رياح شديدة وفيضانات عارمة تهدد شمال أـلمانيا
٢ نوفمبر ٢٠٠٦تعرضت ألمانيا أمس الأربعاء لأعاصير شديدة ضربت مناطقها الشمالية بشكل خاص. وتسبب إعصار "بريتا" بوقوع أضرار كبيرة في منطقة سكسونيا السفلى، حيث وصلت سرعة الرياح إلى أكثر من 150كلم/ الساعة. وحسب مصادر دائرة الأرصاد الجوية الألمانية فإن هذا الإعصار كان الأقوى منذ عقود. وقد وصلت الأمواج العاتية التي ضربت الشواطئ إلى أكثر من خمسة عشر مترا في بعض المناطق, وفي هذا الإطار، أوضح الخبير في شؤون الأرصاد الجوية، جيمس هوفمان بأن هذا القياس يشكل "علامة فارقة" في تاريخ الأعاصير التي تعرضت لها ألمانيا. كما أوضح بأن "التغيرات المصاحبة لهذا الإعصار ستكون الأسوأ"، إذ يمكن أن تتساقط الثلوج وأن يتشكل الصقيع بسبب انخفاض الحرارة الشديد. ومن أجل مواجهة أثر هذا الإعصار دعا الخبير الألماني، إلى ضرورة الاستعداد بدرجة عالية من الجاهزية وليس كما كان عليه الأمر سابقا.
وتوقعت السلطات المحلية في أن تصل قوة الفيضانات التي سيسببها الإعصار إلى رقم قياسي لم تشهده مناطق الشمال الألماني منذ أكثر من مئة عام. وفي السياق ذاته أطلقت سلطات الأرصاد الجوية تحذيراتها من أن قوة الفيضان قد تكون لم تصل ذروتها بعد. وحسب المعلومات التي ذكرتها السلطات المحلية فإن السدود حتى هذه اللحظة استطاعت أن تصمد أمام هذه العاصفة وان تستوعب كمية المياه الواردة إليها.
الاستعدادات
وقد استكملت مدينة هامبورغ الألمانية استعداداتها لمواجهة كل الاحتمالات لهذا الإعصار، إذ أعلنت المدينة حالة الطوارئ في كل الأجهزة الخدماتية. ويندرج في هذا الإطار الجاهزية الكبيرة للطوارئ والإسعاف والدفاع المدني والمرافق الصحية وإلى غير ذلك من الفرق الفنية، بالإضافة إلى تشكيل غرف طوارئ لمتابعة كل التطورات وتنسيق الجهود من أجل الوصول إلى مناطق الدمار وتقديم المساعدة للمواطنين. وحسب دائرة الأرصاد الجوية، فقد تم تسجيل أعلى مستوى للأمواج في منطقة نومالنول حيث وصلت إلى أكثر من خمسة أمتار. وفي إطار استعدادها لمواجهة هذا التحدي البيئي، أعلنت دائرة الطوارئ والدفاع المدني في المدينة عن اتخاذها لجميع التدابير والاحتياطيات اللازمة من أجل إغلاق ميناء هامبورغ وإخلائه تبعا لتطورات الأوضاع. كما قامت قوات الطوارئ بتدعيم الجدران الاستنادية وأسقف المنازل في الأحياء المعرضة للخطر من أجل مواجهة الرياح ومنع تدفق المياه إلى المنازل والشوارع. وبدورها أغلقت الشرطة العديد من المقاطع الرئيسة في شوارع المدينة.
وفي إطار جملة الاستعدادات كانت قوات الطوارئ قد طالبت ليلة أمس السكان في أحياء معينة بإخلاء الشوارع من المركبات والمواقف العامة، خوفا من الفيضانات. هذا وقد شهد ميناء هامبورغ عددا من الحوادث، حيث أدت الرياح العاتية والأمواج المتلاطمة إلى قلب سفينة شحن، تم إنقاذ أفراد طاقمها. وحسب مصادر الدفاع المدني، فإن العديد من الأسواق قد غمرت بالمياه ومن أهمها سوق السمك المشهورة في هذه المدينة، حيث وصل ارتفاع منسوب المياه فيها إلى أكثر من متر.
فوضى في سكسونيا السفلى
وضرب أمس إعصار بريتا العديد من المناطق في هذه الولاية، كما أدى الى اقتلاع الأشجار وسقوطها على العديد من المركبات مما أدى إلى إصابة عدد كبير من الأشخاص، حسب مصادر الشرطة. كما دفعت الأعاصير القوية في مدينة بريمن ومينائها الشرطة إلى إخلاء العديد من المنازل وكذلك إلى نقل العديد من المركبات إلى مناطق آمنة، خوفا عليها من الانجراف. وعلاوة على ذلك، تسبب هذا الإعصار في انهيار منشأة نفطية قبالة السواحل النرويجية ولم يصب أحد بأذى جرّاء ذلك، كما أعلن متحدث باسم الشرطة.
ومن ناحية أخرى أثارت هذا الأحداث فضول بعض الناس الذين جابهوا هذا الإعصار بكاميرات الفيديو لالتقاط العديد من المشاهد التي ستؤرخ يوما ما لإعصار بهذا الحجم، حيث عبر العديد من المواطنين عن ابتهاجهم لأخذ بعض الصور المثيرة لهذا الإعصار، غير آبهين بالمخاطر التي قد يتعرضون لها.
جنوب المانيا
أما في ولاية بافاريا جنوب ألمانيا فقد عانت من سوء الأحوال الجوية أيضا، فقد تساقطت فيها الثلوج كما انخفضت درجات الحرارة إلى مستويات متدنية مقارنة مع تسجيلات العام الماضي. وقال احد العاملين في الأرصاد الجوية من معهد ميثوميديا للأرصاد الجوية بأن "بافاريا ستشهد في الأيام القادمة انخفاضا غير مسبوق في درجات الحرارة لمثل هذا الشهر."
ذكريات الإعصار المدمر عام 1962
هذا الإعصار الذي يشهده شمال ألمانيا وخاصة مدينة هامبورغ يعيد إلى أذهان سكان المدينة ذكرى الإعصار المدمر عام 1962، وهو الأمر الذي أثار خشيتهم من أن يعيد التاريخ نفسه عندما فقدت هامبورغ آنذاك أكثر من 300 شخص. ولكن سلطات المدينة تبدو اليوم مستعدة لمواجهة تبعات إعصار بريتا. وفي هذا الإطار، تم زيادة تحصينات السدود وزيادة ارتفاعها وتزويد أجهزة الإنقاذ والدفاع المدني بأحدث الوسائل والتقنيات.