إلى أين ستصل رحلات الفضاء المستقبلية؟
٧ أبريل ٢٠١٣
يمكن للباحثين في مجال غزو الفضاء معرفة الكثير عن الأرض انطلاقاً من الفضاء. لذلك تسعى وكالة الفضاء الأوروبية هذا العام لإطلاق العديد من الأقمار الصناعية الخاصة بمراقبة الأرض ورصد تطور عالم النبات ومراقبة التغيرات في المجال المغناطيسي الأرضي.
ومن جهتها، تسمح محطة الفضاء الدولية، التي تواصل التحليق حول الأرض على علو يقارب أربعمئة كيلومتر، للعلماء بتجربة الكثير من الأمور في حالة انعدام الجاذبية. لكنها تبقى بحاجة مستمرة لمزيد من التعزيزات. وهذه ستأتي منتصف يونيو/ حزيران القادم عبر سفينة فضاء أوروبية التي ستُطلق بإشراف من قبل وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) في العام القادم. وبالتعاون بين ناسا والوكالة الأوربية، سيتم تطوير مركبات فضاء جديدة مستقبلاً.
تطوير نظام نقل فضائي مأهول
رائد الفضاء السابق والمدير الحالي لرحلات الفضاء المأهولة في وكالة الفضاء الأوروبية، الألماني توماس رايتر، متحمس جداً للأمر، لأن النموذج الجديد من سفن الفضاء الذي يجري تطويره، واسمه "أوريون"، مؤهل ليس لنقل الأغراض فقط - ولكن أيضاً لنقل البشر. ويقول رايتر في هذا الصدد: "هذا التعاون مع وكالة ’ناسا’ تحديداً هو شيء مميز جداً، لأنها المرة الأولى التي نلعب فيها دوراً إلى جانب ’ناسا’ في مجال حساس يتعلق بتطوير نظام نقل فضائي مأهول".
و تساهم الوكالة الأوروبية في تجهيز الوحدة المركزية لسفينة "أوريون"، الذتي تحوي النظم التي ستحفظ حياة رواد الفضاء، مثل التحكم بالهواء ودرجة الحرارة. والشيء المثير في هذه المركبات التي يجري تطويرها الآن هو أنها لن تُستخدم لإطلاق الرحلات إلى المحطة الدولية فقط، بل ستسخدم في رحلات بعيدة أيضاً. وهذا ما يؤكده توماس رايتر، الذي يقول: "إن أول رحلتي اختبار ستكونان حول القمر. والسؤال بعدها، إلى أين ستكون رحلات المستقبل؟ هناك احتمالات مختلفة، أحدها هو إطلاق رحلات إلى نقاط لاغرانج، وهي نقاط ينعدم فيها تأثير جاذبية الأرض والقمر على أجرام سماوية أخرى".
كبسولة أوريون خطوة لاكتشاف الكون
سميت هذه النقاط تيمناً بالفلكي جززيف لويس دو لاغرانج، هي مناسبة لتكون بمثابة قواعد لإطلاق رحلات أخرى أبعد مدى، إلى المريخ مثلاً. ولا توجد حالياً خطط ملموسة لإطلاق بعثات مأهولة إلى القمر أو المريخ، لا في أوروبا أو في أمريكا، إلا أن تطوير كبسولة أوريون الفضائية مجرد خطوة من خطوات صغيرة للبشرية لاستكشاف الكون، كما يشدد على ذلك يوهان فورنر، رئيس وكالة الفضاء الأوروبية. ويقول فورنر: "لا حدود لفضول الإنسان، على الأقل في مرحلة الشباب – وبعض العلماء يحتفظون بهذا الفضول الكبير حتى سن الشيخوخة. هذا الفضول كبير جداً لدرجة أنه يريد استكشاف عوالم بعيدة. وبالفعل هناك دائماً نتائج مفاجئة تعود بها هذه البعثات".
ومن بين هذه النتائج أن الأطباء قد استفادوا كثيراً من رحلات الفضاء إلى المحطة الدولية "آي آي إس"، فباتوا يعرفون الكثير عن جهاز المناعة أو الملح في جسم الإنسان. فصار الإنسان عبر رحلات الفضاء موضوع بحث طبي، وهذا هو أحد الأسباب التي دفعت مركز الفضاء الألماني إلى إنشاء مركز أبحاث في مدينة كولونيا لبحوث البيئة والمحيط الخارجي في ظروف فيزيائية مختلفة، مثل الدراسات المتعلقة بالنوم في ظروف غير عادية، إذ يتم بحث تأثير النوم في حالة الضوضاء على الجسم، إضافة إلى بحث أثر الرحلات الطويلة على الإنسان في ظل انخفاض الضغط الجوي.