إيران وإسرائيل من حلف وصداقة إلى عداوة لدودة
١٤ أبريل ٢٠٢٤شنت إيران في يوم السبت (13 أبريل / نيسان الجاري 2024) هجوما بمسيرات وصواريخ على إسرائيل، فيما قالت طهران إن هجومها جاء ردا على استهداف قنصليتها في دمشق مطلع الشهر ذاته. ومنذ بدء إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة عقب هجوم حماس الإرهابي -في السابع من أكتوبر / تشرين الأول 2023- كثفت هجماتها على الميليشيات الموالية لإيران في لبنان وسوريا.
يذكر أن حماس وهي جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة تصنها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
وفي مطلع أبريل/نيسان الجاري، جرى قصف القنصلية الإيرانية في دمشق مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 13 شخصا بينهم سبعة قادة عسكريين كبار في الحرس الثوري الإيراني. وألقت إيران باللوم في الهجوم على إسرائيل رغم أن الأخيرة لم تعقب على استهداف القنصلية.
وتسلط التطورات الأخيرة الضوء على حجم العداء الشديد بين البلدين، فمنذ أواخر سبعينيات القرن الماضي أصبحت الدولتان "ألد أعداء" وفي الوقت الذي تهدد فيه إيران بمحو إسرائيل من الخريطة تعتبر الأخيرة طهران أشد خصومها، فما جذور العداء بين البلدين؟
متى كانت إيران وإسرائيل حليفتين؟
قبل قيام ثورة الخميني الإسلامية في إيران عام 1979 كانت إسرائيل وإيران حليفتين، فقد كانت طهران من أوائل الدول التي اعترفت بإسرائيل بعد قيامها عام 1948 وفي حين اعتبرت إسرائيل حينئذٍ إيران حليفة لها ضد الدول العربية رأت طهران في إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة ثقل توازن مقابل الدول العربية في المنطقة.
وأثمر هذا التعاون عن قيام إسرائيل بتدريب خبراء إيرانيين في مجال الزراعة وأيضا المساعدة في إنشاء القوات المسلحة الإيرانية وتدريبها. وكان الشاه الإيراني يقوم بدفع الثمن عن طريق شحن دفعات من النفط الإيراني إلى إسرائيل التي كان اقتصادها في ذاك الوقت بحاجة إلى النفط.
وفي تلك الحقبة كانت إيران موطنا لثاني أكبر طائفة يهودية خارج إسرائيل، لكن عقب قيام الثورة الإسلامية غادر العديد من اليهود إيران فيما تقول تقديرات إن أكثر من 20 ألف يهودي مازالوا يعيشون في إيران.
متى تغيرت العلاقة بين إيران وإسرائيل؟
وعقب قيام الثورة الإسلامية -بقيادة آية الله الخميني- ألغت إيران كافة الاتفاقيات المبرمة مع إسرائيلبالتزامن مع توجيه قائد الثورة انتقادات شديدة لإسرائيل بسبب احتلالها أراضيَ فلسطينية. وبمرور الوقت تبنت إيران لهجة خطاب عنيفة ضد إسرائيل بهدف كسب تأييد مواطنيها والدول العربية، فالنظام الإيراني كان حريصا على تعزيز نفوذه الإقليمي.
وفي عام 1982 حين أرسلت إسرائيل قواتها إلى جنوب لبنان -لاجتياحه من أجل التدخل في الحرب الأهلية اللبنانية- قام الخميني بإرسال عناصر من الحرس الثوري إلى بيروت لدعم الميليشيات الشيعية. ويقول خبراء إن ميليشيا حزب الله -التي كانت إحدى ثمار هذا الدعم الإيراني- باتت الآن تلعب دور وكيل إيران الرئيسي في لبنان. وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني -أو جناحه العسكري- منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أعضاء في جامعة الدول العربية. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ "منظمة إرهابية".
ومع تولي آية الله علي خامنئي قيادة البلاد ظلت إيران على نفس القدر من العداوة تجاه إسرائيل فيما شكك المرشد الإيراني وقادة البلاد في عدة مناسبات في وقوع الهولوكوست.
هل يمكن لإيران طي صفحة عداء إسرائيل؟
ويقول مراقبون إن قضية العداء لإسرائيل لا تحظى بدعم كافة الإيرانيينوهو ما بزر من تصريحات سابقة أدلت بها الناشطة الإيرانية فائزة رفسنجاني ابنة الرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني.
وخلال مقابلة أُجريت عام 2021 قالت فائزة إنه "يجب على إيران إعادة تقييم علاقتها مع إسرائيل لأن موقفها لم يعد يتماشى مع العصر"، مضيفة أنَّ أقلية الإيغور المسلمة في الصين ومسلمي الشيشان في روسيا يتعرضون للاضطهاد ورغم ذلك فإن "علاقة إيران بموسكو وبكين وثيقة".
وفي مقابلة مع DW عام 2022 انتقد المفكِّر الإيراني البارز صادق زيباكلام -الذي يدرِّس في جامعة طهران-سياسة بلاده تجاه إسرائيل، قائلا إن "هذا الموقف أدى إلى عزل إيران على الساحة الدولية".
بيد أن أنصار الحكومة والنظام الإيراني يدعمون - في المقابل- عداء بلادهم لإسرائيل وأيضا يؤيدون مناوأَة طهران للقوى العظمى.
وفي تعليقه على الهجوم الإيراني بالمسيَّرات على إسرائيل قال مدير مركز برلين للشرق الأوسط والنظام العالمي -علي فتح الله نجاد- إن بعض أنصار النظام الإيراني وأعضاء ما يسمى بـ "محور المقاومة" يشعرون بالغضب إزاء إحجام إيران منذ وقت طويل عن مهاجمة إسرائيل سواء في سياق حرب غزة أو ردا على الهجمات التي استهدفت إيران.
وأشار الخبير في الشأن الإيراني إلى تزايد الإحباط بسبب"افتقار إيران إلى المصداقية في سياق اعتبارها البطل الرئيسي للقضية الفلسطينية وترددها في الانخراط بشكل مباشر في مواجهة إسرائيل".
وبعد أسبوعين على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق أعلنت إسرائيل السبت (13 أبريل / نيسان الجاري) اعتراضها -بمساعدة أمريكية وبريطانية- هجمات مسيرات وصواريخ إيرانية قبل وصول هذه الأخيرة إلى الحدود الإسرائيلية.
أعده للعربية: محمد فرحان