إشارات متعارضة من أوروبا إزاء ليبيا
٢٥ مايو ٢٠١٦بدأت النوايا الجريئة لدى أوروبا في دعم الحكومة الجديدة التي تدعمها الأمم المتحدة في ليبيا تتعثر مع مقاومة فرنسا وألمانيا لدور أكبر في إعادة بناء الدولة الفاشلة التي مازالت تعاني من آثار حملة قصف جوي نفذها الغرب عام 2011 للمساعدة في الإطاحة بالعقيد الراحل معمر القذافي.
وكان الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو) قد قالا إنهما على استعداد لمساعدة حكومة الوفاق في طرابلس إذا ما طلبت المساعدة في التصدي للمهربين الذين يرسلون المهاجرين عبر البحر المتوسط إلى أوروبا.
وتواجه طرابلس تهديدا آخر من مقاتلي "تنظيم الدولة الإسلامية" الذين استغلوا الصراع بين حكومتين متنافستين في توسيع نطاق نفوذهم.
رسائل حكومة طرابلس
وبعث رئيس الوزراء الليبي فايز سراج بطلب عام في رسالة يلتمس فيها تدريب قوات الأمن، غير أن ألمانيا وفرنسا تريدان الآن تدخل الأمم المتحدة أولا وهو أمر من المستبعد أن تؤيده روسيا لأنها تشعر أن الغرب بالغ في تدخله عام 2011.
وقد أشارت ألمانيا إلى أن حلف الأطلسي قد يحتاج إلى دعوة من الاتحاد الأوروبي لمد يد المساعدة في ليبيا. وقال ماتيا توالدو الخبير في الشأن الليبي بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "الأوروبيون أصبح عندهم الآن ما طلبوه ،أي حكومة وحدة وفاق من العاصمة. وعليهم أن يحرصوا ألا يرهقوها بمطالب غير واقعية من إنهاء أزمة المهاجرين إلى هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية."
وتخشى ألمانيا التقيد بالتزام طويل الأمد، إذ قال دبلوماسيون إنها عمدت إلى تخفيف الصياغة في بيان لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع بإصرارها على أن يسعى الاتحاد للحصول على موافقة مجلس الأمن الدولي على وقف تهريب السلاح حتى في أعالي البحار.
أما فرنسا فقد قالت صحيفة "لوموند" في فبراير شباط إنها أرسلت قوات خاصة ووحدات كوماندوس تابعة للمخابرات لتنفيذ عمليات سرية تستهدف "الدولة الإسلامية" في ليبيا.
غير أن دبلوماسيين فرنسيين في بروكسل يتوخون الحذر بدرجة أكبر فيما يتعلق بدور كبير لحلف شمال الأطلسي وذلك رغم تحذير أطلقته الشهر الماضي فيديريكا موغيريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي من احتمال تحرك نحو 450 ألف لاجئ من ليبيا إلى أوروبا.
ويبدو أن نشر قوات مقاتلة من حلف الأطلسي أمر غير وارد. وقال مسؤول فرنسي رفيع يشارك في رسم السياسة الخاصة بليبيا "نحن نتطلع لدور داعم. دور يتفادى لفت الأنظار. فالمخاطر حقيقية جدا ومواردنا متواضعة."
وتتناقض هذه التعليقات مع الزخم الذي شهده مقر كل من الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي في بروكسل وفي عشاء خاص لوزراء الخارجية والدفاع بالاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ شارك فيه ممثلون لمهام بحرية وأمنية في ليبيا. وقال دبلوماسي رفيع بحلف شمال الأطلسي "يبدو أن الوضع غير خطير بما يكفي لكي نتحرك. نحن بحاجة لأزمة حقيقية."
وقد أدى الانزلاق إلى حالة من الفوضى على مدى السنوات الخمس الماضية في ليبيا التي لا تبعد سوى 480 كيلومترا عن الساحل الأوروبي إلى تحولها لمركز من مراكز تنظيم "الدولة الإسلامية" ونقطة انطلاق للمهاجرين من جنوب الصحراء الافريقية بمساعدة المهربين.
لكن فشل التدخل الغربي عام 2011 سيظل له تأثيره على المسؤولين الغربيين حتى في الوقت الذي تحث فيه الولايات المتحدة الأوروبيين على القيام بدور أكبر في تأمين المنطقة. وقال المسؤول الدفاعي بالاتحاد الأوروبي "واشنطن تقول لنا إن الحدود الجنوبية لأوروبا تنتهي في الصحراء لا في البحر المتوسط."
"فراغ أمني"
وتريد بريطانيا والولايات المتحدة دورا أكبر بكثير لحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي وقد حث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حلف الأطلسي على معاونة المهمة البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي "صوفيا" في البحر المتوسط للتصدي للمهربين.
ويقول نواب في بريطانيا إن المهمة البحرية الأوروبية في البحر المتوسط محدودة للغاية ولن يكون لها تأثير على المهربين ولن تستطيع تدمير القوارب والإمساك بالمهربين أو منع المهاجرين من محاولة الوصول إلى أوروبا بحرا من ليبيا.
وجاء في تقرير برلماني بريطاني هذا الشهر أن "عمل البعثة في أعالي البحار فقط يجعلها عاجزة عن تعطيل شبكات المهربين التي تعيش على الفراغ السياسي والأمني في ليبيا وتمتد عبر أفريقيا." ودافع آلان لو روي الأمين العام للخدمة الخارجية في الاتحاد الأوروبي عن مهمة صوفيا وقال إنه تم القبض على أكثر من 80 مهربا وتدمير ما يصل إلى 200 قارب.
وقد وافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على تدريب قوات بحرية وخفر السواحل من ليبيا في المياه الدولية. وقال الأميرال إنريكو كريدندينو الايطالي الجنسية قائد مهمة صوفيا لصحيفة "لا ريبوبليكا" اليوم الأربعاء إن من الممكن تدريب خفر السواحل في 14 أسبوعا.
وعلى الأرض تقود الولايات المتحدة وايطاليا القوة الاستعمارية السابقة في ليبيا الدعوات المطالبة بالتحرك وقد أبدت روما استعدادها لإرسال حوالي خمسة آلاف جندي لمساعدة ليبيا. وتعمل واشنطن على تطوير خيارات عسكرية من بينها نشر قوات أمريكية خاصة للتصدي لمقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية".
أما ألمانيا فلا تريد أن تطأ أقدام جنودها التراب الليبي غير أنها على استعداد لإحياء برنامج لحرس الحدود من الاتحاد الأوروبي في تونس.
م.س/ح.ع.ح (رويترز)