إلى اللقاء- أمريكا وإسرائيل تنسحبان من اليونسكو
٣ يناير ٢٠١٩انتهى الأمر، ولم تعد الولايات المتحدة وإسرائيل عضوين في منظمة اليونسكو. فقد غادر كلا البلدين المنظمة (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة) نهاية عام 2018. وبهذا انتهت علاقة مضطربة بين البلدين وهذه المنظمة العالمية.
اتهمت الدولتان حتى وقت قريب اليونسكو بنهج سياسة متحيزة ضد إسرائيل. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الاسرائيلية يوم الأحد الماضي: "للأسف ، قامت منظمة اليونسكو بالتمييز ضد إسرائيل بشكل منهجي". وتابع المسؤول الإسرائيلي: "اليونسكو يتم استغلالها من أجل كتابة التاريخ من جديد، من قبل أناس يكرهون الشعب اليهودي ودولة اسرائيل".
وكانت الولايات المتحدة وإسرائيل قد أعلنتا قراراهما بالانسحاب في عام 2017. ووفقًا للنظام الأساسي لليونسكو، فإن الانسحاب لا يدخل حيز التنفيذ إلا في نهاية العام التالي، في هذه الحالة، نهاية عام 2018.
تشتهر اليونسكو خصوصا ببرنامجها لحماية التراث العالمي. وهي تسمي مواقع ثقافية تستحق الحماية وتلتزم أيضا بالحفاظ على التقاليد. وفي الوقت نفسه ، تعمل اليونسكو من أجل الدفاع عن حرية الصحافة وتعليم النساء ومكافحة التطرف ومكافحة معاداة السامية.
ويوجد في إسرائيل، التي انضمت إلى اليونسكو في عام 1949، ما مجموعه تسعة مواقع للتراث العالمي، بما في ذلك حدائق البهائيين في حيفا ومنطقة "مسعدة" التوراتية على البحر الميت وما يسمى "المدينة البيضاء" في تل أبيب. المدينة القديمة بالقدس الشرقية هي أيضا موقع تراث عالمي، بيد أنه لا يقال بأن هذه المواقع تنتمي إلى إسرائيل أم لا. بالإضافة إلى ذلك، أعلنت اليونسكو عن ثلاثة أماكن في الأراضي الفلسطينية كمواقع للتراث العالمي.
شكوك حول قرار الانسحاب
وطبقا لما هو حاصل حتى الآن، فلن يكون للانسحاب الإسرائيلي أي تداعيات حقيقية على المواقع التراثية في إسرائيل؛ فإدارة تلك المواقع هي مسؤولية السلطات المحلية. ويبدو أن إسرائيل ستبقى كذلك طرفاً في اتفاقية التراث العالمي.
بعض الإسرائيليين المهتمين بالحفاظ على الآثار يشككون في أن الانسحاب هو الخطوة الصحيحة. ويقول المهندس المعماري جيورا سولار: "لا أعتقد أنه قرار حكيم". سولار قام في السنوات الأخيرة بتجهيز عدة طلبات لمواقع التراث العالمي، ويوضح: "من المؤكد أنِّي أختلف مع العديد من الأصوات في اليونسكو، لكنا عندما ننسحب منها فنحن لا نعاقب سوى أنفسنا، فاليونسكو ذاتها ليست ضد اسرائيل، وإنما الدول الأعضاء هي من تصوت ضد إسرائيل".
خلفية الانسحاب
تعود خلفية الانسحاب من اليونسكو إلى عام 2011. في ذلك الوقت، أصبحت اليونسكو أول منظمة تابعة للأمم المتحدة تقبل فلسطين كعضو كامل العضوية. ونتيجة لذلك، توقفت إدارة أوباما عن دفع مساهماتها السنوية، التي تمثل حوالي 22 بالمائة من الميزانية الإجمالية للمنظمة. فهناك قانون أمريكي ينص على قطع الأموال عن المنظمات التابعة للأمم المتحدة، عندما تعترف بفلسطين كعضو كامل العضوية. كما أوقفت أيضا إسرائيل مساهماتها في اليونسكو.
