إنكار ترامب لهزيمته دعم غير مباشر للمستبدين في العالم
٢٢ نوفمبر ٢٠٢٠أعربت شخصيات سياسية وخبراء في العديد من البلدان عن خشيتها من تبني نموذج ترامب في الديموقراطيات الهشة، خصوصاً في إفريقيا، ما يجعل القادة المستبدين يستشهدون بأقوى دولة في العالم لتبرير محاولاتهم التشبث بالسلطة.
وقال الأمين العام لحزب "الحريات والتنمية" المعارض في تشاد محمد أحمد الحبو إن "رفض دونالد ترامب التنحي يعزز وجهة نظر قادتنا في إفريقيا بأن الانتخابات يجب أن تحصل بطريقة لا يخسرون فيها".
وأوضح إلدريد ماسونونغوري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة زيمبابوي أن ترامب كان كأنما يغني "لحناً جميلاً على مسامع الحكام المستبدين". وأضاف "إنه أمر مأساوي. اعتدنا على ذلك في إفريقيا لكن عندما يحدث هذا الأمر في الولايات المتحدة، نشعر بالصدمة لأنه يحدث في ديموقراطية عمرها قرون". وتابع "إنه درس قذر سيستفيد منه قادتنا ويستشهدون به حتى في المستقبل على المدى الطويل عندما يخسرون ولا يريدون الاعتراف بالهزيمة".
وقال غاري كاسباروف أسطورة الشطرنج الروسية والناقد الصريح للرئيس فلاديمير بوتين، إن هجوم ترامب على العملية الديموقراطية سيؤدي إلى "العديد من الهجمات المماثلة في الانتخابات المستقبلية، في الولايات المتحدة وأماكن أخرى". وكتب على تويتر "فقدت الديموقراطية مصداقيتها، تحقق حلم بوتين".
الخطورة على الديمقراطيات الهشة
وأشار توماس كاروثيرز وهو خبير في تعزيز الديموقراطية إلى أن دولاً مثل روسيا والصين ومصر بالكاد تحتاج إلى التمثل بتصرفات ترامب في طريقة معارضة الانتخابات التنافسية.
لكنه أوضح أن تأثير موقف الرئيس الأمريكي قد يكون أكثر وضوحاً في الديموقراطيات التي تعاني من إشكاليات، حيث يراقب قادتها كيف يجاهر ترامب بفوزه ويحظى ببعض الدعم، رغم فوز جو بايدن بما يقرب من ستة ملايين صوت إضافي وتفوقه على ترامب في الهيئة الناخبة التي تحدد نتيجة الانتخابات.
وقال كاروثيرز نائب رئيس الدراسات في مؤسسة كارنيغي في واشنطن "إنهم يرون قوة هذا النهج، وأنه حتى مجتمع متعلم ومتطور من نواحٍ معينة مثل الولايات المتحدة، يمكن أن يقع ضحية هذا النوع من الكذب". وقارن بين تنديد ترامب بـ"الأخبار المضللة" وتذرع حكومات في العالم بهذا المصطلح لتكميم أفواه وسائل الإعلام.
وأوضح كاروثيرز أن من بين الدول التي يمكن أن يشكل فيها تحدي ترامب نتائج الانتخابات نموذجاً، الهند، أكبر ديموقراطية في العالم، حيث يشتكي قادة المجتمع المدني بانتظام من تعرضهم للمضايقات من قبل إدارة رئيس الوزراء القومي ناريندرا مودي.
وتابع أنه قد يكون هناك تأثير مماثل في المكسيك حيث ادعى الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور وهو يساري شعبوي، حصول تزوير في الانتخابات في محاولتين خاسرتين لتولي منصب الرئاسة، وهو من بين أحد قادة العالم القلائل، إلى جانب بوتين، الذين لم يهنئوا بايدن على فوزه بعد. وبشكل غير مباشر، قد يجد قادة اليمين في دول أوروبية مثل المجر وبولندا، مصدر إلهام في البيت الأبيض.
المؤسسات في مواجهة "جنون" ترامب
ومنذ الانتخابات الرئاسية، هنأت وزارة الخارجية الأمريكية الفائزين في العديد من الانتخابات، من بينها في مولدوفا حيث اعترف الرئيس الموالي لروسيا إيغور دودون بالهزيمة وتنحى.
وخلال مؤتمر صحافي عندما سئل وزير الخارجية مايك بومبيو إذا كان ترامب يقوّض جهود الولايات المتحدة لتعزيز الديموقراطية، ردّ بوصف السؤال بـ"السخيف" وقال إن إعادة فرز الأصوات "عملية قانونية" تستغرق وقتاً.
واتسمت الانتخابات الأمريكية في كثير من الأحيان بالفوضوية وكانت مثيرة للجدل، خصوصا في عام 2000 عندما فاز جورج دبليو بوش في ولاية فلوريدا بأغلبية 537 صوتاً ما سمح بوصوله إلى البيت الأبيض.
وفي عام 1960 زعم الجمهوريون حدوث مخالفات ساهمت في فوز جون إف. كينيدي، لكن المرشح ريتشارد نيكسون لم يطالب بإعادة فرز الأصوات، وكتب لاحقاً أنه "لا يمكنه التفكير في أي مثال أسوأ لإعطائه للدول الأخرى" من اقتراح أن الرئاسة "قد تسرق من خلال صناديق الاقتراع".
وقال بيرس بيغو الخبير في شؤون منطقة جنوب إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، إن الديموقراطية الأمريكية "لا تعتبر النموذج الأفضل" لكنه قال إن ترامب قد يكون له تأثير مضاعف في منطقة لا يوجد فيها لدى العديد من البلدان إجراءات واضحة لعمليات انتقال السلطة.
لكن العديد من المراقبين قالوا إن تحدي ترامب قد يبعث برسالة معاكسة، مفادها أنه رغم كل السلطة التي يملكها، سيتوجب عليه أن يترك منصبه في 20 كانون الثاني/يناير.
وأوضح جان غاسبار نتوتوم آيي عضو حزب "الاتحاد الوطني" المعارض في الغابون حيث تتولى عائلة واحدة رئاسة البلاد منذ نصف قرن أن "قوة الديموقراطيات هي في مؤسساتها". وتابع "على عكس الدول الإفريقية،ستعرف المؤسسات الأمريكية كيف تفرض إرادة الشعب الأمريكي على جنون ترامب".
م.أ.م/ خ.س ( أ ف ب)