إعادة التوطين في الغرب أمل يداعب مخيلة اللاجئين
١٨ مارس ٢٠١٩نحو 5.6 مليون لاجئ سوري يعيشون اليوم في تركيا ولبنان والأردن ومصر والعراق، من بينهم مليون طفل سوري وُلدوا في تلك الدول. أحوالهم المعيشية تدهورت مع بقائهم في المنفى لفترة طويلة ومعظمهم يعيش تحت خط الفقر. ما سبق من معلومات صرح بها نهاية العام الماضي أمين عوض مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
وناشدت المفوضية المانحين تقديم 5.5 مليار دولار لمساعدة الدول المجاورة في توفير الدعم الصحي والمياه والصرف الصحي والغذاء والتعليم والدعم النفسي والاجتماعي للاجئين السوريين.
مغامرة محفوفة بالموت
ما سبق مجرد جزء بسيط من الصورة المرعبة لأوضاع الكثير من اللاجئين السوريين والعراقيين في الشرق الأوسط. ومن هنا فإن حلم الوصول إلى الطرف الآخر من المتوسط إلى أوروبا وحتى إلى أقاصي المعمورة في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا أصبح ساكناً مخيلة الكثير من اللاجئين. يسلك البعض دروب الهجرة غير الشرعية، إلا أن تلك الدروب محفوفة بالمخاطر والبحر لا يؤتمن جانبه. ففي مستهل العام الجاري أعلنت مفوضية اللاجئين أن عدد المهاجرين أو المفقودين خلال محاولتهم العبور من البحر المتوسط إلى أوروبا العام المنصرم بلغ 2262 قتيلاً أو مفقوداً.
غير أن الشجاعة أو حتى النقود قد تنقص البعض وتحول دون إقدامه على مغامرة محفوفة بالغرق. ومن هنا فإنهم يقصدون أبواب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين على أمل إدراجهم في برامج إعادة التوطين.
"أعطونا وطناً"
وصلت عدة مناشدات إلى البريد الإلكتروني لـ"مهاجر نيوز" من لاجئين في تركيا يطالبون بإيصال صوتهم للمفوضة السامية. س. أ قالت إنها وزوجها وطفلها هربوا من العراق إلى تركيا على خلفية "تهديدات أمنية من ميلشيات طائفية على أمل أن يتم إعادة توطينهم لاحقاً في بلد غربي"، راجية نقل صوتهم إلى الأمم المتحدة والمفوضية السامية.
كما قال بعض من أرسل إلينا مناشداً من تركيا إن لديه أطفال معاقين بحاجة لعلاج "عاجل وماس". من هؤلاء أ.ش التي قالت إنها وزوجها وخمسة أطفال عالقون في تركيا منذ 2015 ولا يمكنهم العودة إلى العراق. وتابعت أن أحد الأطفال عاجز بنسبة 41 في المائة وآخر بنسبة 53 في المائة. وأضافت أن "المستقبل مجهول والموت يلاحقنا (...) أعطونا وطناً لنعمل وندرس ونعيش فيه حياة كريمة".
بيد أن البون بين الحلم والواقع يبقى شاسعاً. والمفوضية لا تملك عصا سحرية تمكنها من حل كل مشاكل اللاجئين ولا تأمين إعادة توطينهم كلهم في الغرب. وكشفت المتحدثة باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان، ليزا أبو خالد، لـ"مهاجر نيوز" أن المفوضية تقدمت في عام 2018 بأكثر من 81300 طلب إعادة توطين للدول المستقبلة. وأضافت أنه وفي نفس العام استفاد 55 ألف لاجئ من برامج المفوضية لإعادة التوطين وجاء السوريون في المقدمة من حيث جنسية المستفيدين من برامج إعادة التوطين وبواقع 28200، ومن ثم مواطنو جمهورية الكونغو الديمقراطية بعدد بلغ 21800، ومن ثم الأريتيريون والأفغان بواقع 4000 من كل جنسية.
ومن لبنان وصلتنا رسالة بالبريد الإلكتروني من م.ح.ح قال إنه "عسكري منشق عن النظام السوري ومصاب في ذراعه الأيمن وحياته مهددة بالخطر من أحزاب في لبنان"، على حد تعبيره. وكان أمين عوض مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة قد تطرق لقضية المنشقين عن الجيش في معرض حديثه عن عقبات تحول دون عودة اللاجئين إلى سوريا. ويخشى كل المنشقين تقريباً العودة إلى سوريا خوفاً من أعمال انتقامية وعقابية. وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يبلغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان 997 ألف لاجئ حتى نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، إضافة إلى لاجئين سوريين غير مسجلين لدى المفوضية.
المتحدثة الأممية ليزا أبو خالد قالت لمهاجر نيوز، إنه من حيث البلدان التي تم منها عملية إعادة التوطين فقد حل لبنان في المرتبة الأولى بحوالي 10000 لاجئ، ومن ثم تركيا بواقع 9000، وبعدها الأردن بحوالي 5000، ومن ثم أوغندا بواقع 4000، والأرقام تعود جميعها للعام 2018.
لمن الأولوية في إعادة التوطين؟
الدول المستقبلة هي التي تحدد عدد اللاجئين الذين تريد إعادة توطينهم وليس للمفوضية أي سلطة إلزامية على تلك الدول بهذا الشأن. في أيلول/ سبتمبر الماضي رفضت مفوضية الأمم المتحدة انتقاد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خفض سقف عدد اللاجئين المسموح به قائلة إن من حق الولايات المتحدة أن تحدد سياستها. وكان وزير الخارجية مايك بومبيو قد قال قبل ذلك إن الولايات المتحدة ستضع سقفاً لعدد اللاجئين الذين ستسمح بدخولهم عند 30 ألف لاجئ خلال السنة المالية 2019 وذلك في تراجع حاد عن السقف الذي وضعته لسنة 2018 وهو 45 ألفاً. وكان السقف الذي وضع العام الماضي عند 45 ألف لاجئ هو الأدنى منذ عام 1980.
المتحدثة باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان، ليزا أبو خالد، قالت إن الاختيار يتم حسب الحالات "الأكثر حاجة" ووفق المعايير التالية: المحتاجون لحماية قانونية وجسدية، والناجون من العنف والتعذيب، والمحتاجون للعناية الطبية، والنساء والفتيات المعرضات للخطر، الأطفال والمراهقون المعرضون للخطر، والمفتقدون للآفاق المستقبلية، والمحتاجون للمّ الشمل العائلي. وشددت المسؤولة الأممية على أن الأولوية تعطى للحالات "الملحة والعاجلة".
وأشارت الإحصاءات الأوروبية أن دول الاتحاد الأوروبي الـ28 منحت عام 2017 حق إعادة التوطين لـ 24155 لاجئاً يعيشون في أماكن الأزمات أو بالقرب منها.