في عام 2016 استمرت العلاقات الدبلوماسية في التدهور. في ذلك العام أصدرت اليونسكو قرارات تجاهلت علاقات اليهودية بالأماكن المقدسة في القدس، حسبما يقول مسؤولون إسرائيليون. فعلى سبيل المثال، تم ذكر مجمع قبة الصخرة باللغتين العربية والإنجليزية فقط، ودون ذكر للاسم العبري.
حين ذلك قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "إن القول بأن إسرائيل لا علاقة لها بجبل الهيكل، كأنه تقريبا محاولة إعلان أن الصين ليس لديها صلة بسور الصين العظيم وأن مصر لا علاقة لها بالأهرامات". وأضاف نتنياهو "الآن فقدت اليونسكو عموما الشرعية الواهنة، التي لا تزال تمتلكها". كما وصفت اليونسكو إسرائيل بـ"قوة احتلال" وشككت في سياسات البلاد في الأراضي الفلسطينية.
في عام 2017، اعتمدت اليونسكو قراراً آخر، لقي هو أيضا استنكاراً في إسرائيل. فالمنظمة الدولية أعلنت أن البلدة القديمة في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، "منطقة الحرم الإبراهيمي" بما في ذلك المقبرة التي يسميها اليهود بـ"قبر البطاركة" منطقة محمية من بين مناطق التراث العالمي بصفتها موقعاً "يتمتع بقيمة عالمية استثنائية". وأدرجت المكان كمنطقة كفلسطينية فقط وليس كإسرائيلية أيضا. ويتم استخدام المنطقة من قبل أتباع الديانتين، وهناك مداخل منفصلة تقود المسلمين إلى المسجد، وأخرى تقود اليهود إلى الكنيس.
أمريكا تنسحب للمرة الثانية من اليونسكو
وبعد هذا القرار أعلنت الولايات المتحدة أنها تريد الانسحاب من المنظمة. وبررت هذه الخطوة بـ "التحيز، الذي يسود داخل اليونسكو ضد إسرائيل". وعليه أعلنت إسرائيل نفسها أنها كذلك تريد أن تترك المنظمة الدولية.
وسبق للولايات المتحدة أن انسحبت قبل ذلك ذات مرة من اليونسكو، وذلك في عام 1984، في عهد الرئيس الراحل رونالد ريغان. ثم عادت إليها مرة أخرى في عام 2003 تحت رئاسة جورج دبليو بوش، بالضبط في السنة التي تدخلت فيها الولايات المتحدة في العراق. وقد أعلنت واشنطن حينها أنها تريد التأكيد على فكرة التعاون الدولي.
"روح جديدة" غير أنها لا تكفي بعد
تحت إشراف المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي، التي تولت المنصب في نوفمبر 2017، عاد الاحتكاك الدبلوماسي من جديد. لدرجة أنها باشرت محادثات وساطة لإقناع إسرائيل بالبقاء في المنظمة. بالإضافة إلى ذلك، تم إضعاف القرارات نصف السنوية بشأن القدس. وتحدث سفير إسرائيل لدى اليونسكو آنذاك، كارمل شاما هاكوهين عن "روح جديدة" وألمح إلى إمكانية تأجيل خروج بلاده من المنظمة.
وفعلا تم تسجيل خطوات من التقدم لاحقا، غير أن ذلك بم ينل رضا رئيس الوزراء نتنياهو. وفي سبتمبر/ أيلول رفض نتنياهو دعوة للمشاركة في مؤتمر منظمة اليونسكو حول معاداة السامية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقال: "إذا أنهت اليونسكو تحيزها ضد إسرائيل، ولم تعد تنكر التاريخ وعملت من أجل الحقيقة، فإن إسرائيل ستتشرف بالمشاركة من جديد".
تانيا كريمر/ص.ش