديا ألمانيا و9000 جندي أمريكي. ويأمل الغرب بذلك في دحر ذريعة طالبان وقيامها بمهاجمة المدنيين.