إيران: العيش المشترك خارج إطار الزواج بين الحرية الفردية والقيم الإسلامية
١٠ فبراير ٢٠١٣إيران دولة إسلامية ولا تتوانى عن استخدام أساليب ردعية لتطبيق الشريعة. لكن القوانين المشدّدة تتعارض أحيانا مع واقع حياة الناس في إيران، وخاصة الشباب منهم الذين يحاولون إيجاد طرق تتماشى مع تصوراتهم للحياة الاجتماعية. ورغم أنه يُحظر على غير المتزوجين العيش معا تحت سقف واحد، إلا أن عددا متزايدا من الشبان والشابات في إيران يقررون العيش مع بعضهم البعض دون عقد زواج، خاصة في المدن الكبيرة وفي المحيط الجامعي. ومن بين هؤلاء عاطفة، تبلغ من العمر 22 عاما وتدرس الهندسة في آمول، وهي بلدة صغيرة في شمال إيران، حيث تعيش منذ عامين مع صديقها. وتقول في حديث مع :DW"طبعا قليلون يعرفون أني أسكن مع صديقي. فقط أصدقائي على علم بذلك، وأغلبية هؤلاء يعيشون بدورهم مع أصدقائهم أو صديقاتهم تحت سقف واحد."
الخوف من المخبرين
وعلى الرغم من أنه ليس هناك في إيران أي قانون ينظم عيش الأزواج غير المتزوجين تحت سقف واحد، إلا أن العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج يُعاقب عليها القانون، وتصل العقوبة إلى الجلد في العلن أو السجن لعدة سنوات. بيد أن عاطفة تقول: "نحن نعرف ذلك ونأخذ هذه المخاطرة على عاتقنا".
وعادة هم الجيران أو المقربون من النظام الذين يراقبون من يدخل أو يخرج من المنزل. وعندما يشكّون في الأمر يعلمون الأهالي أو السلطات. لكن عاطفة لا تخشى أن يعرف والداها بأمرها: "أبي وأمي على علم بأني أعيش مع صديقي تحت سقف واحد، مثلما هو الأمر بالنسبة لأغلبية أصدقائي." بيد أنها تخشى من المخبرين، وتقول: "نحن دائما حذرون، عندما نغادر البيت نحرص على ألاّ يلاحظ أحد شيئا."
ويصف عالم الاجتماع الإيراني المقيم في باريس، سيد بايفندي، هذا الشكل من الحياة الزوجية "كظاهرة ضبابية لم تتم دراستها لأنها، تتعارض مع الموقف الرسمي والقيم التقليدية للمجتمع الإيراني." ويرى بايفندي، في حديث مع DW، أن إيران شهدت خلال الخمسة والعشرين عاما الماضية "ثورة ديمغرافية واجتماعية صامتة."
ثورة اجتماعية صامتة
ويشير إلى أن هذه الثورة تتجلى بوضوح في ثلاث ظواهر: أولا تراجع النمو الديمغرافي بشكل ملحوظ، ثانيا تأخر سن الزواج، وثالثا التطور نحو الأسر الصغيرة. مؤكدا أن إيران لم تشهد من قبل مثل هذه النسبة الكبيرة للعزوبية، كما شهدت نسب الطلاق ارتفاعا ملحوظا.
صاهبه (26 عاما) بعد دراستها الهندسة المعمارية أصبحت تعمل في النجارة في طهران، حيث تعيش حاليا لوحدها. وخلال تلك الفترة كانت قد عاشت لفترات متقطعة مع أصدقائها تحت سقف واحد. لكنها ترى في ذلك مصدرا للمشاكل، وتقول إن "المشكلة تكمن في أن مجتمعنا ظل قابعا بين التقاليد والحداثة. فمن جهة، نعطي الانطباع بأننا متطورون ونعيش في علاقات متعددة ومتغيرة. ومن جهة أخرى لازلت بداخلنا التقاليد وطرق التفكير التي نشأنا عليها. وهذا ما يتسبب في مشاكل."
هذا الأمر يؤكده بويان، شاب من طهران، بقوله: "الأزواج في المجتمعات الليبرالية يعيشون مع بعضهم البعض لبناء مستقبل مشترك. أما عندنا فإن أسباباً محرمة مثل التسلية والجنس عادة ما تكون في المجتمع هي المسيطرة." ويرى بايفندي أن أي محاولات من قبل الحكومة لوضع حد لهذه الظاهرة ستبوء بالفشل، إذ أن "توق الجيل الجديد إلى الحرية والاستقلالية كبير جدا".