إنشاء منصة لمساعدة المهاجرين أثناء عبور الصحراء الكبرى
٥ أبريل ٢٠٢٣كيف نشأت منصة "هاتف إنذار الصحراء الكبرى"؟
عزيزو شيهو: مع العديد من الفاعلين في المجتمع المدني، أدركنا وجود الكثير من البيانات حول عبور البحر الأبيض المتوسط ولكن القليل جدا عن الصحراء الكبرى. اعتقدنا أنه يتعين علينا إنشاء منصة لزيادة الوعي وإعلام الناس ومساعدتهم عند الحاجة.
بدأنا أنشطتنا على الحدود بين النيجر وليبيا منذ أربع سنوات. بعد عام 2015، أصبح العبور من أغاديز إلى الساحل الليبي يشكل خطورة متزايدة، لا سيما بعد أن سنت الحكومة قانونا يجرّم نقل المهاجرين. بينما كان سابقا يُعتبر نشاطا قانونيا يعود بالربح على عشرات العائلات. وهذا ما دفع المهربين إلى تنظيم خطط لتجاوز الحواجز الأمنية، وبالتالي أصبح عبور الصحراء أكثر خطورة وأكثر كلفة بالنسبة للمهاجرين.
منذ سن هذا القانون في 2015، بدأنا نسمع عن حالات اختفاء لمهاجرين أو عن أشخاص تخلى عنهم المهرب في الصحراء. لذلك قررنا مساعدتهم، عبر استئجار سيارة لاصطحابهم وإعادتهم إلى أغاديز.
ما نوع المساعدة التي تقدمونها على الحدود بين الجزائر والنيجر؟
منذ عدة سنوات، نشهد على حالات ترحيل لمهاجرين من الجزائر إلى حدود النيجر، حيث تُنزل السلطات المهاجرين في الصحراء، في أماكن مجهولة. ومن هناك، يتعين عليهم السير مسافة 15 كم للوصول إلى أول قرية في النيجر (أساماكا).
نصادف أشخاص لديهم ظروف مختلفة، منهم رجال غير متزوجين أو كبار السن أو حوامل أو عائلات أو أشخاص ذوي الإعاقة...
ظروف المشي صعبة للغاية، وغالبا ما يضيع المهاجرون في الكثبان الرملية ليلاً.
لدينا فريق مكون من ثلاثة أشخاص مقرهم في قرية أساماكا. على متن عربة الـ"توك توك"، التي يمكن أن تحمل عشرات الأشخاص، نذهب لمقابلة المهاجرين الذين رحلتهم الجزائر. ونتنقل بين "النقطة صفر" وقرية أساماكا حيث يتولى مركز المنظمة الدولية للهجرة (IOM) العناية بهم.
كيف علمتم بعمليات الطرد في الصحراء؟
نحن على تواصل مع أشخاص في الجزائر (مواطنون عاديون أو أعضاء في منظمات غير حكومية)، يبلغوننا عندما تشن السلطات عمليات ترحيل.
حالما يتم تحذيرنا، نكون في حالة ترقب، إذ غالبا ما يصل الشباب صغار السن أولا إلى قرية أساماكا لأنهم يتمتعون بصحة جيدة. عندما نراهم ينزلون، يبدأ عمل فريق الـ"توك توك" الذي يذهب للبحث عن الأشخاص الأضعف. بشكل عام، ننظم ثلاث إلى أربع رحلات ذهابا وإيابا. نسافر 100 كيلومتر في كل عملية.
يمكن أيضا أن نتلقى نداءات استغاثة من مهاجرين، وعندما يتصلون بنا، نطرح عليهم سلسلة كاملة من الأسئلة للعثور عليهم في أسرع وقت ممكن: نسألهم عن موقعهم، والاتجاه الذي اتخذوه، وآخر قرية مروا بها، وحالتهم الجسدية... ونقدم لهم نصائح عملية يمكن تساعدهم ريثما نصل.
كيف تكون حالة المهاجرين الذين تعثرون عليهم؟
غالبا ما يكونون في حالة من العوز الشديد، إذ كثيرا ما يتعرضون للإساءة من قبل الشرطة الجزائرية قبل ترحيلهم. هناك أشخاص يصابون بكسر في الساقين أو الذراعين. حتى أن البعض يقول إن الشرطة تطلق الذخيرة الحية عليهم.
نصادف أحيانا جثثا على الطريق، ومنذ بداية نشاطنا وجدنا 100 جثة باتجاه ليبيا أو الجزائر. في أغلب الأحيان، تكون الرفات في حالة تحلل متقدمة. نغطيها بالرمل قدر الإمكان، ونفعل ما بوسعنا بالوسائل المتاحة.
من الصعب جدا على الفرق التعامل مع هذا النوع من المواقف، الذي يمكن أن يسبب صدمة للعاملين.
ما هي الرسالة التي تنقلونها إلى المهاجرين الذين تقابلونهم؟
لدينا مقولة في المنصة مفادها أن للجميع الحق في المغادرة أو الحق في البقاء. ولكن نعتبر أن أفضل طريقة للمغادرة هي القيام بذلك بشكل قانوني.
عندما نلتقي بالمهاجرين الذين يريدون الذهاب إلى أوروبا بشكل غير قانوني، فإننا نبلغهم بواقع الطرق والمخاطر التي قد يتعرضون لها. نقدم لهم نصائح بأخذ الماء والطعام على سبيل المثال، وإبلاغ أقاربهم ومعارفهم برحيلهم، وأن يحاولوا التحقق من موثوقية مهرّبهم.
نحاول أيضا ثنيهم عن القيام بذلك، ولكن هذا صعب. ما الذي يمكن قوله لفرد تعرضت عائلته للقتل؟ أو لشخص رهن منزله أو أرضه لتمويل الرحلة؟ أو لأحد أفراد الأسرة الأكبر سنا الذي قرر المغادرة لمساعدة أحبائه ماديا؟ ليس لدينا إجابات على ذلك.
بغض النظر عما نقول لهم، سيحاولون لا سيما وأنهم قدموا تضحيات كثيرة وصولا إلى هنا. ذات مرة، قال لي مهاجر "بدلاً من أن أشاهد الدموع وهي تنهمر من عيني أمي، أفضّل أن يكون البحر هو الذي يشاهد دموعي". كيف يمكن الرد على قول مماثل؟