إنجازات مجموعة الثماني أفضل من سمعتها
١٠ مايو ٢٠٠٧كان ميخائيل جوربتشوف يدرك جيداً لمن سيرسل خطابه. ففي تموز/يوليو 1989 سطر أخر رئيس للإتحاد السوفيتي بيده خطاباً يعلن نهاية "الإمبراطورية السوفييتية". لم تكن الجهة المُرسل إليها منظمة الأمم المتحدة أو البنك الدولي كما قد يظن البعض، حيث حمل المظروف عنوان مقر انعقاد قمة قادة دول ورؤساء حكومات مجموعة الدول الصناعية السبع (آنذاك) المجتمعون في باريس.
لم يلبث أن قرأ هؤلاء الساسة خطاب جوربتشوف ليعدوا بتقديم مليارات الدولارات كدعم مالي لروسيا واستعدادهم لضم روسيا إلى المجموعة. وإذا كان لا يمكن الادعاء بأن مجموعة الدول الصناعية السبع هي صاحبة الفضل في تحول روسيا السلمي المثير للدهشة إلى درب اقتصاد السوق الحر، لا يمكن كذلك القول بأنها كانت تستطيع ذلك بدون دعم المجموعة.
"الملهم العالمي"
واليوم وبعد مرور 18 عاماً على إرسال جوربتشوف لخطابه، يجلس الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين كشريك معتد بنفسه على مائدة اجتماعات مجموعة الثمانية. ولم تعد مشاكل التحولات السياسية والاقتصادية في روسيا ضمن جداول أعمال هذه الاجتماعات، لتحل محلها مواضيع راهنة ملحة كسبل تحرير التجارة العالمية وقضايا دولية كتأمين الطاقة والتغيرات المناخية ومكافحة فيروس نقص المناعة المكتسبة/الإيدز ورفع الديون عن أشد الدول فقراً في العالم. وبناءً على رغبة بوش وميركل وبلير وغيرهم من قادة المجموعة يجب أن تصبح المجموعة بمثابة "نادي للثقة" و"ملهم" للأسرة الدولية في صورة مجموعة منسجمة تدفع عجلة تقدم المجتمع الدولي وتحرك المشاريع والمبادرات العالمية.
أما تنفيذ المشاريع فيدخل "في نطاق عمل المنظمات الدولية كالأمم المتحدة أو البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي"، كما جرت العادة على أن يصرح دبلوماسيو الدول الأعضاء في المجموعة، الأمر الذي يجلب نقدا لها من معارضيها، لاسيما وأن قمم المجموعة تضم ثلث أصحاب الناتج الاجتماعي العالمي، ويجب أن تتمخض عن أكثر من مجرد إعلانات غامضة للنوايا. لكن من المؤكد أن محصلة تاريخ مجموعة الدول الصناعية السبع/الثماني وما حققته من إنجازات أفضل بكثير من سمعتها.
هيوستن بدلاً من كيوتو
من الممكن تسمية برتوكول كيوتو ببرتوكول هيوستن، إذ أنه على الرغم من أن مدينة كيوتو اليابانية شهدت عام 1997 إبرام معاهدة الأمم المتحدة الدولية للحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، إلا أن صياغة البنود السياسية الهامة للمعاهدة تمت في مكان آخر... في قمة مجموعة الثمانية عام 1990 في مدينتي هيوستن وتكساس الأمريكيتين على وجه الدقة. هناك تم الاتفاق على وضع حد لتشهير دول المجموعة بأكبر ملوث للبيئة في العالم – الولايات المتحدة الأمريكية. وفي المقابل وعد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب بمشاركة بلاده في قمة الأرض التي عقدت عام 1992 في رو دي جانيرو، حيث تم وضع حجر الأساس لبروتوكول كيوتو. جون كيرتون العضو في مجموعة بحث متخصصة في شؤون مجموعة الثماني تابعة لجامعة تورنتو يقول إن ذلك كان نجاحا كبيرا، ولم يكن من الممكن حدوثه دون حضور الجانب الأمريكي.
أموال مكافحة الأمراض في العالم
من ناحية أخرى ساهمت المجوعة في مكافحة الأمراض على مستوى العالم. ففي عام 2002 تم إنشاء صندوق صحي عالمي بمبلغ 1،4 مليار دولار لمكافحة أمراض المالاريا والإيدز والسل. كما تم تخصيص مبلغ 900 مليون دولار لدعم المشاريع الصحية في أفريقيا. ناهيك عن أن المجموعة قد حازت عبر مبادرات عديدة على لقب "أكبر جامع للتبرعات في العالم"، كما يقول الباحث في شئون مجموعة الثمانية كيرتون.
إلا أن الأمر يتجاوز الدعم المادي بكثير، فالمجموعة تناقش مواضيع خاصة لا تناقش في أي محفل آخر على مستوى العالم. فـ"من الموضوعات الرئيسية المطروحة للنقاش: الاستثمارات الخاصة وضمان شفافية الأسواق واستقرار أسعار العملات"، كما يقول كيرتون، الذي يؤكد على أنه "ليس هناك منظمة عالمية تشعر بمسئوليتها تجاه مناقشة مثل هذه المواضيع." ناهيك عن أن المجموعة طالما كانت حاضرة عند نشوب أزمات عالمية عديدة، كأزمة النفط عام 1973 أو انهيار نظام بريتون وودز العالمي للمعاملات المالية – وغالباً ما تم التصدي لمثل هذه الأزمات بخيار المحادثات غير الرسمية لأعضاء نادي الثقة العالمي ... أو ما يُعرف بمجموعة الثمانية.